responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3662
وَلِذَا لَمَّا حَجَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَّةَ الْوَدَاعِ نَزَلَ بِهِ عِنْدَ نُزُولِهِ مِنْ مِنًى إِشَارَةً إِلَى مَا مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْغَلَبَةِ عَلَى أَعْدَاءِ الدَّيْنِ، وَإِيمَاءً إِلَى إِعْلَاءِ كَلِمَةِ الْيَقِينِ، هَذَا وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِمَّا يَدُلُّ صَرِيحًا أَنَّ تِلْكَ الْعِصَابَةَ كَانُوا مُسْلِمِينَ، وَأَمَّا " زَعَمَ "، فَكَثِيرًا يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْقَوْلِ الْمُحَقَّقِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسٌ فِيهِمْ) ، أَيْ حِينَئِذٍ، وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْقَضِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ، أَوْ بَعْدَ الْقِصَّةِ الْمَسْطُورَةِ بَعْدَمَا وَقَعَ فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْهَدِيَّةِ، (فَمَرَّتْ سَحَابَةٌ، فَنَظَرُوا إِلَيْهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا تُسَمُّونَ هَذِهِ ") ؟ مَا: اسْتِفْهَامِيَّةٌ بِمَعْنَى التَّقْرِيرِ، وَهُوَ حَمْلُ الْمُخَاطَبِ عَلَى الْإِقْرَارِ، وَالْمَقْصُودُ التَّثْبِيتُ ضِدَّ الْإِنْكَارِ أَيْ أَيُّ: شَيْءٍ تُسَمُّونَ هَذِهِ؟ إِشَارَةٌ إِلَى السَّحَابَةِ، وَهُوَ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِتُسَمُّونَ، وَالْأَوَّلُ لَفْظَةُ: " مَا " (قَالُوا: السَّحَابَ) . بِالنَّصْبِ أَيْ: نُسَمِّيهِ السَّحَابَ، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ هِيَ السَّحَابُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ وَاحِدَةٌ مِنْ جُمْلَةِ جِنْسِ السَّحَابِ (قَالَ: وَالْمُزْنُ) أَيْ وَتُسَمُّونَهَا أَيْضًا الْمُزْنَ (قَالُوا: وَالْمُزْنَ) . أَيْ: نُسَمِّيهَا أَيْضًا. فَفِي النِّهَايَةِ: هُوَ الْغَيْمُ، وَالسَّحَابُ وَاحِدَتُهُ مُزْنَةٌ وَقِيلَ: هِيَ السَّحَابَةُ الْبَيْضَاءُ زَادَ الْبَيْضَاوِيُّ: وَمَاؤُهُ أَبْيَضُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ} [الواقعة: 69] (قَالَ: وَالْعَنَانُ؟ قَالُوا: وَالْعَنَانُ) . كَسَحَابٍ زِنَةً وَمَعْنَى، مِنْ عَنَّ أَيْ: ظَهَرَ. وَفِي النِّهَايَةِ الْوَاحِدَةُ عَنَانَةُ، وَقِيلَ مَا عَنَّ لَكَ فِيهَا أَيِ اعْتَرَضَ وَبَدَا لَكَ إِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا لَاطَفَهُمْ فِي الْكَلَامِ، وَبَيَّنَ لَهُمْ مَعْرِفَتَهُ بِلُغَاتِهِمُ الْمُخْتَلِفَةِ فِي مَقَامِ الْمَرَامِ تَدْرِيجًا بِالِانْتِقَالِ مِنْ مَعْلُومِهِمْ إِلَى مَجْهُولِهِمْ، وَتَرَقِّيًا مِنَ الْخَلْقِ إِلَى الْحَقِّ. (قَالَ: " هَلْ تَدْرُونَ مَا بُعْدُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ") ؟ أَيْ: مَا مِقْدَارُ بُعْدَ مَسَافَةِ مَا بَيْنَهُمَا (قَالُوا: لَا نَدْرِي. قَالَ: " إِنَّ بُعْدَ مَا بَيْنَهُمَا إِمَّا وَاحِدَةٌ وَإِمَّا اثْنَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً) ، الشَّكُّ مِنَ الرَّاوِي كَذَا قِيلَ، وَلِلتَّنْوِيعِ لِاخْتِلَافِ أَمَاكِنِ الصَّاعِدِ وَالْهَاوِي، وَبِهَذَا يَظْهَرُ صِحَّةُ مَا قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: وَالْمُرَادُ بِالسَبْعُونَ فِي الْحَدِيثِ التَّكْثِيرُ لَا التَّحْدِيدُ، لِمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَبَيْنَ سَمَاءٍ وَسَمَاءٍ مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةَ عَامٍ أَيْ سَنَةً، وَالتَّكْثِيرُ هَذَا أَبْلَغُ وَالْمَقَامُ لَهُ أَدْعَى. (وَالسَّمَاءُ) : بِالرَّفْعِ وَيَجُوزُ النَّصْبُ (الَّتِي فَوْقَهَا) أَيْ: فَوْقَ سَمَاءِ الدُّنْيَا (كَذَلِكَ) أَيْ: فِي الْبُعْدِ (حَتَّى عِنْدَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ) . أَيْ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَاتِ (ثُمَّ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ بَحْرٌ) أَيْ: عَظِيمٌ (بَيْنَ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ كَمَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ) . أَيْ الْبَحْرِ (ثَمَانِيَةُ أَوَعَالٍ) ، جَمْعُ وَعْلٍ، وَهُوَ الْعَنْزُ الْوَحْشِيُّ، وَيُقَالُ لَهُ تَيْسُ شَاةِ الْجَبَلِ (بَيْنَ أَظْلَافِهِنَّ) : جَمْعُ ظِلْفٍ بِكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ لِلْبَقَرِ وَالشَّاةِ وَالطِّيبِيُّ بِمَنْزِلَةِ الْحَافِرِ لِلدَّابَّةِ، وَالْخُفُّ لِلْبَعِيرِ. (وَوَرِكِهِنَّ) : بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيْ مَا فَوْقَ أَفْخَاذِهِنَّ (مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ وَسَمَاءٍ) ، قِيلَ: الْمُرَادُ بِهِنَّ مَلَائِكَةٌ عَلَى أَشْكَالٍ أَوَعَالٍ، وَيُلَائِمُهُ قَوْلُهُ: (ثُمَّ عَلَى ظُهُورِهِنَّ الْعَرْشُ) أَيْ: مَحْمُولٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} [غافر: 7] (بَيْنَ أَسْفَلِهِ) أَيْ: الْعَرْشِ (وَأَعْلَاهُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ) ، أَيْ مِنْ كَثْرَةِ الْبُعْدِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنِ الْحَدِّ، وَإِلَّا فَجَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ بِجَنْبِ الْعَرْشَ كَحَلْقَةٍ فِي فَلَاةٍ عَلَى مَا وَرَدَ فِي حَدِيثٍ (ثُمَّ اللَّهُ) أَيْ: وَسِعَةُ عِلْمُهُ أَوِ اتِّسَاعُ قُدْرَتِهِ فِي مُلْكِهِ (فَوْقَ ذَلِكَ) .
قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: أَرَادَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَشْغَلَهُمْ عَنِ السُّفْلِيَّاتِ إِلَى الْعُلْوِيَّاتِ، وَالتَّفْكِيرُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْعَرْشِ، ثُمَّ يَتَرَقَّوْا إِلَى مَعْرِفَةِ خَالِقِهِمْ وَرَازِقِهِمْ، وَيَسْتَكْفُوا عَنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ، وَلَا يُشْرِكُوا بِاللَّهِ الْمَلِكِ الْعَلَّامِ، فَأَخَذَ فِي التَّرَقِّي مِنَ السَّحَابِ، ثُمَّ مِنَ السَّمَاوَاتِ، ثُمَّ مِنَ الْبَحْرِ، ثُمَّ مِنَ الْأَوْعَالِ، ثُمَّ مِنَ الْعَرْشِ إِلَى ذِي الْعَرْشِ، وَالْفَوْقِيَّةُ بِحَسْبِ الْعَظَمَةِ لَا الْمَكَانِ، فَالْمَعْنَى أَنَّهُ عَالِي الشَّأْنِ عَظِيمُ الْبُرْهَانِ، وَقَالَ شَارِحٌ أَيْ: فَوْقَ الْعَرْشِ حُكْمًا وَعَظَمَةً وَاسْتِيلَاءً ". (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ) .

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3662
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست