responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3972
(وَفِي رِوَايَةٍ: عَلِّمْهُ الْكِتَابَ) ، أَيْ: عَلِّمْهُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ:
جَمِيعُ الْعِلْمِ فِي الْقُرْآنِ لَكِنْ ... تَقَاصَرَ عَنْهُ أَفْهَامُ الرِّجَالِ
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ فَسَّرَ الْحِكْمَةَ بِعِلْمِ الْكِتَابِ، وَلِذَا يُقَالُ لِابْنِ عَبَّاسٍ تَرْجُمَانُ الْكِتَابِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: الظَّاهِرُ أَنْ يُرَادَ بِالْحِكْمَةِ السُّنَّةَ. قَالَ تَعَالَى: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [البقرة: 129] قُلْتُ: الْأَظْهَرُ أَنْ يُرَادَ بِالْكِتَابِ لَفْظُهُ وَقِرَاءَتُهُ، وَبِالْحِكْمَةِ مَعْرِفَةُ أَحْكَامِهِ وَتَبْيِينُ آيَاتِهِ، فَإِنَّهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ مَشْهُورًا بِالْعِلْمَيْنِ، أَعْنِي الْقِرَاءَةَ وَالتَّفْسِيرَ عَلَى أَنَّ تَفْسِيرَ الْحِكْمَةِ بِالسُّنَّةِ فِي الْآيَةِ لِوُقُوعِهَا عَطْفًا عَلَى الْكِتَابِ، وَالْأَصْلُ التَّغَايُرُ فِي الْعَطْفِ، لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهُ دَعَا لَهُ بِالْفِقْهِ أَيْضًا، وَهُوَ الْعِلْمُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أُصُولًا وَفُرُوعًا، فَهُوَ جَامِعُ الْعُلُومِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وُلِدَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقِيلَ: خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقِيلَ: عَشْرٌ، كَانَ حَبْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَعَالِمَهَا، دَعَا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحِكْمَةِ وَالْفِقْهِ وَالتَّأْوِيلِ، وَرَأَى جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَرَّتَيْنِ، وَكُفَّ بَصَرُهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَمَاتَ بِالطَّائِفِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ فِي أَيَّامِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى وَسَبْعِينَ سَنَةً، رَوَى عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .

6148 - «وَعَنْهُ، قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْخَلَاءَ فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ: " مَنْ وَضَعَ هَذَا؟ فَأُخْبِرَ فَقَالَ: " اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
6148 - (وَعَنْهُ) ، أَيْ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْخَلَاءَ) : بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ أَيْ مَكَانَ الْبُرَازِ (فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا) : بِفَتْحِ الْوَاوِ مَاءُ الْوُضُوءِ (فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ: " مَنْ وَضَعَ هَذَا ") ؟ أَيْ ظَرْفَ الْمَاءِ (فَأُخْبِرَ) ، بِصِيغَةِ الْمَاضِي الْمَجْهُولِ أَيْ فَأَخْبَرَهُ مُخْبِرٌ وَهُوَ يَحْتَمِلُهُ وَغَيْرَهُ (فَقَالَ: " اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ) : بِكَسْرِ الْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ أَيِ اجْعَلْهُ فَقِيهًا عَالِمًا (" فِي الدِّينِ ") . أَيْ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْفِقْهَ الْمُتَعَارَفَ الْمُخْتَصَّ بِفُرُوعِ الْمُعَامَلَاتِ وَالْخُصُومَاتِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ فَضِيلَةُ الْفِقْهِ وَاسْتِحْبَابُ الدُّعَاءِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ وَاسْتِحْبَابُ الدُّعَاءِ لِمَنْ عَمِلَ خَيْرًا، وَقَدْ أَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ فِي حَقِّهِ، فَكَانَ مِنَ الْفِقْهِ بِالْمَحَلِّ الْأَعْلَى. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

6149 - وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُهُ وَالْحَسَنَ، فَيَقُولُ: " «اللَّهُمَّ أَحِبَّهُمَا فَإِنِّي أُحِبُّهَا» ".
وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْخُذُنِي فَيُقْعِدُنِي عَلَى فَخِذِهِ، وَيُقْعِدُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَى فَخِذِهِ الْأُخْرَى، ثُمَّ يَضُمُّهُمَا، ثُمَّ يَقُولُ: " اللَّهُمَّ ارْحَمْهُمَا فَإِنِّي أَرْحَمُهُمَا» ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
6149 - (وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ) أَيِ ابْنِ حَارِثَةَ الْقُضَاعِيِّ، وَأُمُّهُ أُمُّ أَيْمَنَ وَاسْمُهَا بَرَكَةُ وَهِيَ حَاضِنَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ مَوْلَاةً لِأَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأُسَامَةُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَابْنُ مَوْلَاهُ وَحِبُّهُ وَابْنُ حِبِّهِ، قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَنَزَلَ وَادِي الْقُرَى، وَتُوُفِّيَ بِهِ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ، وَقِيلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. وَهُوَ عِنْدِي أَصَحُّ، رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ (عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْخُذُهُ) ، أَيْ: يَأْخُذُ أُسَامَةَ (وَالْحَسَنَ فَيَقُولُ: " اللَّهُمَّ أَحِبَّهُمَا فَإِنِّي أُحِبُّهُمَا ") . فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ مَحَبَّتَهُ لِلَّهِ وَلِذَا رَتَّبَ مَحَبَّةَ اللَّهِ عَلَى مَحَبَّتِهِ، وَفِي ذَلِكَ أَعْظَمُ مَنْقَبَةٍ لَهُمَا وَلَفْظُ الذَّخَائِرِ اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا أَوْ كَمَا قَالَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ) ، أَيْ: أُسَامَةُ (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْخُذُنِي فَيُقْعِدُنِي) : بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ يُجْلِسُنِي (عَلَى فَخِذِهِ) أَيِ الْيُمْنَى أَوِ الْيُسْرَى (وَيُقْعِدُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَى فَخِذِهِ الْأُخْرَى، ثُمَّ يَضُمُّهُمَا) كَذَا فِي الْمَصَابِيحِ وَجَامِعِ الْأُصُولِ، وَفِيهِ الْتِفَاتٌ مِنَ التَّكَلُّمِ إِلَى الْغَيْبَةِ، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ يَضُمَّنَا عَلَى تَغْلِيبِ الْمُتَكَلِّمِ كَمَا أَنَّ فِي يَضُمُّهُمَا تَغْلِيبُ الْغَالِبِ، فَفِي تَسْمِيَتِهِ الْتِفَاتًا نَوْعُ مُسَامَحَةٍ (ثُمَّ يَقُولُ: " اللَّهُمَّ ارْحَمْهُمَا ") ، أَيْ: رَحْمَةً شَامِلَةً كَامِلَةً تُغْنِهِمَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ (فَإِنِّي أَرْحَمُهُمَا) . أَيْ رَحْمَةً خَاصَّةً وَإِلَّا فَرَحْمَتُهُ عَامَّةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ بَلْ شَامِلَةٌ لِلْعَالَمِينَ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3972
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست