responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3661
مَاؤُهُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي لَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ التِّبْيَانِيَ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ السَّحَابَ كِنَايَةٌ عَنْ حِجَابِ الْجَلَالِ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ حِجَابِ الذَّاتِ الْبَاعِثِ عَلَى سِرِّ الصِّفَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعَلَوِيَّاتِ وَالسَّلَفِيَّاتِ، وَلِذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: لَا يَدْرِي أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ كَيْفَ كَانَ ذَلِكَ الْعَمَاءُ، وَفِي رِوَايَةٍ: عَمَى بِالْقِصَرِ، وَهُوَ ذَهَابُ الْبَصَرِ، فَقِيلَ: هُوَ كُلُّ أَمْرٍ لَا تُدَارِكُهُ عُقُولُ بَنِي آدَمَ، وَلَا يَبْلُغُ كُنْهَهُ الْوَصْفُ، وَلَا يُدْرِكُهُ الْفَطِنُ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: نَحْنُ نُؤْمِنُ بِهِ وَلَا نُكَيِّفُهُ بِصِفَةٍ أَيْ نُجْرِي اللَّفْظَ عَلَى مَا جَاءَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ مَعَ التَّنْزِيهِ عَمَّا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ مِنَ الْحُدُوثِ وَالتَّبْدِيلِ.
(مَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ، وَمَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ) : مَا: نَافِيَةٌ فِيهِمَا، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا سَبَقَ فِي الْحَدِيثِ كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ. قَالَ الْقَاضِي: الْمُرَادُ بِالْعَمَاءِ مَا لَا تَقْبَلُهُ الْأَوْهَامُ وَلَا تُدْرِكُهُ الْعُقُولُ وَالْأَفْهَامُ، عَبَّرَ عَنْ عَدَمِ الْمَكَانِ بِمَا لَا يُدْرَكُ وَلَا يُتَوَهَّمُ، وَعَنْ عَدَمِ مَا يَحْوِيهِ وَيُحِيطُ بِهِ الْهَوَاءُ، فَإِنَّهُ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْخَلَاءُ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ الْجِسْمِ، لِيَكُونَ أَقْرَبَ إِلَى فَهْمِ السَّامِعِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ السُّؤَالَ كَانَ عَمَّا خُلِقَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ خَلْقَهُ فَلَوْ كَانَ الْعَمَاءُ أَمْرًا مَوْجُودًا لَكَانَ مَخْلُوقًا، إِذْ مَا مِنْ شَيْءٍ سِوَاهُ إِلَّا وَهُوَ مَخْلُوقٌ خَلَقَهُ وَأَبْدَعَهُ، فَلَمْ يَكُنِ الْجَوَابُ طِبْقَ السُّؤَالِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالْحَالِ.
وَقِيلَ: فِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ} [البقرة: 210] وَنَحْوِهِ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ أَيْنَ كَانَ عَرْشُ رَبِّنَا؟ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: 7] : الْمُطَابِقُ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنِ السُّؤَالُ عَنِ الْعَرْشِ لَمَا كَانَ حَاجَةٌ لِلتَّعَرُّضِ إِلَيْهِ.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: لَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى التَّقْدِيرِ، وَلَا بُدَّ لِقَوْلِهِ فِي عَمَاءٍ بِالْمَدِّ مِنَ التَّأْوِيلِ، حَتَّى يُوَافِقَ الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى عَمًّى مَقْصُورًا، وَمَا وَرَدَ فِي الصِّحَاحِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: «كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ» ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: " «مَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ وَمَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ» " جَاءَ تَتْمِيمًا صَوْنًا لِمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: فِي عَمَاءٍ مِنَ الْمَكَانِ، فَإِنَّ الْغَمَامَ الْمُتَعَارَفَ مُحَالٌ أَنْ يُوجَدَ بِغَيْرِ هَوَاءٍ، فَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ: " «كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ» " عَلَى مَا سَبَقَ فَالْجَوَابُ مِنَ الْأُسْلُوبِ الْحَكِيمِ سُئِلَ عَنِ الْمَكَانِ؟ فَأَجَابَ عَنِ الْإِمْكَانِ، يَعْنِي إِنْ كَانَ هَذَا مَكَانًا فَهُوَ فِي مَكَانٍ، وَهُوَ إِرْشَادٌ لَهُ يَفِي غَايَةً مِنَ اللُّطْفِ.
(رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ) : وَهُوَ أَحَدُ مَشَايِخِ شُيُوخِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ (الْعَمَاءُ) أَيْ: يَعْنِي مَعْنَاهُ (لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ) : وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى كَلَامِ بَعْضِ الْعَارِفِينَ فِي هَذَا الشَّأْنِ كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ وَالْآنَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ كَانَ، وَإِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ.

5726 - «وَعَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا فِي الْبَطْحَاءِ فِي عِصَابَةٍ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسٌ فِيهِمْ، فَمَرَّتْ سَحَابَةٌ، فَنَظَرُوا إِلَيْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا تُسَمُّونَ هَذِهِ؟ ": قَالُوا: السَّحَابَ. قَالَ: " وَالْمُزْنَ؟ " قَالُوا: وَالْمُزْنَ. قَالَ: " وَالْعَنَانَ ". قَالُوا وَالْعَنَانَ. قَالَ: " هَلْ تَدْرُونَ مَا بُعْدُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ؟ ". قَالُوا: لَا نَدْرِي قَالَ: " إِنَّ بُعْدَ مَا بَيْنَهُمَا إِمَّا وَاحِدَةٌ وَإِمَّا اثْنَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً، وَالسَّمَاءُ الَّتِي فَوْقَهَا كَذَلِكَ " حَتَّى عَدَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ. ثُمَّ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ بَحْرٌ، بَيْنَ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ كَمَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَوَعَالٍ، بَيْنَ أَظْلَافِهِنَّ وَوُرُكِهِنَّ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، ثُمَّ عَلَى ظُهُورِهِنَّ " الْعَرْشُ "، بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلَاهُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، ثُمَّ اللَّهُ فَوْقَ ذَلِكَ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5726 - (وَعَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، زَعَمَ) أَيْ: نُقِلَ (أَنَّهُ) أَيْ: الْعَبَّاسَ (كَانَ جَالِسًا بِالْبَطْحَاءِ) أَيْ: فِي الْمُحَصَّبِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ بِمَكَّةَ فَوْقَ مَقْبَرَةِ الْمُعَلَّى، وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى مَكَّةَ، وَأَصْلُ الْبَطْحَاءِ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ مَسِيلٌ وَاسِعٌ، فِيهِ دِقَاقُ الْحَصَى (فِي عِصَابَةٍ) : بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَيْ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ كُفَّارِ مَكَّةَ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: اسْتِعْمَالُ زَعَمَ، وَنِسْبَتُهُ إِلَى عَبَّاسٍ رَمَزٌ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ مُسْلِمًا، وَلَا تِلْكَ الْعِصَابَةُ كَانُوا مُسْلِمِينَ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْبَطْحَاءِ. قُلْتُ: وَكَانَ وَجْهُ دَلَالَتِهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ غَالِبًا مُجْتَمَعُ الْكُفَّارِ، وَمَجْمَعُ رَأْيِهِمْ فِي تِلْكَ الدَّارِ، وَمِنْ جُمْلَةِ مَا اتَّفَقَ مَشَايِخُ الْعَرَبِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، أَنَّهُمْ يَهْجُرُونَ بَنِي هَاشِمٍ، وَلَا يُبَايِعُونَهُمْ، وَلَا يُشَاوِرُونَهُمْ، وَلَا يُنَاكِحُونَهُمْ، وَلَا يُجَالِسُونَهُمْ، حَتَّى يَتْرُكُوا نُصْرَةَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحِمَايَتَهُ، كَمَا هُوَ فِي السِّيَرِ مَعْرُوفٌ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3661
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست