responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 233
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ يَكُونُ حُجَّةً فِي أَقَلِّ الْجَمْعِ وَلَا يَكُونُ حُجَّةً فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ.
وَاتَّفَقَ الْكُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَامَّ لَوْ خُصَّ تَخْصِيصًا مُجْمَلًا، فَإِنَّهُ لَا يَبْقَى حُجَّةً كَمَا لَوْ قَالَ: اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ إِلَّا بَعْضَهُمْ.
وَالْمُخْتَارُ صِحَّةُ الِاحْتِجَاجِ بِهِ فِيمَا وَرَاءَ صُوَرِ التَّخْصِيصِ، وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ الْأَصْحَابِ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ: اللَّفْظُ الْعَامُّ كَانَ مُتَنَاوِلًا لِلْكُلِّ بِالْإِجْمَاعِ، فَكَوْنُهُ حُجَّةً فِي كُلِّ قِسْمٍ مِنْ أَقْسَامِ ذَلِكَ الْكُلِّ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا عَلَى كَوْنِهِ حُجَّةً فِي الْقِسْمِ الْآخَرِ، أَوْ عَلَى كَوْنِهِ حُجَّةً فِي الْكُلِّ أَوْ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ كَوْنُهُ حُجَّةً فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَقْسَامِ مَشْرُوطًا بِكَوْنِهِ حُجَّةً فِي الْقِسْمِ الْآخَرِ فَهُوَ دَوْرٌ مُمْتَنِعٌ، وَإِنْ كَانَ كَوْنُهُ حُجَّةً فِي بَعْضِ الْأَقْسَامِ مَشْرُوطًا بِكَوْنِهِ حُجَّةً فِي قَسَمٍ آخَرَ وَلَا عَكْسَ، فَكَوْنُهُ حُجَّةً فِي ذَلِكَ الْقِسْمِ الْآخَرِ يَبْقَى بِدُونِ كَوْنِهِ حُجَّةً فِي الْقَسَمِ الْمَشْرُوطِ، وَلَيْسَ بَعْضُ الْأَقْسَامِ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنَ الْبَعْضِ مَعَ تَسَاوِي نِسْبَةِ اللَّفْظِ الْعَامِّ إِلَى كُلِّ أَقْسَامِهِ.
وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَهُوَ أَيْضًا بَاطِلٌ، لِأَنَّ كَوْنَهُ حُجَّةً فِي الْكُلِّ يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِهِ حُجَّةً فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأَقْسَامِ، لِأَنَّ الْكُلَّ لَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا عِنْدَ تَحَقُّقِ جَمِيعِ الْأَفْرَادِ، وَذَلِكَ أَيْضًا دَوْرٌ مُمْتَنِعٌ.
وَإِذَا بَطَلَ الْقِسْمَانِ ثَبَتَ كَوْنُهُ حُجَّةً فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَقْسَامِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى كَوْنِهِ حُجَّةً فِي الْقِسْمِ الْآخَرِ، وَلَا عَلَى الْكُلِّ ثَبَتَ كَوْنُهُ حُجَّةً فِي الْبَعْضِ الْمُسْتَبْقِي، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ حُجَّةً فِي غَيْرِهِ.
وَهَذِهِ الْحُجَّةُ مَعَ طُولِهَا ضَعِيفَةٌ جِدًّا إِذْ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: مَا الْمَانِعُ مِنْ صِحَّةِ تَوَقُّفِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَقْسَامِ عَلَى الْآخَرِ، أَوْ عَلَى الْكُلِّ مَعَ التَّعَاكُسِ؟
قَوْلُهُ إِنَّهُ دَوْرٌ مُمْتَنِعٌ مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ مُمْتَنِعًا إِذَا كَانَ التَّوَقُّفُ تَوَقُّفَ مَعِيَّةٍ أَوْ تَوَقُّفَ تَقَدُّمٍ؟ [1] الْأَوَّلُ مَمْنُوعٌ وَالثَّانِي مُسَلَّمٌ.
وَلَكِنْ لِمَ قُلْتَ بِأَنَّ التَّوَقُّفَ هَاهُنَا بِجِهَةِ التَّقَدُّمِ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ بَيَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ.

[1] الدَّوْرُ نَوْعَانِ سَبْقِيٌّ وَمَعِيٌّ، فَالسَّبْقِيُّ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا الْقَبْلِيُّ هُوَ تَوَقُّفُ الشَّيْءِ عَلَى مَا تُوُقِّفَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قِسْمَانِ: مُصَرَّحٌ وَمُضْمَرٌ، فَالْمُصَرَّحُ مَا كَانَتِ الْوَاسِطَةُ فِيهِ وَاحِدَةً مِثَالُهُ أَنْ يُقَالَ مَثَلًا: خَالِدٌ أَوْجَدَ بَكْرًا وَبَكْرٌ أَوْجَدَ خَالِدًا، فَبَكْرٌ مُتَوَقِّفٌ فِي وُجُودِهِ عَلَى خَالِدٍ وَخَالِدٌ مُتَوَقِّفٌ فِي وُجُودِهِ عَلَى بَكْرٍ، فَالْوَاسِطَةُ وَاحِدَةٌ وَيُقَالُ لِمِثْلِ هَذَا دَوْرٌ بِمَرْتَبَةٍ، وَالْمُضْمَرُ مَا كَانَتِ الْوَاسِطَةُ فِيهِ أَكْثَرَ مِثَالِهِ: أَنْ يُقَالَ مَثَلًا: خَالِدٌ أَوُجَدَ بَكْرًا، وَبَكْرٌ أَوْجَدَ عَلِيًّا، وَعَلِيٌّ أَوْجَدَ خَالِدًا، فَفِي هَذَا الْمِثَالِ تَوَقَّفَ وُجُودُ خَالِدٍ عَلَى نَفْسِهِ بِوَاسِطَتَيْنِ بَكْرٍ وَعَلِيٍّ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ بِمَرْتَبَتَيْنِ، وَكُلَّمَا زَادَتِ الْوَسَائِطُ كَانَتِ الْمَرَاتِبُ بِحَسَبِهَا، وَهَذَا الدَّوْرُ بِقِسْمَيْهِ بَاطِلٌ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّنَاقُضِ إِذْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ سَابِقًا لَا سَابِقًا مُؤَثِّرًا لَا مُؤَثِّرًا إِلَخْ، بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ غَيْرَ نَفْسِهِ ضَرُورَةَ التَّغَايُرِ بَيْنَ الْمُتَقَدِّمِ وَالْمُتَأَخِّرِ وَالْأَثَرِ وَالْمُؤَثِّرِ، أَمَّا الدَّوْرُ الْمَعِيُّ فَمِثْلُ تَوَقُّفِ كُلٍّ مِنَ الْأُبُوَّةِ وَالْبُنُوَّةِ عَلَى الْآخَرِ، فَلَا تُعْقَلُ أُبُوَّةٌ إِلَّا مَعَ عَقْلِ بُنُوَّةٍ، وَلَا بُنُوَّةٌ إِلَّا مَعَ عَقْلِ أُبُوَّةٍ، وَلَا يُوجَدُ كُلٌّ مِنْهُمَا إِلَّا مَعَ وُجُودِ الْآخَرِ دُونَ تَقَدُّمٍ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَجُودًا وَتَعَقُّلًا، وَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِضَافَاتِ وَهِيَ أُمُورٌ اعْتِبَارِيَّةٌ لَا وُجُودَ لَهَا، وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا لَيْسَ عِلَّةً فِي وُجُودِ الْآخَرِ وَلَا مَعْلُولًا لَهُ، بَلْ كِلَاهُمَا أَثَرٌ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهُمَا
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 233
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست