responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 316
قَوْلُهُمْ: إِنَّ حَقَّ الْمُخَصِّصِ أَنْ يَكُونَ مُتَأَخِّرًا عَمَّا خَصَّصَهُ.
قُلْنَا: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُتَأَخِّرًا بِالنَّظَرِ إِلَى ذَاتِهِ أَوْ بِالنَّظَرِ إِلَى صِفَتِهِ، وَهُوَ كَوْنُهُ مُبَيِّنًا وَمُخَصِّصًا، الْأَوَّلُ مَمْنُوعٌ وَالثَّانِي مُسَلَّمٌ.
وَذَلِكَ لِأَنَّ دَلِيلَ الْعَقْلِ وَإِنْ كَانَ مُتَقَدِّمًا فِي ذَاتِهِ عَلَى الْخِطَابِ الْمَفْرُوضِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُوصَفُ قَبْلَ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ مُخَصِّصًا لِمَا لَمْ يُوجَدْ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ مُخَصِّصًا وَمُبَيِّنًا بَعْدَ وُجُودِ الْخِطَابِ.
وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ، فَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُهُ؛ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ بِهِ لَا يُعَدُّ مُتَكَلِّمًا بِكَلَامِ أَهْلِ اللُّغَةِ كَمَا إِذَا قَالَ: إِلَّا زَيْدًا، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: قَامَ الْقَوْمُ.
وَهَذَا بِخِلَافِ التَّخْصِيصِ، فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} وَقَامَ الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِكَلَامِهِ ذَاتَ [1] الْبَارِي - تَعَالَى - فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ الْكَلَامِ عَنْ كَوْنِهِ مُتَكَلِّمًا بِكَلَامِ الْعَرَبِ.
وَأَمَّا امْتِنَاعُ النَّسْخِ بِالْعَقْلِ، فَإِنَّمَا كَانَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ النَّاسِخَ مُعَرِّفٌ لِبَيَانِ مُدَّةِ الْحُكْمِ الْمَقْصُودَةِ فِي نَظَرِ الشَّارِعِ، وَذَلِكَ مَا لَا سَبِيلَ إِلَى الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْلِ بِخِلَافِ مَعْرِفَةِ اسْتِحَالَةِ كَوْنِ ذَاتِ الرَّبِّ - تَعَالَى - مَخْلُوقَةً مَقْدُورَةً.
قَوْلُهُمْ: مَا الْمَانِعُ أَنْ يَكُونَ التَّمَسُّكُ بِدَلِيلِ الْعَقْلِ مَشْرُوطًا بِعَدَمِ مُعَارَضَةِ الْكِتَابِ لَهُ؟
قُلْنَا: إِذَا وَقَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَهُمَا، وَأَحَدُهُمَا مُقْتَضٍ لِلْإِثْبَاتِ وَالْآخَرُ لِلنَّفْيِ، فَلَا سَبِيلَ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ مُوجِبَيْهِمَا؛ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّنَاقُضِ، وَلَا إِلَى نَفْيِهِمَا لِمَا فِيهِ مِنْ وُجُودِ وَاسِطَةٍ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْعَمَلُ بِأَحَدِهِمَا وَالْعَمَلُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ مِمَّا يُبْطِلُ دَلَالَةَ صَرِيحِ الْعَقْلِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَهُوَ مُحَالٌ، وَالْعَمَلُ بِدَلِيلِ الْعَقْلِ لَا يُبْطِلُ عُمُومَ الْكِتَابِ بِالْكُلِّيَّةِ، بَلْ غَايَتُهُ إِخْرَاجُ بَعْضِ مَا تَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ عَنْ كَوْنِهِ مُرَادًا لِلْمُتَكَلِّمِ، وَهُوَ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ فَكَانَ الْعَمَلُ بِدَلِيلِ الْعَقْلِ مُتَعَيِّنًا.

[1] جَرَى عُلَمَاءُ الْكَلَامِ وَالْأُصُولِ عَلَى إِطْلَاقِ كَلِمَةِ ذَاتٍ عَلَى نَفْسِ الشَّيْءِ وَعَيْنِهِ وَحَقِيقَتِهِ، وَأَنْ يُدْخِلُوا عَلَيْهَا الْأَلِفَ وَاللَّامَ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ فَإِنَّ كَلِمَةَ ذَاتٍ هِيَ مُؤَنَّثُ كَلِمَةِ ذُو وَكِلْتَاهُمَا لَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا الْأَلِفُ وَاللَّامُ، وَلَا تُطْلَقُ عَلَى نَفْسِ الشَّيْءِ وَحَقِيقَتِهِ، إِنَّمَا تُنْسَبُ إِلَيْهِ نِسْبَةَ الصِّفَةِ إِلَى الْمَوْصُوفِ، وَتُضَافُ إِلَى مَا لَهَا بِهِ نَوْعُ مُلَابَسَةٍ وَاتِّصَالٍ، وَمَنْ أَرَادَ تَفْصِيلَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ فَلْيَرْجِعْ إِلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي ص 6 - 7 - 8 مِنَ الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ (طَبْعَةَ مُنِيرٍ) ، وَمَا نَقَلَهُ السُّهَيْلِيُّ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ.
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 316
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست