responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 36
وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ، وَنَخُصُّ مَذْهَبَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ خَبَرٍ وَخَبَرٍ كَبَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ، فَهُوَ أَنَّ عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهَ، قَالَ: " مَا حَدَّثَنِي أَحَدٌ بِحَدِيثٍ إِلَّا اسْتَحْلَفْتُهُ سِوَى أَبِي بَكْرٍ " صَدَّقَ أَبَا بَكْرٍ، وَقَطَعَ بِصِدْقِهِ، وَهُوَ وَاحِدٌ.
قُلْنَا: أَمَّا الْآيَاتُ، فَالْجَوَابُ عَنْهَا مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ وُجُوبَ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَاتِّبَاعِهِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ إِنَّمَا كَانَ بِنَاءً عَلَى انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى ذَلِكَ وَالْإِجْمَاعُ قَاطِعٌ، فَاتِّبَاعُهُ لَا يَكُونُ اتِّبَاعًا لِمَا لَيْسَ بِعِلْمٍ، وَلَا اتِّبَاعًا لِلظَّنِّ [1] .
الثَّانِي: أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ الْآيَاتِ إِنَّمَا هُوَ الْمَنْعُ مِنَ اتِّبَاعِ غَيْرِ الْعِلْمِ فِيمَا الْمَطْلُوبُ مِنْهُ الْعِلْمُ، كَالِاعْتِقَادَاتِ فِي أُصُولِ الدِّينِ مِنَ اعْتِقَادِ وُجُودِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَا يَجُوزُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يَجُوزُ، وَيَجِبُ الْحَمْلُ عَلَى ذَلِكَ عَمَلًا بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْأَدِلَّةِ [2] .
وَأَمَّا مَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْقُولِ، فَغَيْرُ لَازِمٍ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْجُمْلَةِ قَدْ يُغَايِرُ حُكْمَ الْآحَادِ، عَلَى مَا سَبَقَ مِرَارًا.
وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي: فَمَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ أَحْكَامَ الشَّرْعِ لَا تُبْنَى عَلَى غَيْرِ الْعِلْمِ، وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، وَعَلَى خِلَافِ إِجْمَاعِ السَّلَفِ قَبْلَ وُجُودِ الْمُخَالِفِينَ.
وَمَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْأَثَرِ، فَغَايَتُهُ أَنْ يَدُلَّ عَلَى أَنَّ عَلِيًّا صَدَّقَ أَبَا بَكْرٍ؛ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، لِحُصُولِ ظَنِّهِ بِخَبَرِهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ دُونَ خَبَرِ غَيْرِهِ لِكَوْنِ مَا اخْتَصَّ بِهِ مِنْ زِيَادَةِ الرُّتْبَةِ وَعُلُوِّ الشَّأْنِ فِي الْعَدَالَةِ وَالثِّقَةِ فِي مُقَابَلَةِ يَمِينِ غَيْرِهِ وَالتَّصْدِيقِ بِنَاءً عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ جَائِزٌ فِي بَابِ الظُّنُونِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الصِّدْقُ مَعْلُومًا.

[1] الْجَوَابُ بِهَذَا الْوَجْهِ فِيهِ تَسْلِيمٌ لِلدَّلِيلِ، وَلَيْسَ عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
[2] قَدْ يُقَالُ أَنَّ كُلًّا مِنَ الْأَدِلَّةِ الْعِلْمِيَّةِ وَالظَّنِّيَّةِ يَثْبُتُ بِهِ أَحْكَامُ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، لَكِنْ تَتَفَاوَتُ أَحْكَامُهُمَا فِي قُوَّةِ الِاعْتِبَارِ فَقَدْ تَبْلُغُ مِنَ الْقُوَّةِ دَرَجَةً تَقْتَضِي كُفْرَ الْمُخَالِفِ بَعْدَ الْبَلَاغِ وَإِقَامَةَ الْحُجَّةِ، وَقَدْ تَكُونُ دُونَ ذَلِكَ، فَيَكْتَفِي بِتَخْطِئَةِ الْمُخَالِفِ، وَمَنْ تَتَبَّعَ مَسَائِلَ الْخِلَافِ فِي التَّوْحِيدِ وَأُصُولِ الْفِقْهِ وَجَدَ كَثِيرًا مِنَ الْأَمْثِلَةِ الَّتِي تُوَضِّحُ مَا ذَكَرْنَا، وَوَجَدَ جَمِيعَ الطَّوَائِفِ تَسْتَدِلُّ عَلَيْهَا بِأَحَادِيثِ الْآحَادِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي الْجَوَابِ إِنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ الْمَنْفِيِّ فِي قَوْلِهِ: (وَلَا تَقْفُ) مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ الرَّاجِحَ، وَبِالظَّنِّ فِي قَوْلِهِ: (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ) الْخَرْصَ وَالتَّخْمِينَ.
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 36
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست