responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 274
قُلْنَا: جَوَابُ الْأَوَّلِ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِ الرَّسُولِ آمِرًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ مُبَلِّغٌ لِأَمْرِ اللَّهِ، وَفَرْقٌ بَيْنَ الْآمِرِ وَالْمُبَلِّغِ لِلْأَمْرِ.
وَلِهَذَا أَعَادَ صِيَغَ الْأَوَامِرِ لَهُ بِالتَّبْلِيغِ كَقَوْلِهِ: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ} ، وَ {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ} وَنَحْوِهِ.
وَجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّهُ مُبَلِّغٌ لِلْأُمَّةِ بِمَا وَرَدَ عَلَى لِسَانِهِ، وَلَيْسَ مُبَلِّغًا لِنَفْسِهِ بِذَلِكَ الْخِطَابِ، بَلْ بِمَا سَمِعَهُ مِنْ جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَجَوَابُ الثَّالِثِ: أَنَّ اخْتِصَاصَهُ بِبَعْضِ الْأَحْكَامِ غَيْرُ مُوجِبٍ لِخُرُوجِهِ عَنْ عُمُومَاتِ الْخِطَابِ.
وَلِهَذَا فَإِنَّ الْحَائِضَ وَالْمَرِيضَ وَالْمُسَافِرَ وَالْمَرْأَةَ كُلَّ وَاحِدٍ قَدِ اخْتَصَّ بِأَحْكَامٍ لَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ فِيهَا، وَلَمْ يَخْرُجْ بِذَلِكَ عَنِ الدُّخُولِ فِي عُمُومَاتِ الْخِطَابِ [1] ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ الْخِطَابُ الْوَارِدُ شِفَاهًا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ هَلْ يَخُصُّ الْمَوْجُودِينَ فِي زَمَنِهِ فقط]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ (2)
الْخِطَابُ الْوَارِدُ شِفَاهًا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَوَامِرُ الْعَامَّةُ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) ، وَ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) وَنَحْوِهِ هَلْ يَخُصُّ الْمَوْجُودِينَ فِي زَمَنِهِ أَوْ هُوَ عَامٌّ لَهُمْ وَلِمَنْ بَعْدَهُمْ؟ اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَذَهَبَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا وَأَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْمُعْتَزِلَةُ إِلَى اخْتِصَاصِهِ بِالْمَوْجُودِينَ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ فِي حَقِّ مَنْ بَعْدَهُمْ إِلَّا بِدَلِيلٍ آخَرَ.
وَذَهَبَتِ الْحَنَابِلَةُ وَطَائِفَةٌ مِنَ السَّالِفِينِ وَالْفُقَهَاءِ إِلَى تَنَاوُلِ ذَلِكَ لِمَنْ وُجِدَ بَعْدَ عَصْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
حُجَّةُ النَّافِينَ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُخَاطَبَةَ شِفَاهًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) ، وَ (وَيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) تَسْتَدْعِي كَوْنَ الْمُخَاطَبِ مَوْجُودًا أَهْلًا لِلْخِطَابِ إِنْسَانًا مُؤْمِنًا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي وَقْتِ الْخِطَابِ لَمْ يَكُنْ مُتَّصِفًا بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ، فَلَا يَكُونُ الْخِطَابُ مُتَنَاوِلًا لَهُ [3] .

[1] انْظُرْ جَوَابَهُ عَنِ الدَّلِيلِ الثَّالِثِ مَعَ مَا سَبَقَ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ مِنِ اسْتِدْلَالِهِ بِالتَّفَاوُتِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمَّتِهِ فِي الْأَحْوَالِ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ دُخُولِ أُمَّتِهِ مَعَهُ فِي الْخِطَابِ الْخَاصِّ بِهِ
(2) انْظُرِ الْخِلَافَ فِي جَوَازِ تَكْلِيفِ الْمَعْدُومِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ مَسَائِلِ الْأَصْلِ الرَّابِعِ فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ
[3] إِنَّمَا تَسْتَدْعِي الْمُخَاطَبَةُ شِفَاهًا بِمِثْلِ قَوْلِهِ - تَعَالَى -: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) ، وَقَوْلِهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) كَوْنَ الْمُخَاطَبِ مَوْجُودًا مُؤَهَّلًا وَقْتَ الْخِطَابِ إِذَا أُرِيدَ وَصْفُهُ بِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ شِفَاهًا، أَمَّا إِذَا أُرِيدَ مُجَرَّدُ تَنَاوُلِ الْخِطَابِ وَالْحُكْمِ التَّكْلِيفِيِّ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُشَافَهًا بِالْخِطَابِ فَذَلِكَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِهِ وَقْتَ الْخِطَابِ فَضْلًا عَنْ أَهْلِيَّتِهِ لَهُ، بَلْ يَكْفِي فِي تَنَاوُلِهِ لَهُ وَتَكْلِيفِهِ بِهِ أَنْ يَنْطَبِقَ عَلَيْهِ اللَّقَبُ الَّذِي نُودِيَ بِهِ عِنْدَ وُجُودِهِ وَأَهْلِيَّتِهِ لِلْخِطَابِ فِي زَمَنٍ مَا وَلَوْ بَعْدَ صُدُورِ الْخِطَابِ بِآلَافِ السِّنِينَ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَكُونُ مُكَلَّفًا بِمَا تَضَمَّنَهُ ذَلِكَ الْخِطَابُ دُونَ حَاجَةٍ إِلَى دَلِيلٍ خَارِجٍ.
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 274
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست