responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 4009
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مَا نَالُوا ذَلِكَ بِآلَةٍ - لِأَجْلِ رِضَا اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِعْلَاءً لِدِينِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَالْأَنْصَارُ وَإِنِ اتَّصَفُوا بِصِفَةِ النُّصْرَةِ وَالْإِيثَارِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْإِيوَاءِ، وَلَكِنَّهُمْ مُقِيمُونَ فِي مَوَاطِنِهِمْ سَاكِنُونَ مَعَ أَقَارِبِهِمْ وَأَحْبَابِهِمْ، وَحَسْبُكَ شَاهِدًا فِي فَضْلِ الْمُهَاجِرِينَ قَوْلُهُ هَذَا، لِأَنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى جَلَالَةِ رُتْبَةِ الْهِجْرَةِ فَلَا يَتْرُكُهَا نَبِيٌّ مُهَاجِرِيٌّ لِأَنْصَارِيٍّ (" وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا ") ، أَيْ: طَرِيقًا حِسِّيًّا أَوْ مَعْنَوِيًّا (" وَسَلَكَتِ الْأَنْصَارُ وَادِيًا ") ، أَيْ: سَبِيلًا آخَرَ (" أَوْ شِعْبًا ") : بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي إِذْ مَآلُهُمَا وَاحِدٌ (" لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَهَا ") : أَيْ فِي شِعْبِ جَمَاعَةِ الْأَنْصَارِ، وَتَرَكْتُ سُلُوكَ وَادِي سَائِرِ النَّاسِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَرَادَ أَنَّ أَرْضَ الْحِجَازِ كَثِيرَةُ الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ، فَإِذَا ضَاقَ الطَّرِيقُ عَنِ الْجَمِيعِ فَسَلَكَ رَئِيسٌ شِعْبًا اتَّبَعَهُ قَوْمُهُ حَتَّى يُفْضُوا إِلَى الْجَادَّةِ، وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْوَادِيَ الرَّأْيَ وَالْمَذْهَبَ، كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ فِي وَادٍ وَأَنَا فِي وَادٍ، قِيلَ: أَرَادَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِذَلِكَ حُسْنَ مُوَافَقَتِهِ إِيَّاهُمْ وَتَرْجِيحَهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِمْ، لَمَّا شَاهَدَ مِنْهُمْ حُسْنَ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَحُسْنَ الْجِوَارِ، وَمَا أَرَادَ بِذَلِكَ وُجُوبَ مُتَابَعَتِهِ إِيَّاهُمْ فَإِنَّ مُتَابَعَتَهُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ، لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الْمَتْبُوعُ الْمُطَاعُ لَا التَّابِعُ الْمُطِيعُ (" الْأَنْصَارُ شِعَارٌ ") : بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَيُفْتَحُ وَهُوَ الثَّوْبُ الَّذِي يَلِي شَعْرَ الْبَدَنِ (وَالنَّاسُ دِثَارٌ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَهُوَ الثَّوْبُ الَّذِي فَوْقَ الشِّعَارِ، شَبَّهَ الْأَنْصَارَ بِالشِّعَارِ لِرُسُوخِ صَدَاقَتِهِمْ وَخُلُوصِ مَوَدَّتِهِمْ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيَّ مَرْتَبَةً وَأُولَاهُمْ مِنِّي مَنْزِلَةً (" إِنَّكُمْ ") : الْتِفَاتٌ إِلَيْهِمْ مُتَضَمِّنٌ لِلتَّرَحُّمِ عَلَيْهِمْ (" سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً ") : بِفَتْحَتَيْنِ وَبِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيِ: اسْتِئْثَارًا يَسْتَأْثِرُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاؤُكُمْ بِأُمُورِ الدُّنْيَا مِنَ الْمَغَانِمِ وَالْفَيْءِ وَنَحْوِهِمَا، وَيُفَضِّلُ عَلَيْكُمْ غَيْرَهُ نَفْسَهُ أَوْ مَنْ هُوَ أَدْنَاكُمْ (" فَاصْبِرُوا ") ، أَيْ: عَلَى ذَلِكَ الِاسْتِئْثَارِ (" حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ ") ، أَيْ: حِينَئِذٍ يَحْصُلُ جَرُّ خَاطِرِكُمُ الْمُتَعَطِّشِ إِلَى لِقَائِي يَسْقِيكُمْ شَرْبَةً لَا تَظْمَأُونَ بَعْدَهَا أَبَدًا (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .

6219 - وَعَنْهُ قَالَ «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْفَتْحِ فَقَالَ مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ، فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ أَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ أَخَذَتْهُ رَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ وَرَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ وَنَزَلَ الْوَحْيُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ قُلْتُمْ أَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ أَخَذَتْهُ رَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ وَرَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ كَلَّا إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ هَاجَرْتُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكُمْ. الْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ. قَالُوا: وَاللَّهِ مَا قُلْنَا إِلَّا ضِنًّا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ. قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ وَيَعْذُرَانِكُمْ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
6219 - (وَعَنْهُ) ، أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْفَتْحِ) ، أَيْ: فَتْحِ مَكَّةَ (فَقَالَ: " مَنْ دَخَلَ دَارِ أَبِي سُفْاَانَ فَهُوَ آمِنٌ ") ، أَيْ: ذُو أَمْنٍ وَالْأَمْنُ ضِدُّ الْخَوْفِ، وَقِيلَ، أَيْ: مَأْمُونٌ. قَالَ الطِّيبِيُّ: إِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ حِينَ أَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ، قَالَ الْعَبَّاسُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَذَا رَجُلٌ يُحِبُّ الْفَخْرَ فَاجْعَلْ لَهُ شَيْئًا. قَالَ: " نَعَمْ مَنْ دَخَلَ دَارِ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ ". قَالَ الْمُؤَلِّفُ: هُوَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ صَخْرِ بْنِ حَرْبٍ الْأُمَوِيُّ الْقُرَشِيُّ وَالِدُ مُعَاوِيَةَ، وُلِدَ قَبْلَ الْفِيلِ بِعَشْرِ سِنِينَ، وَكَانَ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ انْتَهَى إِلَيْهِ رَايَةُ الرُّؤَسَاءِ فِي قُرَيْشٍ، أَسْلَمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَكَانَ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَشَهِدَ حُنَيْنًا، وَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِائَةَ بَعِيرٍ وَأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً فِيمَنْ أَعْطَاهُ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَفُقِئَتْ عَيْنُهُ يَوْمَ الطَّائِفِ، فَلَمْ يَزَلْ أَعْوَرَ إِلَى يَوْمِ الْيَرْمُوكِ فَأَصَابَ عَيْنَهُ الْأُخْرَى حَجَرٌ فَعَمِيَتْ، رَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ بِالْمَدِينَةِ وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ. (" وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ ") ، أَيْ: آلَةُ الْحَرْبِ (" فَهُوَ آمِنٌ " فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ) ، أَيْ: بَعْضُهُمْ (" أَمَّا الرَّجُلُ) ، أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَقَدْ أَخَذَتْهُ رَأْفَةٌ) ، أَيْ: شِدَّةُ رَحْمَةٍ (بِعَشِيرَتِهِ) ، أَيْ: قَبِيلَتِهِ (وَرَغْبَةٌ) ، أَيْ: مَحَبَّةٌ (فِي قَرْيَتِهِ) ، أَيْ: فِي أَهْلِ بَلْدَتِهِ، أَوْ بِالسُّكُونِ فِي قَرْيَتِهِ (وَنَزَلَ الْوَحْيُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) . أَيْ: بِمَا قَالُوا: (قَالَ: " قُلْتُمْ: أَمَّا الرَّجُلُ أَخَذَتْهُ ") : وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ " فَقْدًا أَخَذَتْهُ (" رَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ وَرَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ، كَلَّا ") : رَدْعٌ أَيْ: لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا تَوَهَّمْتُمْ مِنْ إِقَامَتِي بِمَكَّةَ، لِأَنَّ هِجْرَتِي إِلَى الْمَدِينَةِ كَانَتْ خَالِصَةً لِلَّهِ كَمَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: (" إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ) ، أَيْ: كَوْنِي عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ يَقْتَضِي أَنْ لَا أَعُودَ إِلَى دَارٍ تَرَكْتُهَا لِلَّهِ، وَأَنْ لَا أَرْغَبَ فِي بَلْدَةٍ هَاجَرْتُ مِنْهَا إِلَى اللَّهِ (" هَاجَرْتُ مِنْهَا إِلَى اللَّهِ) ، أَيْ: إِلَى ثَوَابِهِ أَوْ مَأْمُورِهِ (" وَإِلَيْكُمْ ") ، أَيْ: وَإِلَى دِيَارِكُمْ لِمَيْلِكُمْ إِلَيَّ وَإِلَى الْمُهَاجِرِينَ إِلَيْكُمْ، كَمَا قَالَ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 4009
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست