responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 4  صفحه : 75
فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: إنِّي أُجِيزُ اعْتِبَارَ الْمَعَانِي وَالْقِيَاسَ عَلَيْهَا فِي الطَّلَاقِ دُونَ الْعَتَاقِ، وَفِي الصَّلَاةِ دُونَ الزَّكَاةِ، لَكَانَ قَوْلُهُ سَاقِطًا مَرْذُولًا. كَذَلِكَ مَنْ أَجَازَ اعْتِبَارَ الْمَعَانِي، وَأَجْرَى الْحُكْمَ عَلَيْهَا فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ، وَمَنَعَ فِي بَعْضِهَا، مِمَّا شَارَكَهُ فِي الْمَعْنَى، فَقَوْلُهُ سَاقِطٌ. وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ جِهَةِ حُجَجِ الْعُقُولِ فِي إثْبَاتِ الْقِيَاسِ، فَإِنَّمَا تَكَلَّمَ بِهِ قَوْمٌ عُقَلَاءُ (قَدْ) أَثْبَتُوا حُجَجَ الْعُقُولِ، وَأَحْكَامَهَا. فَأَمَّا مَنْ أَنْزَلَ نَفْسَهُ مَنْزِلَةَ الْبَهِيمَةِ وَقَالَ: بَلْ عَلَى الْعُقُولِ. وَنَفَى أَنْ تَكُونَ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ دَلَائِلَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّهُ جَدِيرٌ بِالتُّهْمَةِ بِالْإِسْلَامِ، وَأَنْ يَكُونَ مِنْ دُسُسِ الْمُلْحِدِينَ وَالزَّنَادِقَةِ، فِي الصَّرْفِ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى التَّوْحِيدِ، وَعَلَى أَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِثْلُهُ إنَّمَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ الْقَوْلُ بِحُجَجِ الْعُقُولِ، بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ، عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي بَابِهِ.
ثُمَّ يَلْزَمُ اعْتِبَارُهُ فِي أَحْكَامِ الْحَوَادِثِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا، وَتَكَلَّمَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِعُمُومِ الْآيَاتِ الَّتِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا فِي الْأَمْرِ بِالِاعْتِبَارِ وَالِاسْتِدْلَالِ. فَالرَّدُّ إلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِلَى الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِذَا لَمْ نَجِدْ حُكْمَ الْحَادِثَةِ مَنْصُوصًا فِي الْكِتَابِ، عَلِمْنَا وُجُوبَ الرَّدِّ إلَيْهِمَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، إذْ قَدْ ثَبَتَ اعْتِبَارُ الْمَعَانِي بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِهَا، وَإِنْ حُكِمَ بِهَا فِي أَشْخَاصٍ بِأَعْيَانِهِمْ، وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ مِمَّا يَعْتَرِفُ هُوَ بِلُزُومِهِ وَثُبُوتِ حُجَّتِهِ مِنْ الْعُمُومِ وَظَوَاهِرِ الْأَسْمَاءِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. وَقَدْ كَانَ أَبُو الْحَسَنِ يَحْتَجُّ لِإِثْبَاتِ الْقِيَاسِ: بِأَنَّهُ مَا مِنْ حَادِثَةٍ، إلَّا وَلِلَّهِ تَعَالَى فِيهَا حُكْمٌ. إمَّا بِحَظْرٍ، أَوْ إبَاحَةٍ، أَوْ إيجَابٍ، فَلَا يَخْلُو حِينَئِذٍ الْحُكْمُ فِيهَا مِنْ أَنْ يَكُونَ مُسْتَدْرَكًا مِنْ طَرِيقِ النَّصِّ، أَوْ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ النَّصِّ، فَيُرَدُّ إلَى النَّصِّ، وَيُبْنَى عَلَيْهِ. فَلَمَّا امْتَنَعَ وُجُودُ النَّصِّ فِي جَمِيعِ الْحَوَادِثِ - لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَنْصُوصًا عَلَى حُكْمِهَا - لَمَا كَانَتْ حَوَادِثَ، وَلَكَانَتْ أُصُولًا، وَلِأَنَّا لَمْ نَجِدْ فِي سَائِرِ الْحَوَادِثِ نُصُوصًا، وَلِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ وُجُودُ النَّصِّ فِيهَا، إذْ كَانَتْ الْحَوَادِثُ لَا غَايَةَ لَهَا (يُحِيطُ عِلْمُنَا) (بِهَا) - ثَبَتَ أَنَّ أَحْكَامَ الْحَوَادِثِ كُلَّهَا لَيْسَتْ مَنْصُوصًا عَلَيْهَا.

نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 4  صفحه : 75
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست