responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 6
مَا ذَكَرَهُ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ أَيْضًا مُسْتَغْنِيًا عَنِ التَّحْدِيدِ كَاسْتِغْنَاءِ الْخَبَرِ.
وَهَذَا الْقَائِلُ بِعَيْنِهِ قَدْ عَرَفَ الْأَمْرَ بِالتَّحْدِيدِ، حَيْثُ قَالَ: الْأَمْرُ هُوَ طَلَبُ الْفِعْلِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعْلَاءِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْكَلَامَ إِنَّمَا هُوَ وَاقِعٌ فِي مَفْهُومِ الْخَبَرِ اللَّفْظِيِّ. وَحَقَائِقُ أَنْوَاعِ الْأَلْفَاظِ وَانْقِسَامِهَا إِلَى أَمْرٍ وَنَهْيٍ، وَخَبَرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا سَبِيلَ إِلَى الْقَوْلِ بِكَوْنِهِ مَعْلُومًا بِالضَّرُورَةِ، لِكَوْنِهِ مَبْنِيًّا عَلَى الْوَضْعِ وَالِاصْطِلَاحِ.
وَلِهَذَا، فَإِنَّ الْعَرَبَ لَوْ أَطْلَقُوا اسْمَ الْأَمْرِ عَلَى الْمَفْهُومِ مِنَ الْخَبَرِ الْآنَ، وَاسْمَ الْخَبَرِ عَلَى مَفْهُومِ الْأَمْرِ؛ لَمَا كَانَ مُمْتَنِعًا، وَمَا يَتَبَدَّلُ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الِاصْطِلَاحَاتِ فَالْعِلْمُ بِمَعْنَاهُ لَا يَكُونُ ضَرُورِيًّا.
وَإِذَا عُرِفَ ذَلِكَ فَقَدْ أَجْمَعَ الْبَاقُونَ عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ بِمَفْهُومِ الْخَبَرِ إِنَّمَا يُعْرَفُ بِالْحَدِّ وَالنَّظَرِ، لَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي حَدِّهِ، فَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ كَالْجُبَّائِيِّ وَابْنِهِ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ وَالْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ وَغَيْرِهِمْ: إِنَّ الْخَبَرَ هُوَ الْكَلَامُ الَّذِي يَدْخُلُهُ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ. وَقَدْ أُورِدَ عَلَيْهِ إِشْكَالَاتٌ أَرْبَعَةٌ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ مُنْتَقَضٌ بِقَوْلِ الْقَائِلِ: مُحَمَّدٌ وَمُسَيْلِمَةُ صَادِقَانِ فِي دَعْوَى النُّبُوَّةِ، وَلَا يَدْخُلُهُ الصِّدْقُ، وَإِلَّا كَانَ مُسَيْلِمَةُ صَادِقًا، وَلَا الْكَذِبُ، وَإِلَّا كَانَ مُحَمَّدٌ كَاذِبًا وَهُوَ خَبَرٌ، وَكَذَلِكَ مَنْ كَذَبَ فِي جَمِيعِ أَخْبَارِهِ فَقَالَ: جَمِيعُ أَخْبَارِي كَذِبٌ، فَإِنَّ قَوْلَهُ هَذَا خَبَرٌ، وَلَا يَدْخُلُهُ الصِّدْقُ.
وَإِلَّا كَانَتْ جَمِيعُ أَخْبَارِهِ كَذِبًا، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ أَخْبَارِهِ وَلَا يَدْخُلُهُ الْكَذِبُ، وَإِلَّا كَانَتْ جَمِيعُ أَخْبَارِهِ مَعَ هَذَا الْخَبَرِ كَذِبًا، وَصَدَقَ فِي قَوْلِهِ (جَمِيعُ أَخْبَارِي كَذِبٌ) .
الثَّانِي: أَنَّ تَعْرِيفَ الْخَبَرِ بِمَا يَدْخُلُهُ الصِّدْقُ إِلَى يُفْضِي إِلَى الدَّوْرِ؛ لِأَنَّ تَعْرِيفَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى مَعْرِفَةِ الْخَبَرِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الصِّدْقَ هُوَ الْخَبَرُ الْمُوَافِقُ لِلْمُخْبَرِ، وَالْكَذِبَ بِضِدِّهِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ.
الثَّالِثُ: إِنَّ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ مُتَقَابِلَانِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُمَا فِي خَبَرٍ وَاحِدٍ. وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ إِمَّا امْتِنَاعُ وُجُودِ الْخَبَرِ مُطْلَقًا، وَهُوَ مُحَالٌ، وَإِمَّا وُجُودُ الْخَبَرِ مَعَ امْتِنَاعِ اجْتِمَاعِ دُخُولِ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فِيهِ، فَيَكُونُ الْمَحْدُودُ مُتَحَقِّقًا دُونَ مَا قِيلَ بِكَوْنِهِ حَدًّا لَهُ وَهُوَ أَيْضًا مُحَالٌ.

نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 6
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست