responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3630
زِيَادَةُ عَطَائِكَ (وَلَا يَزَالُ فِي الْجَنَّةِ فَضْلٌ) أَيْ زِيَادَةُ مَسَاكِنَ خَالِيَةٍ عَنِ السُّكَّانِ (حَتَّى يُنْشِئَ اللَّهُ لَهَا خَلْقًا فَيُسْكِنَهُمْ) مِنَ الْإِسْكَانِ (فَضْلَ الْجَنَّةِ) أَيْ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ مِنْهَا. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي قَوْلِهِ: وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا. هَذَا دَلِيلٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ الثَّوَابَ لَيْسَ مُتَوَقِّفًا عَلَى الْأَعْمَالِ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يُخْلَقُونَ حِينَئِذٍ وَيُعْطَوْنَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلِلْمُعْتَزِلَةِ أَنْ يَقُولُوا: إِنَّ نَفْيَ الظُّلْمِ عَمَّنْ لَمْ يُذْنِبْ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِنْ عَذَّبَهُمْ كَانَ ظُلْمًا وَهُوَ عَيْنُ مَذْهَبِنَا، وَالْجَوَابُ: أَنَّا وَإِنْ قُلْنَا: وَإِنْ عَذَّبَهُمْ لَمْ يَكُنْ ظُلْمًا، فَإِنَّهُ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي مُلْكِ غَيْرِهِ، لَكِنَّهُ تَعَالَى لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ لِكَرَمِهِ وَلُطْفِهِ مُبَالَغَةً، فَنَفْيُ الظُّلْمِ إِثْبَاتٌ لِلْكَرَمِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
(وَذَكَرَ حَدِيثَ أَنَسٍ: " «حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ» ) تَمَامُهُ: «وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ» (فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ) أَيْ لِأَنَّ الْحَدِيثَ أَنْسَبُ بِهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

الْفَصْلُ الثَّانِي
5696 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ قَالَ لِجِبْرِيلَ: اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا، وَإِلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لِأَهْلِهَا فِيهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا، ثُمَّ حَفَّهَا بِالْمَكَارِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا جِبْرَئِيلُ، اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَدْخُلَهَا أَحَدٌ. قَالَ: فَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ النَّارَ قَالَ: يَا جِبْرَئِيلُ، اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، قَالَ فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ فَيَدْخُلُهَا، فَحَفَّهَا بِالشَّهَوَاتِ، ثُمَّ قَالَ: يَا جِبْرَئِيلُ، اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، قَالَ: فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ! وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْفَصْلُ الثَّانِي
5696 - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ قَالَ لِجِبْرِيلَ: اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا» ) أَيْ نَظَرَ اعْتِبَارٍ (فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لِأَهْلِهَا فِيهَا) أَيْ مَاعَدَا مَا أَعَدَّ اللَّهُ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ. (ثُمَّ جَاءَ) أَيْ رَجَعَ إِلَى مَوْضِعِهِ أَوْ إِلَى حَيْثُ مَا أُمِرَ بِهِ، أَوْ إِلَى تَحْتِ الْعَرْشِ (فَقَالَ: أَيْ رَبِّ) أَيْ يَا رَبِّ (وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ) أَيْ وَيُحِبُّ دُخُولَهَا.
فَالْأُذُنُ تَعْشَقُ قَبْلَ الْعَيْنِ أَحْيَانًا (إِلَّا دَخَلَهَا) أَيْ طَمِعَ فِي دُخُولِهَا، وَجَاهَدَ فِي حُصُولِهَا، وَلَا يَهْتَمُّ إِلَّا بِشَأْنِهَا لِحُسْنِهَا وَبَهْجَتِهَا، (حَفَّهَا) أَيْ أَحَاطَهَا اللَّهُ (بِالْمَكَارِهِ) جَمْعُ كُرْهٍ وَهِيَ الْمَشَقَّةُ وَالشِّدَّةُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَالْمُرَادُ بِهَا التَّكَالِيفُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي هِيَ مَكْرُوهَةٌ عَلَى النُّفُوسِ الْإِنْسَانِيَّةِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَعَانِيَ لَهَا صُوَرٌ حِسِّيَّةٌ فِي تِلْكَ الْمَبَانِي (ثُمَّ قَالَ: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا) أَيْ ثَانِيًا لِمَا تَجَدَّدَ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ حَوَالَيْهَا (قَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَكْثَرِ الْأُصُولِ بِدُونِ: قَالَ -: (فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا) أَيْ وَرَأَى مَا عَلَيْهَا ( «ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ» ) أَيْ لَمَّا رَأَى حَوْلَهَا مِنَ الْمَوَانِعِ الَّتِي هِيَ الْعَلَائِقُ وَالْعَوَائِقُ لِلْخَلَائِقِ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَيْ لِوُجُودِ الْمَكَارِهِ مِنَ التَّكَالِيفِ الشَّاقَّةِ، وَمُخَالَفَةِ النَّفْسِ وَكَسْرِ الشَّهَوَاتِ. ( «قَالَ: فَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ النَّارَ قَالَ: يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا " قَالَ: " فَذَهَبَ " فَنَظَرَ إِلَيْهَا، ثُمَّ جَاءَ قَالَ: أَيْ رَبِّ! وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ فَيَدْخُلُهَا» ) أَيْ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا فَزِعَ مِنْهَا وَاحْتَرَزَ فَلَا يَدْخُلُهَا، ( «فَحَفَّهَا بِالشَّهَوَاتِ، ثُمَّ قَالَ: يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا " قَالَ: " فَذَهَبَ» ) وَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ ( «فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ: أَيْ رَبِّ! وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا» ) أَيْ لِمَيَلَانِ النَّفْسِ إِلَى الشَّهَوَاتِ وَحُبِّ اللَّذَّاتِ، وَكَسَلِهَا عَنِ الطَّاعَاتِ وَالْعِبَادَاتِ، فَهَذَا الْحَدِيثُ تَفْسِيرٌ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ السَّابِقِ: " «حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ» ". وَفِي مَعْنَاهُ مَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلسُّيُوطِيِّ: إِنَّ اللَّهَ بَنَى مَكَّةَ عَلَى الْمَكْرُوهَاتِ وَالدَّرَجَاتِ، وَنِعْمَ مَا قَالَ بَعْضُ أَرْبَابِ الْحَالِ:
لَوْلَا الْمَشَقَّةُ سَادَ النَّاسُ كُلُّهُمُ ... الْجُودُ يُفْقِدُ وَالْإِقْدَامُ قَتَّالُ
(رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ) .

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3630
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست