وألجئ نفسك فى الأمور كلها إلى الله فإنك تلجئها إلى كهف حريز ومانع عزيز وأخلص فى المسألة لربك فإن بيده العطاء والحرمان وأكثر الاستخارة وتفهم وصيتى لا تذهبن عنك صفحا أى بنى إنى لما رأيتنى قد بلغت سنا ورأيتنى أزداد وهنا بادرت بوصيتى إياك خصالا منهن أن يعجل لى أجل قبل أن أقضى إليك ما فى نفسى وأنقص فى رأيى كما نقصت فى جسمى أو تسبقنى إليك بعض غلبة الهوى وفتن الدنيا فتكون كالصعب النفور وإنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقى فيها من شىء قبلته فباكرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبك لتستقبل بجد رأيك ما قد كفاك تجربته فتكون قد كفيت مؤنة الطلب وعوفيت من علاج التجربة فأتاك من ذلك ما قد كنا نأتيه واستبان لك ما ربما أظلم علينا فيه أى بنى إن لم أكن عمرت عمر من كان قبلى فقد نظرت فى أعمارهم وفكرت فى أخبارهم وسرت فى آثارهم حتى عدت كأحدهم بل كأننى لما قد انتهى من أمورهم قد عمرت مع أولهم إلى آخرهم فعرفت صفوة ذلك من كدره ونفعه من