فالخلاصة: أن إجماع العلماء على وصف رواية الراوي عمن عاصره ولم يلقه بالتدليس، يلزم منه إجماعُهم على الاكتفاء بالمعاصرة بين الراويين.
وزيادةً في الإيضاح، فإني أسأل: لو كان البخاري (وغيره من أهل العلم) لا يحكم باتصال رواية الراوي عمن عاصره حتى يعلم باللقاء من خلال نصٍّ صريح يدل عليه، فما وَجْهُ وصفه رواية الراوي عمن عاصره ولم يلقه بالتدليس؟!! وما هو الإيهام الذي جعله يصفها بذلك؟!! والحاصل أنّها -باشتراطه العلمَ باللقاء- يجب أن لا تُوهِمَهُ بشيء، لأنه لم يحكم باتصالها أصلا، فهي هي قبل أن يعلم بعدم اللقاء وبعد أن علم، غيرُ محكومٍ لها بالاتصال!!!
فلا وجه لوصف رواية الراوي عمن عاصره ولم يلقه بالتدليس، إلا أن رواية الراوي عمن عاصره تدل على الاتصال.
لنعود في آخر هذا الدليل إلى تأكيد الإجماع الذي نقله مسلم وغيره، وإلى بيان صحّته والاستدلال له، وأن البخاري لا يُمكن أن يكون مخالفًا لمسلم في اكتفائه بالمعاصرة.
الدليل الخامس عشر: بطلانُ المذهبِ المنسوب إلى البخاري، ووضوحُ سقوطه وسقوطِ حُجّته، وسُوءُ أثره على السنة النبويّة.
وَوَجْهُ الدلالةِ في ذلك على عدم صحّةِ نسبةِ ذلك الشرط إلى البخاري وغيره من الأئمة: هو استحالةُ أن يقع أئمةُ السنة، الذين كانوا