أحسب أحدًا سيقول: إن الخطيب نقل الإجماع على خلاف ما نقل مسلمٌ عليه الإجماع، إذن أين مذهب مسلمٌ (في أقل تقدير) ؟! بل أين مسلمٌ ومَنْ وافقه؟!! بل أين مسلم وكل العلماء معه؟!!!
ثم يأتي حُكمُ الخطيب في (قال) ، وموافقته لمذهب مسلم فيها، ويأتي استدلالُه بكلام الشافعي، الذي هو على مذهب مسلم= ليدلَّ ذلك على أن الخطيب لن ينقل الإجماعَ إلا عى ما نقل مسلمٌ والحاكمُ عليه الإجماع مِنْ قَبْل!!
لكن هنا ينقدحُ في الأذهان سؤال: فلمَ قال الخطيب إذن: ((إذا كان شيخُه الذي ذكره يُعرف أنه قد أدرك الذي حدّث عنه ولقيه وسمع منه. .)) ؟
فأقول: لذلك جوابان:
الأول: أن الخطيب لاحظَ في نَقْلِهِ الإجماعَ مَنْ ردّ عليه مسلمٌ، ذلك الجاهلَ الخاملَ الذكر، الذي انتحل الآثار والحديث، ولا يُعَدُّ من أهل الحديث، ولا تؤثِّرُ مخالفتُه في الإجماع الذي عليه أهل الحديث. فأراد الخطيب أن يبدأ في بيان حُكم (عن) بنقطة اتفاقٍ، يدخل في الموافقة عليها حتى ذلك الجاهل الخامل الذِّكر، وهي قبول الحديث المعنعن بشرط العلم باللقاء والسلامة من وصمة التدليس. ويُرشِّحُ هذا المعنى (ربّما) : أن الخطيب في سياق الردّ على من ردَّ العنعنةَ مطلقًا، وهو ذلك المتأخِّر من الفقهاء، كما سبق، فأراد الخطيبُ أن يقول لهذا الفقيه المتأخِّر: إن قولك بردّ العنعنة مطلقًا قولٌ لم يَسبِقْكَ إليه أحدٌ (لا عالمٌ ولا جاهلٌ خاملُ الذِّكر) . ثم إن الخطيب قد بيّن حكم (عن) عنده وفي مذهبه بما كان قد ذكره في حكم (قال) ، وبما استدلّ به من كلام الشافعي بعد ذلك.