responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأشباه والنظائر نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 1  صفحه : 7
فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُ تَكَلُّمٌ بِحَقٍّ لَا نَفَاذَ لَهُ، لَا يَمْنَعُكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ، رَاجَعْتَ فِيهِ نَفْسَكَ، وَهُدِيتَ فِيهِ لِرُشْدِكَ، أَنْ تُرَاجِعَ الْحَقَّ، فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ، وَمُرَاجَعَةُ الْحَقِّ خَيْرٌ مِنْ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ، الْفَهْمَ الْفَهْمَ فِيمَا يَخْتَلِجُ فِي صَدْرِكَ، مِمَّا لَمْ يَبْلُغْكَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، اعْرِفْ الْأَمْثَالَ وَالْأَشْبَاهَ ثُمَّ قِسْ الْأُمُورَ عِنْدَكَ، فَاعْمِدْ إلَى أَحَبِّهَا إلَى اللَّهِ وَأَشْبَهِهَا بِالْحَقِّ، فِيمَا تَرَى ".
هَذِهِ قِطْعَة مِنْ كِتَابه، وَهِيَ صَرِيحَة فِي الْأَمْر بِتَتَبُّعِ النَّظَائِر وَحِفْظهَا، لِيُقَاسَ عَلَيْهَا مَا لَيْسَ بِمَنْقُولٍ.
وَفِي قَوْله: " فَاعْمِدْ إلَى أَحَبِّهَا إلَى اللَّهِ وَأَشْبَهِهَا بِالْحَقِّ " إشَارَة إلَى أَنَّ مِنْ النَّظَائِر مَا يُخَالِف نَظَائِره فِي الْحُكْم لِمُدْرَكٍ خَاصٍّ بِهِ وَهُوَ الْفَنّ الْمُسَمَّى بِالْفُرُوقِ، الَّذِي يُذْكَر فِيهِ الْفَرْق بَيْن النَّظَائِر الْمُتَّحِدَة تَصْوِيرًا وَمَعْنًى، الْمُخْتَلِفَة حُكْمًا وَعِلَّة.
وَفِي قَوْله: " فِيمَا تَرَى " إشَارَة إلَى أَنَّ الْمُجْتَهِد إنَّمَا يُكَلَّف بِمَا ظَنَّهُ صَوَابًا، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُدْرِك الْحَقّ فِي نَفْس الْأَمْر، وَلَا أَنْ يَصِلَ إلَى الْيَقِين، وَإِلَى أَنَّ الْمُجْتَهِد لَا يُقَلِّد غَيْره.

[الْكِتَاب الْأَوَّل: فِي شَرْح الْقَوَاعِد الْخَمْس الَّتِي تَرْجِع إلَيْهَا جَمِيع مَسَائِل الْفِقْه]
الْكِتَاب الْأَوَّل
فِي شَرْح الْقَوَاعِد الْخَمْس الَّتِي ذَكَرَ الْأَصْحَاب أَنَّ جَمِيع مَسَائِل الْفِقْه تَرْجِع إلَيْهَا حَكَى الْقَاضِي أَبُو سَعِيدٍ الْهَرَوِيُّ: أَنَّ بَعْض أَئِمَّة الْحَنَفِيَّة بِهَرَاةَ بَلَغَهُ أَنَّ الْإِمَام أَبَا طَاهِرٍ الدَّبَّاسَ إمَام الْحَنَفِيَّة بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، رَدَّ جَمِيع مَذْهَب أَبِي حَنِيفَة إلَى سَبْع عَشْرَة قَاعِدَة، فَسَافَرَ إلَيْهِ. وَكَانَ أَبُو طَاهِرٍ، ضَرِيرًا وَكَانَ يُكَرِّرُ كُلَّ لَيْلَةٍ تِلْكَ الْقَوَاعِدِ بِمَسْجِدِهِ بَعْدَ أَنْ يَخْرُجَ النَّاسُ مِنْهُ فَالْتَفَّ الْهَرَوِيُّ بِحَصِيرٍ، وَخَرَجَ النَّاسُ، وَأَغْلَقَ أَبُو طَاهِرٍ الْمَسْجِدَ وَسَرَدَ مِنْ تِلْكَ الْقَوَاعِدِ سَبْعًا، فَحَصَلَتْ لِلْهَرَوِيِّ سَعْلَةٌ فَأَحَسَّ بِهِ أَبُو طَاهِرٍ فَضَرَبَهُ وَأَخْرَجَهُ مَنْ الْمَسْجِد، ثُمَّ لَمْ يُكَرِّرْهَا فِيهِ بَعْد ذَلِكَ، فَرَجَعَ الْهَرَوِيُّ إلَى أَصْحَابه، وَتَلَا عَلَيْهِمْ تِلْكَ السَّبْع. قَالَ الْقَاضِي أَبُو سَعِيدٍ: فَلَمَّا بَلَغَ الْقَاضِي حُسَيْنًا ذَلِكَ رَدَّ جَمِيع مَذْهَب الشَّافِعِيِّ إلَى أَرْبَع قَوَاعِد:
الْأُولَى: الْيَقِين لَا يُزَال بِالشَّكِّ. وَأَصْل ذَلِكَ قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إنَّ الشَّيْطَانَ لَيَأْتِي أَحَدَكُمْ وَهُوَ فِي صَلَاته، فَيَقُولُ لَهُ: أَحْدَثْتَ فَلَا يَنْصَرِفْ، حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» .
وَالثَّانِيَة: الْمَشَقَّة تَجْلِب التَّيْسِير قَالَ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ» .
الثَّالِثَة: الضَّرَر يُزَال. وَأَصْلُهَا قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» .
الرَّابِعَة: الْعَادَة مُحَكَّمَةٌ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ» انْتَهَى.

نام کتاب : الأشباه والنظائر نویسنده : السيوطي، جلال الدين    جلد : 1  صفحه : 7
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست