responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3844
5957 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: ( «إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ، وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ) . فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ قَالَ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، فَعَجِبْنَا لَهُ، فَقَالَ النَّاسُ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ يُخْبِرُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا! ! فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ هُوَ الْمُخَيَّرَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5957 - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ) ، أَيْ: فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ كَمَا فِي رِوَايَةٍ، وَفِي أُخْرَى كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسِ لَيَالٍ (فَقَالَ: إِنَّ عَبْدًا) ، أَيْ: عَظِيمًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (خَيَّرَهُ اللَّهُ) ، أَيْ: جَعَلَهُ مُخَيَّرًا (بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ) ، أَيْ: يُعْطِيَهُ (مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا) : بِفَتْحِ الزَّايِ، أَيْ: بَهْجَتِهَا وَحُسْنِهَا وَزِينَتِهَا (مَا شَاءَ) : مَفْعُولٌ مُؤَخَّرٌ عَنْ مُبَيِّنِهِ، وَالْمَعْنَى مِقْدَارُ مَا أَرَادَ مِنْ طُولِ الْعُمُرِ وَالْبَقَاءِ فِي الدُّنْيَا وَالتَّمَتُّعِ بِهَا (وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ) ، أَيِ: اللَّهِ سُبْحَانَهُ مِمَّا أَعَدَّ لَهُ مِنْ أَنْوَاعِ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ وَلَذَّةِ اللِّقَاءِ مِنَ الْوَجْهِ الْكَرِيمِ، (فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ) ، أَيْ: لِأَنَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ) ، أَيْ: لِكَمَالِ فَهْمِهِ وَإِدْرَاكِهِ حَيْثُ عَرَفَ مُفَارَقَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الدُّنْيَا بِقَرِينَةِ الْمَرَضِ، أَوْ لِأَنَّ اخْتِيَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ وَتَرْكَ زَهْرَةِ الدُّنْيَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ مِنْ مُقَدِّمَاتِ مَرَاتِبِ الْأَوْلِيَاءِ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ مَقَامَ سَيِّدِ الْأَنْبِيَاءِ، فَانْتَقَلَ إِلَى أَنَّ مَعْنَاهُ بِطَرِيقِ الْإِشَارَةِ اخْتِيَارُ الْمَوْتِ وَاللِّقَاءِ وَتَرْكُ الْحَيَاةِ وَالْبَقَاءِ (قَالَ) : اسْتِئْنَافًا (فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا) ، أَيْ: مَعَهُمْ لَوْ كَانَ يَنْفَعُ الْفِدَاءُ.
قَالَ الرَّاوِي: (فَعَجِبْنَا لَهُ) ، أَيْ: لِأَبِي بَكْرٍ حَيْثُ يَفْدِيهِ وَلَا هُنَاكَ بَاعِثٌ يَقْتَضِيهِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِعَدَمِ فَهْمِهِمْ مَا فَهِمَهُ مِنَ الْإِشَارَةِ لِتَقَيُّدِهِمْ بِظَاهِرِ الْعِبَارَةِ. (فَقَالَ النَّاسُ) ، أَيْ: بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ (انْظُرُوا) ، أَيْ: نَظَرَ تَعَجُّبٍ (إِلَى هَذَا الشَّيْخِ) ، أَيْ: مَعَ كِبَرِهِ الْمُقْتَضِي لِوَقَارِهِ، وَرِيَادَةِ عَقْلِهِ وَفَهْمِهِ (يُخْبِرُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ عَبْدٍ) ، أَيْ: مُنَكَّرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ (خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، وَهُوَ) ، أَيِ: الشَّيْخُ (يَقُولُ فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا) ! ! أَيْ: وَمِثْلُ هَذَا مَا يُقَالُ إِلَّا لِعَظِيمٍ يُرِيدُ الِانْتِقَالَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى الْعُقْبَى، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: (فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الْمُخَيَّرَ) ، بِالنَّصْبِ وَهُوَ ضَمِيرُ الْفَصْلِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالرَّفْعِ وَلَهُ وَجْهٌ، وَالْمَعْنَى فَظَهَرَ لَنَا فِي آخِرِ الْأَمْرِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ الْعَبْدَ الْمُخَيَّرَ (وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا) . أَيْ: أَكْثَرَ عِلْمًا مِنَّا حَيْثُ عَلِمَ أَوَّلًا أَنَّ الْمُخَيَّرَ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَعْلَمُ اسْمُ تَفْضِيلٍ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا مَاضِيًا أَيْ: وَقَدْ كَانَ أَعْلَمَنَا بِالْقَضِيَّةِ لَكِنَّا مَا فَهِمْنَاهَا بِالْكُلِّيَّةِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

5958 - وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ ثَمَانِ سِنِينَ، كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ، ثُمَّ طَلَعَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: (إِنِّي بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَرَطٌ، وَأَنَا عَلَيْكُمْ شَهِيدٌ، وَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْحَوْضُ وَإِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَيْهِ وَأَنَا فِي مَقَامِي هَذَا، وَإِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الْأَرْضِ، وَإِنِّي لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي، وَلَكِنِّى أَخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا» ) . وَزَادَ بَعْضُهُمْ: ( «فَتَقْتَتِلُوا، فَتَهْلِكُوا كَمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ» ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5958 - (وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ) ، جُهَنِيٌّ، رَوَى عَنْهُ نَفَرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ التَّابِعِينَ، ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الصَّحَابَةِ (قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ) : جَمْعُ قَتِيلٍ، وَالْمُرَادُ بِهِمُ الشُّهَدَاءُ (بَعْدَ ثَمَانِ سِنِينَ) ، أَيْ: مِنْ دَفْنِهِمْ، فَقِيلَ: صَلَّى عَلَيْهِمْ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادَرُ، فَهُوَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ أَوْ خُصُوصِيَّتِهِمْ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ الدُّعَاءُ (كَالْمُوَدِّعِ لِلْأِحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ) ، قَالَ الْمُظْهِرُ، أَيِ: اسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَاسْتِغْفَارُهُ لَهُمْ كَالْوَدَاعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ، فَبِخُرُوجِهِ مِنْ بَيْنِهِمْ، وَأَمَّا الْأَمْوَاتُ فَبِانْقِطَاعِ دُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ لَهُمْ، قَالَ السُّيُوطِيُّ: وَذَلِكَ قُرْبَ مَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (ثُمَّ طَلَعَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: (إِنِّي بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَرَطٌ) ، بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ، وَهُوَ الَّذِي يَتَقَدَّمُ الْوَارِدَةَ فَيُهَيِّءُ لَهُمُ الرِّشَاءَ وَالدِّلَاءَ وَيَسْقِي لَهُمْ، وَهُوَ فَعَلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ كَتَبَعٍ بِمَعْنَى تَابِعٍ، يُرِيدُ أَنَّهُ شَفِيعٌ لَهُمْ لِأَنَّهُ يَتَقَدَّمُهُمْ، وَالشَّفِيعُ يَتَقَدَّمُهُمْ عَلَى الْمَشْفُوعِ، وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: ( «مَنْ كَانَ لَهُ فَرَطَانِ مِنْ أُمَّتِي أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهِمَا الْجَنَّةَ» ) فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: فَمَنْ كَانَ لَهُ فَرَطٌ مِنْ أُمَّتِكَ؟ قَالَ (وَمَنْ كَانَ لَهُ فَرَطٌ يَا مُوَفَّقَةُ) قَالَتْ: فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرَطٌ مِنْ أُمَّتِكَ؟ قَالَ: ( «فَأَنَا فَرَطٌ لِأُمَّتِي لَنْ يُصَابُوا بِمِثْلِي» ) . (وَأَنَا عَلَيْكُمْ شَهِيدٌ) ، أَيْ: مُطَّلِعٌ عَلَى أَحْوَالِكُمْ إِذْ تُعْرَضُ عَلَيَّ أَعْمَالُكُمْ، أَوْ أَنَا شَاهِدٌ لَكُمْ وَمُثْنٍ عَلَيْكُمْ (وَإِنَّ مَوْعِدَكُمْ) ، أَيْ: مَكَانَ وَعْدِكُمْ لِلشَّفَاعَةِ الْخَاصَّةِ بِكُمْ فِي يَوْمِ الْجَمْعِ (الْحَوْضُ) ، أَيْ: وُرُودُهُ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَمَيَّزُ الْخَبِيثُ مِنَ الطَّيِّبِ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3844
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست