responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3716
التِّرْمِذِيِّ مَا لَمْ يَكُنْ مَأْثَمًا أَيْ إِثْمًا أَوْ مَوْضِعَ إِثْمٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ، أَوِ اسْمُ مَكَانٍ، وَإِلَى هُنَا انْتَهَتْ رِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ. (فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ) ، أَيْ: وَكَانَ حِينَئِذٍ يَأْخُذُ أَرْشَدَهُمَا وَلَوْ أَعْسَرَهُمَا وَأَشَدَّهُمَا. قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: أُبْهِمَ فَاعِلُ خَيْرٍ لِيَكُونَ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ قِبَلِ الْمَخْلُوقِينَ، أَوْ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى، لَكِنَّ التَّخْيِيرَ يُبَيِّنُ مَا فِيهِ إِثْمٌ وَيُبَيِّنُ مَا لَا إِثْمَ فِيهِ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ مُشْكِلٌ، لِأَنَّ التَّخْيِيرَ بِمَا يَكُونُ بَيْنَ جَائِزٍ إِلَّا إِذَا حَمَلْنَا عَلَى مَا يُفْضِي إِلَى الْإِثْمِ، فَذَلِكَ مُمْكِنٌ بِأَنْ يُخَيَّرَ بَيْنَ أَنْ يُفْتَحَ عَلَيْهِ مِنْ كُنُوزِ الْأَرْضِ مَا يَخْشَى مِنَ الِاشْتِغَالِ بِهِ أَنْ لَا يَتَفَرَّغَ لِلْعِبَادَةِ، وَبَيْنَ أَنْ لَا يُؤْتِيَهِ لَا مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا الْكَفَافَ، وَإِنْ كَانَ السَّعَةُ أَسْهَلَ فَالْإِثْمُ عَلَى هَذَا أَمْرٌ نِسْبِيٌّ لَا مَا يُرَادُ بِهِ الْخَطِيئَةُ لِثُبُوتِ الْعِصْمَةِ. (وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ: مَا غَاضَبَ أَحَدًا لِنَفْسِهِ) أَيْ: لِأَجْلِ حَظِّهَا (فِي شَيْءٍ) أَيْ: يَتَخَلَّقُ بِنَفْسِهِ) ، أَيْ أَبَدًا (إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ يُرْتَكَبُ (فَيَنْتَقِمُ) : بِالرَّفْعِ وَفِي نُسْخَةٍ بِالنَّصْبِ أَيْ: فَيُعَاقِبُ حِينَئِذٍ (اللَّهُ) أَيْ: لَا لِغَرَضٍ آخَرَ (بِهِمْ) . أَيْ بِسَبَبِ تِلْكَ الْحُرْمَةِ ثُمَّ انْتِهَاكُ الْحُرْمَةِ تَنَاوُلُهَا بِمَا لَا يَحِلُّ. يُقَالُ: فُلَانٌ انْتَهَكَ مَحَارِمَ اللَّهِ أَيْ: فَعَلَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِعْلَهُ عَلَيْهِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ أَيْ: مَا عَاقَبَ أَحَدًا لِخَاصَّةِ نَفْسِهِ بِجِنَايَةٍ جَنَى عَلَيْهِ، بَلْ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى إِذَا فَعَلَ شَيْئًا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور: 2] . قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: الْمَعْنَى مَا انْتَقَمَ لِحَاجَةِ نَفْسِهِ، فَلَا يُرَدُّ أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتْلِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَطَلٍ وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ كَانَ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ ذَلِكَ يَنْتَهِكُونَ حُرُمَاتِ اللَّهِ. وَقِيلَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ السَّبِّ الَّذِي يُفْضِي إِلَى الْكُفْرِ، وَقِيلَ: يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْمَالِ، وَأَمَّا الْعِرْضُ فَقَدِ اقْتَصَّ مِمَّنْ نَالَ مِنْهُ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

5818 - وَعَنْهَا، قَالَتْ «مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمُ مِنْ صَاحِبِهِ إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5818 - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا أَيْ: آدَمِيًّا لِأَنَّهُ رُبَّمَا ضَرَبَ مَرْكُوبَهُ (قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا، خُصَّا بِالذِّكْرِ اهْتِمَامًا بِشَأْنِهِمَا، وَلِكَثْرَةِ وُقُوعِ ضَرْبِ هَذَيْنِ وَالِاحْتِيَاجِ إِلَيْهِ، وَضَرْبُهُمَا وَإِنْ جَازَ بِشَرْطِهِ فَالْأَوْلَى تَرْكُهُ. قَالُوا بِخِلَافِ الْوَلَدِ، فَإِنَّ الْأَوْلَى تَأْدِيبُهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ ضَرْبَهُ لِمَصْلَحَةٍ تَعُودُ إِلَيْهِ، فَلَمْ يُنْدَبِ الْعَفْوُ بِخِلَافِ ضَرْبِ هَذَيْنِ، فَإِنَّهُ لِحَظِّ النَّفْسِ غَالِبًا فَنُدِبَ الْعَفْوُ عَنْهُمَا مُخَالَفَةً لِهَوَاهَا وَكَظْمًا لِغَيْظِهَا. (إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) ، فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتَلَ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ بِأُحُدٍ، ثُمَّ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْغَزْوُ مَعَ الْكُفَّارِ فَقَطْ، بَلْ يَدْخُلُ فِيهِ الْحُدُودُ وَالتَّعَاوُزُ وَغَيْرُ ذَلِكَ. (وَمَا نِيلَ) : بِكَسْرِ النُّونِ مَجْهُولٌ قَالَ: يُقَالُ: نَالَ مِنْهُ نَيْلًا إِذَا أَصَابَ. وَفِي الْحَدِيثِ: إِنَّ رَجُلًا كَانَ يَنَالُ مِنَ الصَّحَابَةِ أَيْ: يَقَعُ فِيهِمْ وَيُصِيبُ مِنْهُمْ، فَالْمَعْنَى مَا أُصِيبَ مِنْهُ. (شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمُ مِنْ صَاحِبِهِ) ، أَيْ: مِنْ صَاحِبِ ذَلِكَ: (إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ) . وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ الْفَصْلَ الْأَوَّلَ بِلَفْظِ: «مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ شَيْئًا قَطُّ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَا ضَرَبَ خَادِمًا وَلَا امْرَأَةً» ، وَالْفَصْلُ الثَّانِي بِلَفْظِ: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ مُنْتَصِرًا مِنْ مَظْلَمَةٍ ظُلِمَهَا قَطُّ مَا لَمْ يُنْتَهَكْ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٌ، فَإِذَا انْتُهِكَ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٌ كَانَ مِنْ أَشَدِّهِمْ فِي ذَلِكَ غَضَبًا» .

الْفَصْلُ الثَّانِي
5819 - «عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ خَدَمْتُهُ عَشْرَ سِنِينَ فَمَا لَامَنِي عَلَى شَيْءٍ قَطُّ أَتَى فِيهِ عَلَى يَدَيَّ، فَإِنْ لَامَنِي لَائِمٌ مِنْ أَهْلِهِ قَالَ دَعُوهُ فَإِنَّهُ لَوْ قُضِيَ شَيْءٌ كَانَ» . هَذَا لَفْظَ الْمَصَابِيحِ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ مَعَ تَغْيِيرٍ يَسِيرٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْفَصْلُ الثَّانِي
5819 - ( «عَنْ أَنَسٍ قَالَ: خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ» ) بِحَذْفِ الْيَاءِ مِنْ ثَمَانِي مُضَافًا، وَالْجُمْلَةُ حَالٌ قَالَ عَلَى قَوْلِ الْخِدْمَةِ، وَلِذَا أَطْلَقَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ مُقَيَّدًا بِقَوْلِهِ: (خَدَمْتُهُ عَشْرَ سِنِينَ، فَمَا لَامَنِي عَلَى شَيْءٍ قَطُّ أُتِيَ فِيهِ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: أُهْلِكَ وَأُتْلِفَ مِنْ قَوْلِهِمْ: أَتَى عَلَيْهِمُ الدَّهْرُ أَيْ أَهْلَكَهُمْ وَأَفْنَاهُمْ، وَضَمِيرُ فِيهِ عَائِدٌ إِلَى شَيْءٍ، وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ أُقِيمَ مَقَامَ الْفِعْلِ أَيْ: مَا لَامَنِي عَلَى شَيْءٍ أُتْلِفَ (عَلَى يَدَيَّ) ، بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ وَفِي نُسْخَةٍ بِالْإِفْرَادِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: أُتِيَ صِفَةُ شَيْءٍ وَضُمِّنَ فِي مَعْنَى عَيْبٍ أَوْ طَعْنٍ، وَعَلَى يَدَيَّ: حَالٌ فِي (فَإِنْ لَامَنِي لَائِمٌ مِنْ أَهْلِهِ قَالَ: " دَعُوهُ ") أَيِ: اتْرُكُوهُ (" فَإِنَّهُ ") أَيِ: الشَّأْنُ (" لَوْ قُضِيَ شَيْءٌ لَكَانَ ") . أَيْ لَوْ قُدِّرَ أَمْرٌ لَوَقَعَ (هُنَا لَفْظُ الْمَصَابِيحِ) وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ (وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ مَعَ تَغْيِيرٍ) أَيْ: (يَسِيرٍ) . يُسَامَحُ فِي مَثَلِهِ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3716
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست