وقال عبدُالغافر بن إسماعيلَ الفارسيُّ: «أبو عبد الرحمن شيخُ الطريقة في وقته، المُوفَّق في جمع علوم الحَقائق، ومعرفة طريق التصَوُّف، وصاحبُ التصانيف المشهورة في علوم القوم، وقد وَرِثَ التصوُّفَ عن أبيه وجدِّه، وجمع من الكتُب ما لم يُسبَق إلى ترتيبه في غيره، حتى بلغ فِهْرست تصانيفه المئةَ أو أكثر، حدَّث أكثر من أربعينَ سنةً إملاء وقراءة، وكتب الحديثَ بنَيْسابور ومَرْوَ والعراقِ والحجاز، وانتَخَب عليه الحفَّاظ الكبار» (1)
وقد بلغ السُّلميُّ منزلةً عاليةً في معرفة الرجال وأحوالهم، حتى قال الذهبيُّ عنه: «وقد سألَ أبا الحسن الدارقطنيَّ عن خَلْقٍ من الرجال سؤالَ عارفٍ بهذا الشأن» (2) .
ومع هذه المنزلة العالية في العلم؛ أُخذت عليه أمورٌ بسبب تصوُّفه وإغراقه فيه؛ فقد اتُّهمَ بوضع الأحاديث للصُّوفيَّة، والتهاون في رواية الأحاديث والحكايات الموضوعَة والباطلَة.
قال الخطيبُ: «قال لي محمَّدُ بنُ يوسفَ القطَّانُ النيسابوريُّ: كان أبو عبد الرحمن السلميُّ غيرَ ثقةٍ، ولم يكن سَمِعَ من الأصمِّ إلاَّ شيئًا يسيرًا، فلمَّا مات الحاكمُ أبو عبد الله بنُ البيِّع؛ حدَّث عن الأصمِّ بـ"تاريخِ يحيى بن معين" وبأشياءَ كثيرةٍ سواه، قال: وكان يضعُ للصُّوفيةِ الأحاديثَ» (3) .
(1) "المنتخب من السياق" (ص 18) .
(2) "تذكرة الحفاظ" (3/1046- 1047) باختصار. وانظر "السير" (17/252) .
(3) "تاريخ بغداد" (2/248) .