responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام نویسنده : ابن أمير حاج    جلد : 2  صفحه : 147
وَمَعْنًى فَكَانَ جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ فَكَانَ شَهِيدًا كَمَا فِي الْجِهَادِ مَعَ الْكُفَّارِ ثُمَّ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَا رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «أَخَذَ الْمُشْرِكُونَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ فَلَمْ يَتْرُكُوهُ حَتَّى سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَذَكَرَ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ فَلَمَّا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَا وَرَاءَك قَالَ شَرٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تُرِكَتْ حَتَّى نِلْت مِنْك وَذَكَرْت آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ قَالَ فَكَيْفَ تَجِدُ قَلْبَك قَالَ مُطْمَئِنًّا بِالْإِيمَانِ قَالَ فَإِنْ عَادُوا فَعُدْ» ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَجْمَعَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ عَلَى أَنَّ قَوْله تَعَالَى {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106] نَزَلَتْ فِي عَمَّارٍ وَمَا رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الْحَسَنِ مُرْسَلًا «أَنَّ عُيُونًا لِمُسَيْلِمَةَ أَخَذُوا رَجُلَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَأْتُوهُ بِهِمَا فَقَالَ لِأَحَدِهِمَا أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَأَهْوَى إلَى أُذُنَيْهِ فَقَالَ إنِّي أَصَمُّ فَأَعَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ مِثْلَهُ فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ، وَقَالَ لِلْآخَرِ أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ فَأَرْسَلَهُ فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْت قَالَ وَمَا شَأْنُك فَأَخْبَرَهُ بِقِصَّتِهِ وَقِصَّةِ صَاحِبِهِ فَقَالَ أَمَّا صَاحِبُك فَمَضَى عَلَى إيمَانِهِ وَأَمَّا أَنْتَ فَأَخَذَتْ بِالرُّخْصَةِ» .
وَأَمَّا قِيَامُ دَلِيلِ الْعَزِيمَةِ فِي الْبَاقِي وَهُوَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْإِحْرَامِ وَالصِّيَامِ إلَى انْتِهَائِهِمَا شَرْعًا عَنْ الْجِنَايَةِ الثَّابِتَةِ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ عَلَى الْإِحْرَامِ وَعَلَى الصِّيَامِ بِمَا يُوجِبُ الْإِفْسَادَ وَالْقِيَامَ بِفَرِيضَةِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأَدَاءِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فِي وَقْتِهَا وَالْكَفِّ عَنْ تَنَاوُلِ مَالِ الْغَيْرِ عَلَى سَبِيلِ الْعُدْوَانِ وَعَدَمِ تَرَاخِي أَحْكَامِ هَذِهِ عَنْ أَدِلَّتِهَا مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ فَمَعْرُوفٌ فِي مَظَانِّهِ، وَإِنَّمَا رَخَّصَ الشَّارِعُ لِلْمُحْرِمِ وَالصَّائِمِ الْمَذْكُورَيْنِ الْإِقْدَامَ عَلَى الْجِنَايَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلِلْخَائِفِ عَلَى نَفْسِهِ التَّلَفَ بِأَمْرِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيِهِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَصَلَاتِهِ الْمَكْتُوبَةِ فِي وَقْتِهَا فِي تَرْكِ ذَلِكَ وَلِلْمُضْطَرِّ فِي تَنَاوُلِ مَالِ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ فِي الْإِقْدَامِ عَلَى الْجِنَايَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَتَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَالصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ وَالْكَفِّ عَنْ تَنَاوُلِ مَالِ الْغَيْرِ فَوَاتَ حَقِّهِمْ صُورَةً وَمَعْنًى وَحَقُّ اللَّهِ لَا يَفُوتُ مَعْنًى مَعَ انْجِبَارِهِ فِي الْإِحْرَامِ بِالْقَضَاءِ وَالدَّمِ أَوْ بِالدَّمِ أَوْ الصَّدَقَةِ، وَفِي الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ بِالْقَضَاءِ وَفِي تَنَاوُلِ مَالِ الْغَيْرِ بِالضَّمَانِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ الْعَزِيمَةُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ أَوْلَى، وَإِنْ لَزِمَ مِنْهَا الْقَتْلُ أَمَّا فِي الْعِبَادَاتِ فَلِبَذْلِ نَفْسِهِ لِلَّهِ لِإِقَامَةِ حَقِّ اللَّهِ وَإِظْهَارِ الصَّلَابَةِ فِي الدِّينِ وَإِعْزَازِهِ. وَأَمَّا فِيمَا فِيهِ حَقُّ الْعِبَادَةِ فَقِيَاسًا عَلَى الْعِبَادَاتِ لِمَا فِيهِ أَيْضًا مِنْ إظْهَارِ الْقُوَّةِ فِي الدِّينِ بِبَذْلِ نَفْسِهِ فِي الِاجْتِنَابِ عَنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَلِذَا قَالَ مُحَمَّدٌ فِيهِ كَانَ مَأْجُورًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا وَفِي مَبْسُوطِ خُوَاهَرْ زَادَهْ الْأَصْلُ فِي تَخْرِيجِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ مَا حَرَّمَهُ النَّصُّ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ ثُمَّ أُبِيحَ حَالَةَ الِاضْطِرَارِ وَهُوَ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يَرِدَ الشَّرْعُ بِإِبَاحَتِهِ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَإِبَاحَةِ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ لِلْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ إذَا امْتَنَعَ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ كَانَ آثِمًا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ نَفْسَهُ لَا لِإِعْزَازِ دِينِ اللَّهِ إذْ لَيْسَ فِي التَّوَرُّعِ عَنْ الْمُبَاحِ إعْزَازُ دِينِ اللَّهِ وَمَنْ أَتْلَفَ نَفْسَهُ لَا لِإِعْزَازِ دِينِ اللَّهِ كَانَ آثِمًا وَمَا حَرَّمَهُ النَّصُّ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ وَرَخَّصَ فِيهِ حَالَةَ الِاضْطِرَارِ وَهُوَ لَيْسَ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يَرِدَ الشَّرْعُ بِإِبَاحَتِهِ كَالْكُفْرِ بِاَللَّهِ وَمَظَالِمِ الْعِبَادِ إذَا امْتَنَعَ فَقُتِلَ كَانَ مَأْجُورًا؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ مُهْجَتَهُ لِإِعْزَازِ دِينِ اللَّهِ حَيْثُ تَوَرَّعَ عَنْ ارْتِكَابِ الْمُحَرَّمِ وَكَذَا مَا ثَبَتَ حُرْمَتُهُ بِالنَّصِّ وَلَمْ يَرِدْ نَصٌّ بِإِبَاحَتِهِ حَالَةَ الضَّرُورَةِ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ وَعَلَى الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ لِلْمُقِيمِ الصَّحِيحِ إذَا امْتَنَعَ عَنْ ذَلِكَ فَقُتِلَ كَانَ مَأْجُورًا؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ مُهْجَتَهُ لِإِعْزَازِ دِينِ اللَّهِ وَقَتْلِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ كَذَلِكَ.
(أَوْ) مَا شُرِعَ تَخْفِيفًا لِحُكْمٍ آخَرَ مَعَ اعْتِبَارِ دَلِيلِهِ (مُتَرَاخِيًا) حُكْمُهُ (عَنْ مَحَلِّهَا) أَيْ الرُّخْصَةِ (كَفِطْرِ الْمُسَافِرِ) وَالْمَرِيضِ فِي رَمَضَانَ فَإِنَّ دَلِيلَ وُجُوبِ الصَّوْمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] قَائِمٌ لَكِنْ تَرَاخَى حُكْمُهُ عَنْ مَحَلِّ الرُّخْصَةِ وَهُوَ السَّفَرُ وَالْمَرَضُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] (وَالْعَزِيمَةُ) فِي هَذَا النَّوْعِ (أَوْلَى مَا لَمْ يَسْتَضِرَّ) بِهَا نَظَرًا إلَى قِيَامِ السَّبَبِ وَهُوَ مَحْمَلُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ «كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ

نام کتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام نویسنده : ابن أمير حاج    جلد : 2  صفحه : 147
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست