responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3643
مَفْتُوحَاتٍ. أَيْ: ذَهَبَ وَأَسْرَعَ إِسْرَاعًا لَا يَرُدُّهُ شَيْءٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَهُمْ يَجْمَحُونَ} [التوبة: 57] (فِي أَثَرِهِ) : بِفَتْحَتَيْنِ وَقَدْ يُكْسَرُ الْهَمْزُ وَتُسَكَّنُ الْمُثَلَّثَةُ أَيْ: فِي عَقِبِ الْحَجَرِ (يَقُولُ) أَيْ: بِلِسَانِ الْمَقَالِ أَوْ بِبَيَانِ الْحَالِ (ثَوْبِي) أَيْ: أَعْطِنِي ثَوْبِي (يَا حَجَرُ ثَوْبِي) أَيْ: مَطْلُوبِي ثَوْبِي (يَا حَجْرُ وَالتِّكْرَارُ لِلتَّكْثِيرِ (حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَلَأٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِمُ الْمُؤْذِينَ (فَرَأَوْهُ عُرْيَانًا أَحْسَنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ) : قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: عُرْيَانًا حَالٌ. وَكَذَا قَوْلُهُ: " أَحْسَنَ " لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ بِمَعْنَى النَّظَرِ. (وَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ) ، أَيْ لَيْسَ بِهِ عَيْبٌ مَا. (وَأَخَذَ ثَوْبَهُ وَطَفِقَ) أَيْ: شَرَعَ (بِالْحَجَرِ ضَرْبًا أَيْ: بِضَرْبِهِ ضَرْبًا، فَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِالْفِعْلِ الْمُقَدَّرِ. كَمَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} [ص: 33] (فَوَاللَّهِ إِنَّ فِي الْحَجَرِ لَنَدَبًا مِنْ أَثَرِ ضَرْبِهِ) : النَّدَبُ بِفَتْحِ النُّونِ وَالدَّالِ أَيْ: أَثَرًا وَعَلَامَةً بَاقِيَةً مِنْ أَثَرِ ضَرْبِهِ، وَأَصْلُ النَّدَبِ أَثَرُ الْجُرْحِ، إِذَا لَمْ يَرْتَفِعْ عَنِ الْجِلْدِ، فَشُبِّهَ بِهِ أَثَرُ الضَّرْبِ بِالْحَجَرِ وَقَوْلُهُ: (ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا) . مُتَعَلِّقٌ بِالضَّرْبِ أَوِ النَّدَبِ وَالشَّكُّ مِنَ الرَّاوِي.
قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْلُهُ: ثَلَاثًا أَيْ نَدَبَاتٍ. ثَلَاثًا بَيَانًا وَتَفْسِيرًا لِاسْمِ إِنَّ، وَضَرْبُهُ هَذَا مِنْ أَثَرِ غَضَبِهِ عَلَى الْحَجَرِ لِأَجْلِ فِرَارِهِ، وَقِلَّةِ أَدَبِهِ، وَلَعَلَّهُ ذُهِلَ عَنْ كَوْنِهِ مَأْمُورًا، وَكَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا، وَفِيهِ مَأْخَذُ الْعُلَمَاءِ الْأَنَامِ عَلَى أَنَّ ضَرَرَ الْخَاصِّ يُتَحَمَّلُ لِنَفْعِ الْعَامِّ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالْمَرَامِ، ثُمَّ قِيلَ: إِنَّ مُوسَى أُمِرَ بِحَمْلِ الْحَجَرِ مَعَهُ إِلَى أَنْ كَانَ فِي التِّيَهِ فَضَرَبَهُ بِعَصَاهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّاتٍ، فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا.
قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: فِيهِ مُعْجِزَتَانِ ظَاهِرَتَانِ لِمُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. إِحْدَاهُمَا مَشْيُ الْحَجْرِ بِثَوْبِهِ، وَالثَّانِيَةُ حُصُولُ النَّدَبِ فِي الْحَجَرِ بِضَرْبِهِ، وَفِيهِ حُصُولُ التَّمْيِيزِ فِي الْجَمَادِ، وَفِيهِ جَوَازُ الْغُسْلِ عُرْيَانًا فِي الْخَلْوَةِ، وَإِنْ كَانَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ أَفْضَلُ، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ، وَخَالَفَهُمُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَقَالَ: إِنَّ لِلْمَاءِ سَاكِنًا. قُلْتُ: إِمَامُنَا الْأَعْظَمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَعَ الْجُمْهُورِ، وَظَاهِرُ مُخَالَفَةِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى فِي دُخُولِ الْمَاءِ. قَالَ: وَفِيهِ ابْتِلَاءُ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ مِنْ أَذَى السُّفَهَاءِ وَالجُّهَالَةِ وَصَبْرُهُمْ عَلَيْهِ، وَفِيهِ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مُنَزَّهُونَ عَنِ النَّقَائِصِ فِي الْخَلْقِ، وَالْخُلُقِ سَالِمُونَ مِنَ الْعَاهَاتِ وَالْمَعَايِبِ، اللَّهُمَّ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الِابْتِلَاءِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

5707 - وَعَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا، فَخَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قَالَ: بَلَى وَعِزَّتِكَ، وَلَكِنْ لَا غِنَى عَنْ بَرَكَتِكَ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5707 - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا) ، يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَابِسًا لِلْإِزَارِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي: يَحْثِي فِي ثَوْبِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُتَجَرِّدًا عَنِ الثِّيَابِ كُلِّهَا عَلَى طِبْقِ مَا سَبَقَ لِمُوسَى عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَكَانَ جَائِزًا عِنْدَهُمَا، لَكِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَشَارَ إِلَى أَنَّ التَّسَتُّرَ أَوْلَى حَيَاءً مِنَ الْمَوْلَى، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُعِثَ لِيُتِمِّ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ، (فَخَرَّ) : بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ، أَيْ: فَسَقَطَ وَنَزَلَ (عَلَيْهِ) أَيْ: فَوْقَهُ " أَطْرَافَهُ " (جَرَادٌ) أَيْ: جِنْسُ جَرَادٍ (مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْثِي) أَيْ: يَضَعَهُ (فِي ثَوْبِهِ) : كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِكَفِّهِ أَوْ كَفَّيْهِ، وَيَضَعُ فِي ثَوْبِهِ الْمُتَّصِلِ بِهِ وَهُوَ الْإِزَارُ اللَّابِسُ لَهُ قَبْلَ الْغُسْلِ أَوْ بَعْدَهُ، أَوِ الْمُنْفَصِلُ الَّذِي مَا لَبِسَهُ بَعْدُ، وَفِي الْمَصَابِيحِ: يَحْثِي فِي ثَوْبِهِ. قَالَ شَارِحٌ لَهُ أَيْ يَجْمَعُهُ فِي ذَيْلِهِ وَيَضُمُّ طَرَفَ الذَّيْلِ إِلَى نَفْسِهِ، (فَنَادَاهُ رَبُّهُ) أَيْ: نِدَاءَ تَلَطُّفٍ (يَا أَيُّوبُ أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ) أَيْ: جَعَلْتُكَ ذَا غِنًى (عَمَّا تَرَى؟ قَالَ: بَلَى وَعِزَّتِكَ) ، قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: هَذَا لَيْسَ بِعِتَابٍ مِنْهُ تَعَالَى إِنَّ الْإِنْسَانَ وَإِنْ كَانَ مُثْرِيًا لَا يَشْبَعُ بِثَرَاهُ، بَلْ يُرِيدُ الْمَزِيدَ عَلَيْهِ، بَلْ مِنْ قَبِيلِ التَّلَطُّفِ وَالِامْتِحَانِ بِأَنَّهُ هَلْ يَشْكُرُ عَلَى مَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ، فَيَزِيدُ فِي الشُّكْرِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (وَلَكِنْ لَا غِنًى) : بِكَسْرٍ فَفَتْحٍ مَقْصُورًا أَيْ لَا اسْتِغْنَاءَ (بِي عَنْ بَرَكَتِكَ) . أَيْ عَنْ كَثْرَةِ نِعْمَتِكَ، وَزِيَادَةِ رَحْمَتِكَ. وَفِي رِوَايَةٍ: مَنْ يَشْبَعُ مِنْ رَحِمَتِكَ أَوْ مِنْ فَضْلِكَ، وَفِيهِ جَوَازُ الْحِرْصِ عَلَى الِاسْتِكْثَارِ مِنَ الْحَلَالِ فِي حَقِّ مَنْ وَثَقَ مِنْ نَفْسِهِ الشُّكْرَ عَلَيْهِ، وَيَصْرِفُهُ فِيمَا يُحِبُّ رَبُّهُ وَيَرْضَاهُ، وَيُتَوَجَّهُ الْأَمْرُ إِلَيْهِ، وَفِي تَسْمِيَةِ الْمَالِ مِنْ جِهَةِ الْحَلَالِ بَرَكَةً فِي الْمَالِ وَحُسْنِ الْحَلَالِ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: وَنَحْوُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ جَوَابًا عَنْ قَوْلِهِ: أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي: " «مَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غَيْرَ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ، وَمَا لَا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ» ". (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3643
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست