responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام نویسنده : ابن أمير حاج    جلد : 2  صفحه : 148
فَلَمْ يَعِبْ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ» وَيُوَضِّحُهُ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ «حَمْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجِدُ فِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِيَ رُخْصَةٌ مِنْ اللَّهِ فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ وَصَامَ هُوَ فِي السَّفَرِ أَيْضًا» كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ فَبَحَثْنَا عَنْ ذَلِكَ فَظَهَرَ أَنَّهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الرُّخْصَةِ لَمْ يَتَمَحَّضْ فِي الْفِطْرِ بَلْ فِي الْعَزِيمَةِ مَعْنَاهَا أَيْضًا وَهُوَ مُوَافَقَةُ الصَّائِمِينَ وَلِيُوَطِّنَ النَّفْسَ عَلَى صَوْمِ أَيَّامِ رَمَضَانَ وَكُلُّ مَا وُطِّنَتْ عَلَيْهِ النَّفْسُ خَفَّ أَمْرُهُ عَلَيْهَا فَكَانَ فِي تَمَحُّضِ مَعْنَى الرُّخْصَةِ فِي الْفِطْرِ تَرَدُّدٌ إذَا لَمْ يَسْتَضِرَّ بِهِ فَإِذَا اسْتَضَرَّ تَمَحَّضَ حِينَئِذٍ فِي الْفِطْرِ مَعْنَى الرُّخْصَةِ (فَلَوْ مَاتَ بِهَا) أَيْ بِالْعَزِيمَةِ (أَثِمَ) لِقَتْلِهِ نَفْسَهُ بِلَا مُبِيحٍ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فَصَامَ النَّاسُ، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَشَرِبَهُ فَقِيلَ لَهُ إنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ فَقَالَ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ» فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ اسْتَضَرُّوا بِهِ بِدَلِيلِ مَا فِي لَفْظٍ لَهُ فَقِيلَ لَهُ إنَّ النَّاسَ قَدْ شُقَّ عَلَيْهِمْ الصَّوْمُ (وَالْعَزِيمَةُ ذَلِكَ الْحُكْمُ) الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَخْفِيفًا لِحُكْمٍ (فَيُقَيَّدُ) ذَلِكَ الْحُكْمُ (بِمُقَابَلَةِ رُخْصَةٍ وَقَدْ لَا يَتَقَيَّدُ) بِمُقَابَلَةِ رُخْصَةٍ (فَيُقَالُ مَا) أَيْ حُكْمٌ (شُرِعَ ابْتِدَاءً غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِالْعَوَارِضِ) أَيْ غَيْرُ مَبْنِيٍّ عَلَى أَعْذَارِ الْعِبَادِ وَهُوَ إيضَاحٌ لِابْتِدَائِيَّةِ شَرْعِيَّةِ الْحُكْمِ فَخَرَجَتْ الرُّخْصَةُ وَعَمَّتْ الْعَزِيمَةُ مَا كَانَ هَكَذَا مِمَّا كَانَ فِي مُقَابَلَةِ رُخْصَةٍ أَوْ لَا فِي مُقَابَلَتِهَا (وَتُعْرَفُ الرُّخْصَةُ بِمَا تَغَيَّرَ مِنْ عُسْرٍ إلَى يُسْرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ) وَهُوَ إيضَاحٌ لِمَا تَغَيَّرَ لِلْعِلْمِ مِنْ السِّيَاقِ أَنَّ الْمُرَادَ حُكْمُ تَغَيُّرٍ إلَخْ.

(وَقُسِّمَ كُلٌّ) مِنْ الْعَزِيمَةِ وَالرُّخْصَةِ بِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ (أَرْبَعَةً) مِنْ الْأَقْسَامِ فَقُسِّمَتْ (الْعَزِيمَةُ إلَى فَرْضِ مَا) أَيْ حُكْمٌ (قُطِعَ بِلُزُومِهِ) مَأْخُوذٌ (مِنْ فَرْضٍ قُطِعَ وَوَاجِبِ مَا) أَيْ حُكْمٍ (ظُنَّ) لُزُومُهُ سُمِّيَ وَاجِبًا (لِسُقُوطِ) أَيْ وُقُوعِ (لُزُومِهِ عَلَى الْمُكَلَّفِ) جَبْرًا (بِلَا عِلْمٍ) لَهُ بِثُبُوتِهِ الْعِلْمِ الْقَطْعِيِّ فَهُوَ يَتَحَمَّلُهُ بِدُونِ اخْتِيَارِهِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِلُزُومِهِ لَهُ قَطْعًا بِخِلَافِ الْفَرْضِ فَإِنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ عِلْمُهُ بِهِ قَطْعًا يَتَحَمَّلُهُ بِاخْتِيَارِهِ وَشَرْحِ صَدْرِهِ فَهُوَ مَأْخُوذٌ (مِنْ وَجَبَ سَقَطَ وَالشَّافِعِيَّةُ) بَلْ الْجُمْهُورُ الْفَرْضُ وَالْوَاجِبُ اسْمَانِ (مُتَرَادِفَانِ) لِفِعْلٍ مَطْلُوبٍ طَلَبًا جَازِمًا (وَلَا يُنْكِرُونَ) أَيْ الشَّافِعِيَّةُ بَلْ الْجُمْهُورُ (انْقِسَامَ مَا لَزِمَ) فِعْلُهُ الَّذِي هُوَ مَعْنَى طَلَبِهِ طَلَبًا جَازِمًا (إلَى قَطْعِيٍّ) أَيْ ثَابِتٍ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ دَلَالَةً وَسَنَدًا (وَظَنِّيٍّ) أَيْ ثَابِتٍ بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ دَلَالَةً وَسَنَدًا أَوْ دَلَالَةً لَا سَنَدًا وَبِالْقَلْبِ (وَلَا) يُنْكِرُونَ (اخْتِلَافَ حَالِهِمَا) أَيْ الْقَطْعِيِّ وَالظَّنِّيِّ مِنْ حَيْثُ الْإِكْفَارُ وَعَدَمُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي أَنَّ الِاسْمَيْنِ هَلْ هُمَا لِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي ذَاتِهِ تَتَفَاوَتُ أَفْرَادُهُ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ بِالنَّظَرِ إلَى طَرِيقِ ثُبُوتِهِ أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا لِفَرْدٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى بِاعْتِبَارٍ فِي طَرِيقِ ثُبُوتِهِ حَتَّى إنَّ النِّزَاعَ إنَّمَا يَكُونُ فِي مُجَرَّدِ اخْتِصَاصِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِاسْمٍ مِنْ ذَيْنِك الِاسْمَيْنِ وَإِنَّ تَسْمِيَتَهُ بِهِ حَقِيقَةٌ اصْطِلَاحِيَّةٌ دُونَ الْآخَرِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى الْأَوَّلِ وَالْحَنَفِيَّةُ إلَى الثَّانِي (فَهُوَ) نِزَاعٌ (لَفْظِيٌّ) كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ.
(غَيْرَ أَنَّ إفْرَادَ كُلِّ قِسْمٍ بِاسْمٍ أَنْفَعُ عِنْدَ الْوَضْعِ) لِمَوْضُوعِ الْمَسْأَلَةِ (لِلْحُكْمِ) عَلَيْهِ فَإِنَّك حِينَئِذٍ تَضَعُ الْفَرْضَ مَوْضُوعَ مَسْأَلَةٍ لِتَحْكُمَ عَلَيْهِ بِمَا يُنَاسِبُهُ وَتَضَعَ الْوَاجِبَ لِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا اسْمٌ وَاحِدٌ يَعُمُّ مَعْنَيَيْنِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْ فَإِنَّك تَضَعُ أَحَدَ الْقِسْمَيْنِ مُعَبِّرًا عَنْهُ بِاسْمِهِ الَّذِي يَخُصُّهُ لِتَحْكُمَ عَلَيْهِ بِمَا يُنَاسِبُهُ مِنْ الْحُكْمِ بِحَسَبِ طَرِيقِ ثُبُوتِهِ قَطْعًا أَوْ ظَنًّا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى نَصْبِ قَرِينَةٍ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْقِسْمُ الَّذِي طَرِيقُ ثُبُوتِهِ قَطْعِيٌّ أَوْ ظَنِّيٌّ لِدَلَالَةِ لَفْظِهِ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ كِلَا الِاسْمَيْنِ لِلْقِسْمَيْنِ فَإِنَّ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا يَحْتَاجُ إلَى نَصْبِ قَرِينَةٍ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الِاسْمِ قِسْمٌ مُعَيَّنٌ مِنْهُمَا (وَإِلَى سُنَّةِ الطَّرِيقَةِ الدِّينِيَّةِ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ) الْخُلَفَاءِ (الرَّاشِدِينَ أَوْ بَعْضِهِمْ) الَّتِي يُطَالَبُ الْمُكَلَّفُ بِإِقَامَتِهَا مِنْ غَيْرِ افْتِرَاضٍ وَلَا وُجُوبٍ فَيَخْرُجُ الْفَرْضُ وَالْوَاجِبُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُفْصِحُ عَنْ هَذَا لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ مَقُولَةٌ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى مَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ

نام کتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام نویسنده : ابن أمير حاج    جلد : 2  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست