التي ساقها لتدعيم دعواه، وتخصيصه الأجزاء بالذكر في مستهل كلامه رغم شهرة دواوين السنة وكثرة تدوالها بينهم، كل ذلك دليل على أنه لم يقصد بقوله السابق إلا الأجزاء والمشيخات ونحوها من المؤلفات التي اشتهرت في عصره دون سواها من السنن والمسانيد وغيرها.
ومما يدعمه ما ذكره في مبحث " الحسن " بعد ضبطه نوعية الحديث الضعيف الذي يرتقي إلى الحسن بوروده من غير وجه ـ من قوله: " وهذه جملة تفاصيلها تدرك بالمباشرة والبحث " [1] وكذا قوله في مبحث " الشاذ ": إذا انفرد الراوي بشيء نظر فيه: فإن كان ما ينفرد به مخالفا لما رواه من هو أولى منه بالحفظ لذلك وأضبط، كان ما انفرد به شاذا مردودا، فإن لم تكن فيه مخالفة لما رواه غيره وإنما هو أمر رواه هو ولم يروه غيره، لينظر في هذا الراوي المنفرد: فإن كان عدلا حافظا موثوقا بإتقانه وضبطه قبل ما انفرد به، إلى أن قال ابن الصلاح: فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الحافظ الضابط المقبول تفرده: استحسنا حديثه ذلك، ولم نحطه إلى قبيل الحديث الضعيف " [2] .
فهذه بعض نصوص ابن الصلاح التي تؤيد أنه ـ رحمه الله تعالى ـ لم يقصد بكلامه إطلاق المنع في جميع أنواع الحديث ـ كما بيناه آنفا ـ حيث إنه أقر هنا ـ بصريح كلامه ـ [1] مقدمة ابن الصلاح، ص:21. [2] المصدر السابق، ص: 46.