كون الرجل من التابعين وأبتاعهم مجرّدُ معاصرته للصحابة واحتمالُ لقائه بهم، ولكن يشترط ثبوت السماع أو اللقاء. فإذا ثبت سماعُ الراوي من صحابي، وثبت بذلك أنه تابعي، فإن ابن حبان لا يشترط بعد ذلك العلم بالسماع في كل شيخ من شيوخه الصحابة الذين عاصرهم ولم تقم قرائنُ تُبعد احتمالَ لقائه بهم، كما فعل مع عبد الله بن بريدة في سماعه من عمران بن حصين، على ما سبق ذكره.
وتذكّر أن مذاهب العلماء في إثبات كون الراوي من التابعين مختلفةٌ، فمنهم من يكتفي بالرؤية ولا يشترط السماع، ومنهم من يشترط السماع ولا يكتفي بالرؤية، كما قد يكون هو ظاهر مذهب الحاكم (تلميذ ابن حبان) في كتابه (معرفة علوم الحديث) (1) .
تاسعًا: الدارقطني:
قال الدارقطني في (العلل) ، وسئل عن سماع ابن لهيعة من الأعرج، فقال: ((صحيح، قدم الأعرجُ مصر وابنُ لهيعة كبير)) (2) .
* ولمّا نفى ابنُ معين سماع عطاء بن السائب من أنس (3) ، تعقبه الدارقطني بقوله: ((هو كبير، أدركه)) (4) .
(1) معرفة علوم الحديث للحاكم (45- 46) .
(2) العلل للدارقطني (3/ 213/ ب) .
(3) التاريخ لابن معين (رقم 2801) .
(4) العلل للدارقطني (4/ 16/ ب) .