responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 253
وَفِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا قَوْلُ الرَّاوِي: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ» ، فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ وُقُوعَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ الْأُولَى، وَيُحْتَمَلُ وُقُوعُهُ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ، وَلَيْسَ فِي نَفْسِ وُقُوعِ الْفِعْلِ مَا يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِهِ فِيهِمَا، بَلْ فِي أَحَدِهِمَا.
وَالتَّعَيُّنُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الدَّلِيلِ.
وَأَمَّا وُقُوعُ ذَلِكَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَكَرِّرًا عَلَى وَجْهٍ يَعُمُّ سَفَرَ النُّسُكِ وَغَيْرِهِ، فَلَيْسَ أَيْضًا فِي نَفْسِ وُقُوعِ الْفِعْلِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، بَلْ إِنْ كَانَ وَلَا بُدَّ فَاسْتِفَادَةُ ذَلِكَ إِنَّمَا هِيَ مِنْ قَوْلِ الرَّاوِي: كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ.
وَلِهَذَا فَإِنَّهُ إِذَا قِيلَ: كَانَ فُلَانٌ يُكْرِمُ الضَّيْفَ يُفْهَمُ مِنْهُ التَّكْرَارُ دُونَ الْقُصُورِ عَلَى الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ.
وَعَلَى هَذَا أَيْضًا يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاجِبًا كَانَ عَلَيْهِ أَوْ جَائِزًا لَهُ لَا عُمُومَ لَهُ بِالْإِضَافَةِ إِلَى غَيْرِهِ، بَلْ هُوَ خَاصٌّ فِي حَقِّهِ إِلَّا أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ مِنْ خَارِجٍ عَلَى الْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ، كَمَا لَوْ صَلَّى وَقَالَ: صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ [1] .
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى تَعْمِيمِ سُجُودِ السَّهْوِ فِي كُلِّ سَهْوٍ، بِمَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ سَهَا فِي الصَّلَاةِ فَسَجَدَ، وَكَذَلِكَ اتَّفَقُوا عَلَى تَعْمِيمِ مَا نُقِلَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: " كُنْتُ أَفْرُكُ الْمَنِيِّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ " فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ، حَتَّى إِنَّ الشَّافِعِيَّ اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى طِهَارَةِ مَنِيِّ الْآدَمِيِّ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى جَوَازِ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْفَرْكِ فِي حَقِّ غَيْرِ النَّبِيِّ مَعَ حُكْمِهِ بِنَجَاسَتِهِ.

[1] أَفْعَالُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ كَانَتْ فِي ذَاتِهَا لَا عُمُومَ لَهَا إِلَّا أَنَّ صُدُورَهَا عَنْهُ بِصِفَتِهِ رَسُولًا مُشَرِّعًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا شَرِيعَةٌ عَامَّةٌ لِأُمَّتِهِ، وَأَنَّ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِيهَا إِلَّا مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) ، وَقَوْلُهُ: (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْكَثِيرَةِ كِتَابًا وَسُنَّةً وَإِجْمَاعًا، وَعَلَيْهِ لَا حَاجَةَ إِلَى دَلِيلٍ خَاصٍّ فِي كُلِّ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَى مُسَاوَاةِ أُمَّتِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 253
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست