بإمكانية تصحيح الأحاديث وتحسينها وتضعيفها من طرف المتأخرين، من خلال النظر والبحث في أسانيدها المشكلة برواة عصر الرواية، إذا كانت منصوصة وثابتة في الكتب المصادر المعتمدة، ولا شك أن هذه النصوص وغيرها تصبح لغوا وعديمة المعنى، لو كان قصد ابن الصلاح هو إطلاق المنع على جميع الأحاديث.
يضاف إلى هذا أن الأحاديث والآثار حين استقرت في ثنايا أمهات الكتب التي تم نقلها عن مؤلفيها جيلا عن جيل وفق الشروط التي اخترعت بغية توفير الضمانات الكافية أثناء النقل، لئلا يقع فيها تصحيف أو تزوير أو انتحال، وأصبحت تلك الكتب صالحة للرجوع إليها والاعتماد عليها في تلقي الآثار والأقوال.. كل ذلك يجعل عملية تصحيح تلك الأحاديث أو تضعيفها ممكنا جدا، ولا يحتاج إلا إلى القدرة العلمية التي تؤهل صاحبها للنظر في أسانيد تلك الأحاديث التي يرويها المؤلفون في عصر الرواية، ولم يعد لاعتبار السند الذي تنقل به تلك الكتب دور ولا أثر يذكر.
وبما أن قوله: " ما من إسناد من ذلك إلا ونجد في رجاله من اعتمد في روايته على ما في كتابه عريا عما يشترط في الصحيح من الحفظ والضبط والإتقان لا يمكن حمله إلا على سلسلة الأسانيد التي تتداول في مرحلة ما بعد الرواية، تحقق أن الإمام ابن الصلاح لم يقصد بمنع التصحيح إلا الأحاديث التي تروى في "الأجزاء" و"المشيخات" ونحوها بأسانيد طويلة