responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 190
وَبِمِثْلِ ذَلِكَ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُسَاوِيًا [1] فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَاجِحًا عَلَى مَقْصُودِ الصِّحَّةِ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ امْتِنَاعُ الصِّحَّةِ وَامْتِنَاعُ انْعِقَادِ التَّصَرُّفِ لِإِفَادَةِ أَحْكَامِهِ، وَإِلَّا كَانَ الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ خَلِيًّا عَنْ حِكْمَةٍ وَمَقْصُودٍ، ضَرُورَةَ كَوْنِ مَقْصُودِهَا مَرْجُوحًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ، وَإِثْبَاتُ الْحُكْمِ خَلِيًّا عَنِ الْحِكْمَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مُمْتَنِعٌ لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.
فَإِنْ قِيلَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنْ كَوْنِ النَّهْيِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ لُغَةً مُعَارَضٌ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ.
وَبَيَانُهُ مِنْ جِهَةِ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَالْمَعْنَى.
أَمَّا مِنْ جِهَةِ النَّصِّ فَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» " وَفِي رِوَايَةٍ: " «أَدْخَلَ فِي دِينِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» " وَالْمَرْدُودُ مَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَلَا مَقْبُولٍ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَنْهِيَّ لَيْسَ بِمَأْمُورٍ وَلَا هُوَ مِنَ الدِّينِ فَكَانَ مَرْدُودًا.
وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَهُوَ أَنَّ الصَّحَابَةَ اسْتَدَلُّوا عَلَى فَسَادِ الْعُقُودِ بِالنَّهْيِ، فَمِنْ ذَلِكَ احْتِجَاجُ ابْنِ عُمَرَ عَلَى فَسَادِ نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ مُنْكِرٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا.
وَمِنْهَا احْتِجَاجُ الصَّحَابَةِ عَلَى فَسَادِ عُقُودِ الرِّبَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} ، وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ وَلَا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ» " الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ.
وَأَمَّا الْمَعْنَى فَمِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّا أَجْمَعْنَا عَلَى حَمْلِ بَعْضِ الْمَنَاهِي عَلَى الْفَسَادِ كَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْجُزْءِ الْمَجْهُولِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُقْتَضَى النَّهْيِ لَكَانَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَكَانَ مُقْتَضَى النَّهْيِ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ الْفَسَادُ حَيْثُ وُجِدَ، وَإِلَّا كَانَ فِيهِ نَفْيُ الْمَدْلُولِ مَعَ تَحَقُّقِ دَلِيلِهِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مُخَالِفٌ لِلْأَصْلِ.
الثَّانِي: النَّهْيُ مُشَارِكٌ لِلْأَمْرِ فِي الطَّلَبِ وَالِاقْتِضَاءِ وَمُخَالِفٌ لَهُ فِي طَلَبِ التَّرْكِ، وَالْأَمْرُ دَلِيلُ الصِّحَّةِ فَلْيَكُنِ النَّهْيُ دَلِيلُ الْفَسَادِ الْمُقَابِلِ لِلصِّحَّةِ، ضَرُورَةَ كَوْنِ النَّهْيِ مُقَابِلًا لِلْأَمْرِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ أَحَدِ الْمُتَقَابِلَيْنِ مُقَابِلًا لِحُكْمِ الْآخَرِ.

[1] أَيْ لِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ تَرْجِيحِ أَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ بِلَا مُرَجِّحٍ
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 190
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست