responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3884
قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: وَهَذَا الْكَلَامُ كَانَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوفِّيَ فِي آخِرِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا، وَلَا خَفَاءَ بِأَنَّ ذَلِكَ تَعْرِيضٌ بِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ هُوَ الْمُسْتَخْلَفُ بَعْدَهُ، وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ إِنْ أُرِيدَ بِهَا الْحَقِيقَةُ، فَذَلِكَ لِأَنَّ أَصْحَابَ الْمَنَازِلِ اللَّاصِقَةِ بِالْمَسْجِدِ قَدْ جَعَلُوا مِنْ بُيُوتِهِمْ مُخْتَرَقًا يَمُرُّونَ فِيهِ إِلَى الْمَسْجِدِ، أَوْ كُوَّةً يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا مِنْهُ، فَأَمَرَ بِسَدِّ جُمْلَتِهَا سِوَى خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ تَكْرِيمًا لَهُ بِذَلِكَ أَوَّلًا، ثُمَّ تَنْبِيهًا لِلنَّاسِ فِي ضِمْنِ ذَلِكَ عَلَى أَمْرِ الْخِلَافَةِ حَيْثُ جَعَلَهُ مُسْتَحِقًّا لِذَلِكَ دُونَ النَّاسِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْمَجَازُ فَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْخِلَافَةِ، وَسَدُّ أَبْوَابِ الْمَقَالَةِ دُونَ التَّفَوُّقِ إِلَيْهَا وَالتَّطَوُّعِ عَلَيْهَا، وَأَرَى الْمَجَازَ فِيهِ أَقْوَى، إِذْ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَنَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ لَهُ مَنْزِلٌ بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ، وَإِنَّمَا كَانَ مَنْزِلُهُ بِالسُّنْحِ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ، ثُمَّ أَنَّهُ مَهَّدَ الْمَعْنَى الْمُشَارَ إِلَيْهِ، وَقَرَّرَهُ بِقَوْلِهِ: ( «وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا» ) لِيُعْلَمَ أَنَّهُ أَحَقُّ النَّاسِ بِالنِّيَابَةِ عَنْهُ، وَكَفَانَا حُجَّةً عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ تَقْدِيمُهُ إِيَّاهُ فِي الصَّلَاةِ، وَإِبَاؤُهُ كُلَّ الْإِبَاءِ أَنْ يَقِفَ غَيْرُهُ ذَلِكَ الْمَوْقِفَ اه.
وَقِيلَ: أَرَادَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ خَوْخَةَ بِنْتِهِ عَائِشَةَ، فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِسَدِّ خَوْخَاتِ الْأَزْوَاجِ إِلَّا خَوْخَةَ عَائِشَةَ، وَوَجْهُ الْإِضَافَةِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ ظَاهِرٌ لِإِمَامَتِهِ فِيهِ بِإِذْنِهِ، كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ لَفْظُ الْمَسْجِدِ، ذَكَرَهُ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ. وَفِي الرِّيَاضِ: عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِسَدِّ أَبْوَابِ الشَّوَارِعِ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَزَادَ فِي آخِرِهِ ( «فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ رَجُلًا كَانَ أَفْضَلَ فِي الصُّحْبَةِ يَدًا مِنْهُ» ) . وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ: أَنَّ أَبْوَابًا كَانَتْ مُفَتَّحَةً فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ بِهَا فَسُدَّتْ، غَيْرَ بَابِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالُوا: سَدَّ أَبْوَابَنَا غَيْرَ بَابِ خَلِيلِهِ، وَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَقَامَ فِيهِمْ فَقَالَ: (أَتَقُولُونَ سَدَّ أَبْوَابَنَا وَتَرَكَ بَابَ خَلِيلِهِ، فَلَوْ كَانَ مِنْكُمْ خَلِيلٌ كَانَ هُوَ خَلِيلِي، وَلَكِنِّي خَلِيلُ اللَّهِ فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي صَاحِبِي فَقَدْ وَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ وَقَالَ لِي: صَدَقَ وَقُلْتُمْ كَذَبَ) .
(وَفِي رِوَايَةٍ) أَيْ: مُسْتَقِلَّةٍ (لَوْ كُنْتُ) : وَفِي رِوَايَةٍ بَدَلًا مِمَّا قَبِلَهُ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَلَوْ كُنْتُ (مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّي) ، أَيْ بِإِفَادَةِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ (لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا) . أَيْ: لَكِنْ لَا يَجُوزُ لِي أَنْ آخُذَ غَيْرَ اللَّهِ خَلِيلًا لِأَكُونَ لَهُ خَلِيلًا، سَوَاءً يَكُونُ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ أَوِ الْمَفْعُولِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ. وَفِي مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ( «أَبُو بَكْرٍ صَاحِبِي وَمُؤْنِسِي فِي الْغَارِ، سِدُّوا خَوْخَةً فِي الْمَسْجِدِ غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ» ) . وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ وَاللَّفْظُ لَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ خَرَجَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ عَاصِبًا رَأْسَهُ، فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: ( «إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيَّ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُهُ، وَلَكِنْ خَلَّةُ الْإِسْلَامِ، سِدُّوا عَنِّي كُلَّ خَوْخَةٍ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ» ) . قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَفِي قَوْلِهِ: سِدُّوا إِلَخْ دَلِيلٌ عَلَى حَسْمِ أَطْمَاعِ النَّاسِ كُلِّهِمْ مِنَ الْخِلَافَةِ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ.

6020 - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ( «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا وَلَكِنَّهُ أَخِي وَصَاحِبِي وَقَدِ اتَّخَذَ اللَّهُ صَاحِبَكُمْ خَلِيلًا» ) . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
6020 - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ( «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا وَلَكِنَّهُ أَخِي» ) : زَادَ أَحْمَدُ فِي الدِّينِ (وَصَاحِبِي) ، زَادَ أَحْمَدُ فِي الْغَارِ ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ ( «وَقَدِ اتَّخَذَ اللَّهُ صْاحِبَكُمْ خَلِيلًا» ) : فِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ} [التكوير: 22] وَإِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَنْ جَعَلَ غَيْرَ رَبِّهِ خَلِيلًا يَكُونُ مَجْنُونًا بِخَلَلِ عَقْلِهِ، وَيَصِيرُ مَخْذُولًا ذَلِيلًا. قَالَ الطِّيبِيُّ فِي قَوْلِهِ ; اتَّخَذَ اللَّهُ مُبَالَغَةٌ مِنْ وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَخْرَجَ الْكَلَامَ عَلَى التَّجْرِيدِ حَيْثُ قَالَ: صَاحِبُكُمْ وَلَمْ يَقُلِ اتَّخَذَنِي، وَثَانِيهِمَا: اتَّخَذَ اللَّهُ صَاحِبَكُمْ بِالنَّصْبِ عَكْسَ مَا لَمَّحَ إِلَيْهِ الْحَدِيثُ السَّابِقُ مِنْ قَوْلِهِ: غَيْرَ رَبِّي، فَدَلَّ الْحَدِيثَانِ عَلَى حُصُولِ الَمُخَالَلَةِ مِنَ الطَّرَفَيْنِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) . وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ: ( «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا دُونَ رَبِّي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ أَخِي وَصَاحِبِي» ) . وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: ( «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُهُ خَلِيلًا، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ» ) . وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جُنْدُبٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسِ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3884
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست