responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 149
لِأَنَّ حَمْلَ الطَّلَبِ عَلَى النَّدْبِ مَعْنَاهُ، افْعَلْ إِنْ شِئْتَ، وَهَذَا الشَّرْطُ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي الطَّلَبِ فَيَمْتَنِعُ حَمْلُ الطَّلَبِ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً فِي الْوُجُوبِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْأَمْرَ مُقَابِلٌ لِلنَّهْيِ، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي تَرْكَ الْفِعْلِ وَالِامْتِنَاعِ مِنَ الْفِعْلِ جَزْمًا، فَالْأَمْرُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُقْتَضِيًا لِلْفِعْلِ وَمَانِعًا مِنَ التَّرْكِ جَزْمًا.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ جَمِيعِ أَضْدَادِهِ، وَالنَّهْيُ عَنْ أَضْدَادِهِ مِمَّا يَمْنَعُ مِنْ فِعْلِهَا، وَذَلِكَ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ دُونَ فِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ، فَكَانَ وَاجِبًا.
وَأَيْضًا فَإِنَّ حَمْلَ الْأَمْرِ عَلَى الْوُجُوبِ أَحْوَطُ لِلْمُكَلَّفِ ; لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ لِلْوُجُوبِ فَقَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ الرَّاجِحُ وَأَمِنَ مِنْ ضَرَرِ تَرْكِهِ، وَإِنْ كَانَ لِلنَّدْبِ فَحَمْلُهُ عَلَى الْوُجُوبِ يَكُونُ أَيْضًا نَافِعًا غَيْرَ مُضِرٍّ، وَلَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى النَّدْبِ، لَمْ نَأْمَنْ مِنَ الضَّرَرِ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ وَاجِبًا لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ الرَّاجِحِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمَنْدُوبَ دَاخِلٌ فِي الْوَاجِبِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ، فَحَمْلُ الْأَمْرِ عَلَى الْوُجُوبِ لَا يَفُوتُ مَعَهُ الْمَقْصُودُ مِنَ النَّدْبِ، بِخِلَافِ الْحَمْلِ عَلَى النَّدْبِ، فَكَانَ حَمْلُهُ عَلَى الْوُجُوبِ أَوْلَى.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْأَمْرَ مَوْضُوعٌ لِإِفَادَةِ مَعْنًى، وَهُوَ إِيجَادُ الْفِعْلِ، فَكَانَ مَانِعًا مِنْ نَقِيضِهِ كَالْخَبَرِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْأَمْرَ بِالْفِعْلِ يُفِيدُ رُجْحَانَ وُجُودِ الْفِعْلِ عَلَى عَدَمِهِ، وَإِلَّا كَانَ مَرْجُوحًا أَوْ مُسَاوِيًا، وَلَوْ كَانَ مَرْجُوحًا لَمَا أَمَرَ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِخْلَالِ بِالْمَصْلَحَةِ الزَّائِدَةِ فِي التَّرْكِ وَالْتِزَامِ الْمُفْسِدَةِ الرَّاجِحَةِ فِي الْفِعْلِ، وَهُوَ قَبِيحٌ، وَلَوْ كَانَ مُسَاوِيًا لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ بِهِ أَوْلَى مِنَ النَّهْيِ عَنْهُ، وَذَلِكَ أَيْضًا قَبِيحٌ.
وَإِذَا كَانَ رَاجِحًا، فَلَوْ جَازَ تَرْكُهُ، لَزِمَ مِنْهُ الْإِخْلَالُ بِأَرْجَحِ الْمَقْصُودَيْنِ، وَهُوَ قَبِيحٌ، فَلَا يَرِدُ بِهِ الشَّرْعُ فَتَعَيَّنَ الِامْتِنَاعُ مِنَ التَّرْكِ، وَهُوَ مَعْنَى الْوُجُوبِ.
وَالْجَوَابُ مِنْ جِهَةِ الْإِجْمَالِ، وَالتَّفْصِيلِ، أَمَّا الْإِجْمَالُ فَهُوَ أَنَّ جَمِيعَ مَا ذَكَرُوهُ لَا خُرُوجَ لَهُ عَنِ الظَّنِّ، وَإِنَّمَا يَكُونُ مُفِيدًا فِيمَا يُطْلَبُ فِيهِ الظَّنُّ فَقَطْ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ [1] .
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ; «نَحْنُ نَحْكُمُ بِالظَّاهِرِ» " [2] فَظَنِّي فِي صِحَّةِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ، فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ.

[1] انْظُرْ مَا تَقَدَّمَ تَعْلِيقًا فِي ص 119 ج2
[2] انْظُرْ مَا سَبَقَ تَعْلِيقًا فِي ص 119 ج2
نام کتاب : الإحكام في أصول الأحكام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن    جلد : 2  صفحه : 149
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست