responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3634
5699 - وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَقَامًا، فَأَخْبَرَنَا عَنْ بَدْءِ الْخَلْقِ حَتَّى دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنَازِلَهُمْ، وَأَهْلُ النَّارِ مَنَازِلَهُمْ، حَفِظَ ذَلِكَ مَنْ حَفِظَهُ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5699 - (وَعَنْ عُمَرَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَالَ: قَامَ فِينَا) أَيْ خَطِيبًا (رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَقَامًا) أَيْ قِيَامًا عَظِيمًا (فَأَخْبَرَنَا عَنْ بَدْءِ الْخَلْقِ حَتَّى دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنَازِلَهُمْ، وَأَهْلُ النَّارِ مَنَازِلَهُمْ) أَيْ فَبَيَّنَ الْمَبْدَأَ وَالْمَعَادَ، وَتَوْضِيحُهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَّنَ أَحْوَالَ الْأُمَمِ كُلِّهِمْ إِلَى وَقْتِ دُخُولِ الْجَنَّةِ، وَعَيَّنَ أَحْوَالَ أُمَّتِهِ مِمَّا يَجْرِي عَلَيْهِمْ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْهُمُ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ. (حَفِظَ ذَلِكَ مَنْ حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ) قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: حَتَّى غَايَةُ أَخْبَرَنَا أَيْ أَخْبَرَنَا مُبْتَدِئًا مِنْ بَدْءِ الْخَلْقِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى دُخُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَوَضَعَ الْمَاضِيَ مَوْضِعَ الْمُضَارِعِ مُبَالَغَةً لِلتَّحْقِيقِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِ الصَّادِقِ الْأَمِينِ.
وَقَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: أَيْ أَخْبَرَنَا عَنِ الْمَبْدَأِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ إِلَى أَنِ انْتَهَى الْإِخْبَارُ عَنْ حَالِ الِاسْتِقْرَارِ فِي الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ أَخْبَرَ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ بِجَمِيعِ أَحْوَالِ الْمَخْلُوقَاتِ مِنَ الْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ وَالْمَعَاشِ، وَتَيْسِيرُ إِيرَادِ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَةِ أَمْرٌ عَظِيمٌ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .

5700 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي ; فَهُوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5700 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ) أَيْ أَثْبَتَ أَوْ أَمَرَ أَنْ يَكْتُبَ الْمَلَائِكَةُ (كِتَابًا) أَيْ مَكْتُوبًا وَهُوَ اللَّوْحُ، أَوْ كَتَبَ كِتَابَةً مُسْتَقِلَّةً (قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ: إِنَّ رَحْمَتِي) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا (سَبَقَتْ غَضَبِي) أَيْ غَلَبَتْ، كَمَا فِي رِوَايَةٍ، وَالْمَعْنَى غَلَبَتِ الرَّحْمَةُ بِالْكَثْرَةِ فِي مُتَعَلِّقِهَا عَلَى الْغَضَبِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ إِرَادَةَ الْخَيْرِ وَالنِّعْمَةِ وَالْمَثُوبَةِ مِنْهُ سُبْحَانَهُ لِعِبَادِهِ أَكْثَرُ مِنْ إِرَادَةِ الشَّرِّ وَالنِّقْمَةِ وَالْعُقُوبَةِ؛ لِأَنَّ الرَّحْمَةَ عَامَّةٌ، وَالْغَضَبَ خَاصٌّ، كَمَا حُقِّقَ فِي قَوْلِهِ: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حَيْثُ قِيلَ: رَحْمَةُ الرَّحْمَنِ عَامَّةٌ لِلْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ، بَلْ لِجَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ؛ وَلِذَا لَا يُطْلَقُ الرَّحْمَنُ عَلَى غَيْرِهِ سُبْحَانَهُ، فَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَالْكَسْرُ عَلَى الْحِكَايَةِ، وَيَكُونُ لَفْظَةُ " إِنَّ " مِنْ جُمْلَةِ الْمَكْتُوبِ، وَالْفَتْحُ عَلَى أَنَّهَا بَدَلٌ مِنْ كِتَابًا، وَعَلَى كُلٍّ فَالْمَكْتُوبُ إِنَّمَا هُوَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: (فَهُوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ مَكْتُوبٌ عَنْ سَائِرِ الْخَلَائِقِ مَرْفُوعٌ عَنْ حَيِّزِ الْإِدْرَاكِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُثْبَتٌ فِي عِلْمِهِ سُبْحَانَهُ، وَأَمَّا اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ فَقَدْ يَطَّلِعُ عَلَى بَعْضِ مَعْلُومَاتِهِ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ مِنْ مَلَائِكَتِهِ وَأَنْبِيَائِهِ وَخُلَّصِ أَوْلِيَائِهِ مِنْ أَرْبَابِ الْكُشُوفِ، لَا سِيَّمَا إِسْرَافِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَإِنَّهُ مُوَكَّلٌ عَلَيْهِ وَيَأْخُذُ الْأُمُورَ مِنْهُ، فَيَأْمُرُ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَعَزْرَائِيلَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كُلًّا بِمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ عَمَلِهِ عَلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ فَسَّرَ الْكِتَابَ هُنَا بِاللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَوِ الْقَضَاءِ الْإِجْمَالِيِّ وَالتَّفْصِيلِيِّ، فَيَتَعَيَّنُ الْكَسْرُ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنَّ تَجْعَلَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ الْمُسْتَفَادَةَ مِنَ الْحِكْمَةِ الْإِجْمَالِيَّةِ زُبْدَةً فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، وَعُمْدَةَ مَا فِيهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْحُظُوظِ.
قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: فَهُوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ، فَعِلْمُ ذَلِكَ عِنْدَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ مِنْهُ الْقَضَاءُ الَّذِي قَضَاهُ، وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فَإِنَّ قَوْلَهُ: فَهُوَ عِنْدُهُ فَوْقَ الْعَرْشِ تَنْبِيهٌ عَلَى كَيْنُونَتِهِ مَكْنُونًا عَنْ سَائِرِ الْخَلَائِقِ، مَرْفُوعًا عَنْ حَيِّزِ الْإِدْرَاكِ، وَلَا تَعَلُّقَ لِهَذَا الْقَوْلِ بِمَا يَقَعُ فِي النُّفُوسِ مِنَ التَّصَوُّرَاتِ تَعَالَى عَنْ صِفَاتِ الْمُحْدَثَاتِ فَإِنَّهُ هُوَ الْمُبَايِنُ عَنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ الْمُتَسَلِّطُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ بِقَهْرِهِ وَقُدْرَتِهِ. وَفِي سَبْقِ الرَّحْمَةِ بَيَانُ أَنَّ قِسْطَ الْخَلْقِ هَاهُنَا أَكْثَرُ مِنْ قِسْطِهِمْ مِنَ الْغَضَبِ، وَأَنَّهَا تَنَالُهُمْ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ، وَأَنَّ الْغَضَبَ لَا يَنَالُهُمْ إِلَّا بِاسْتِحْقَاقٍ، أَلَا يُرَى أَنَّهَا تَشْمَلُ الْإِنْسَانَ جَنِينًا وَرَضِيعًا وَفَطِيمًا وَنَاشِئًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَصْدُرَ مِنْهُ طَاعَةٌ اسْتَوْجَبَ بِهَا ذَلِكَ، وَلَا يَلْحَقُهُ الْغَضَبُ إِلَّا بِمَا يَصْدُرُ عَنْهُ مِنَ الْمُخَالَفَاتِ {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 118] ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى مَا سَاقَ إِلَيْنَا مِنَ النِّعَمِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهَا.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3634
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست