responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3629
التَّفْوِيضُ مَعَ التَّنْزِيهِ، وَأَرْبَابُ التَّأْوِيلِ مِنَ الْخَلَفِ يَقُولُونَ: الْمُرَادُ بِالْقَدَمِ قَدَمُ بَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ، أَوْ قَوْمٌ قَدَّمَهُمُ اللَّهُ لِلنَّارِ مِنْ أَهْلِهَا، وَتَقَدَّمَ فِي سَابِقِ حُكْمِهِ أَنَّهُمْ لَاحِقُوهَا، فَتَمْتَلِئُ مِنْهُمْ جَهَنَّمُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: كُلُّ شَيْءٍ قَدَّمْتَهُ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ فَهُوَ قَدَمٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [يونس: 2] أَيْ مَا قَدَّمُوهُ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِهِمْ فِي تَصْدِيقِهِمْ، وَالْمُرَادُ بِالرِّجْلِ الْجَمَاعَةُ مِنَ الْجَرَادِ، وَهُوَ إِنْ كَانَ مَوْضُوعًا لِجَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْجَرَادِ، لَكِنَّ اسْتِعَارَتَهُ لِجَمَاعَةِ النَّاسِ غَيْرُ بَعِيدٍ، وَأَخْطَأَ الرَّاوِي فِي نَقْلِهِ الْحَدِيثَ بِالْمَعْنَى، وَظَنَّ أَنَّ الرِّجْلَ سَدَّ مَسَدَّ الْقَدَمِ، هَذَا وَقَدْ قِيلَ: وَضْعُ الْقَدَمِ عَلَى الشَّيْءِ مَثَلٌ لِلرَّوْعِ وَالْقَمْعِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: يَأْتِيهَا أَمْرُ اللَّهِ فَيَكْفِيهَا مِنْ طَلَبِ الْمَزِيدِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ: " فَيَضَعُ الرَّبُّ قَدَمَهُ عَلَيْهَا " وَلَمْ يَقُلْ فِيهَا، كَذَا قَالَهُ شَارِحُ الْمَصَابِيحِ، لَكِنَّ الرِّوَايَةَ الْآتِيَةَ بِلَفْظِ: " فِيهَا " فِي الْمِشْكَاةِ، نَعَمْ " فِي " قَدْ تَأَتِي بِمَعْنَى " عَلَى " عَلَى مَا فِي التَّنْزِيلِ {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71] ، وَقِيلَ: أُرِيدَ بِهِ تَسْكِينُ فَوْرَتِهَا، كَمَا يُقَالُ لِلْأَمْرِ يُرَادُ إِبْطَالُهُ: وَضَعْتُهُ تَحْتَ قَدَمِي، ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ. وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ: الْقَدَمُ وَالرِّجْلُ الْمَذْكُورَانِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ الْمُنَزَّهَةِ عَنِ التَّكْيِيفِ وَالتَّشْبِيهِ، وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا جَاءَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فِي الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ، كَالْيَدِ وَالْأُصْبُعِ وَالْعَيْنِ، وَالْمَجِيءِ وَالْإِتْيَانِ وَالنُّزُولِ، فَالْإِيمَانُ بِهَا فَرْضٌ، وَالِامْتِنَاعُ عَنِ الْخَوْضِ فِيهَا وَاجِبٌ، فَالْمُهْتَدِي مَنْ سَلَكَ فِيهَا طَرِيقَ التَّسْلِيمِ، وَالْخَائِضُ فِيهَا زَائِغٌ وَالْمُنْكِرُ مُعَطِّلٌ، وَالْمُكَيِّفُ مُشَبِّهٌ. تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] انْتَهَى. وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلِطَرِيقِ إِمَامِنَا الْأَعْظَمِ عَلَى مَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي الْفِقْهِ الْأَكْبَرِ، فَالتَّسْلِيمُ أَسْلَمُ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(تَقُولُ) أَيِ النَّارُ، وَالْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ أَوْ حَالٍ، وَإِلَّا فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: فَتَقُولُ (قَطْ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الطَّاءِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِكَسْرِهَا مُنَوَّنَةً، وَفِي أُخْرَى مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ (قَطْ قَطْ) ذُكِرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عَلَى مَا فِي النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِ شَارِحٍ أَنَّهُ مَرَّتَيْنِ حَيْثُ قَالَ بِسُكُونِ الطَّاءِ أَيْ: كَفَى كَفَى، وَيُحْتَمَلُ بِكَسْرِ الطَّاءِ أَيْ حَسْبِي حَسْبِي. قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ بِإِسْكَانِ الطَّاءِ فِيهِمَا وَبِكَسْرِهَا مُنَوَّنَةً وَغَيْرَ مُنَوَّنَةٍ، وَفِي الْقَامُوسِ: إِذَا كَانَ قَطْ بِمَعْنَى حَسْبٍ فَقَطْ كَمَنْ وَقَطٍ مُنَوَّنًا مَجْرُورًا، فَاقْتِصَارُهُ عَلَيْهِمَا مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْكَسْرَ مَعَ غَيْرِ التَّنْوِينِ ضَعِيفٌ. (فَهُنَالِكَ) أَيْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ (تَمْتَلِئُ) أَيِ النَّارُ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى (وَيُزْوَى) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ يُضَمُّ وَيُجْمَعُ (بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ) أَيْ مِنْ غَايَةِ الِامْتِلَاءِ (فَلَا يَظْلِمُ اللَّهُ) أَيْ أَبَدًا (مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا) أَيْ لَا يُنْشِئُ اللَّهُ خَلْقًا لِلنَّارِ، فَإِنَّهُ ظُلْمٌ بِحَسَبِ الصُّورَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظُلْمًا حَقِيقَةً فَإِنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مُلْكِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى لَا يَفْعَلُ مَا فِي صُورَةِ الظُّلْمِ. (وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُنْشِئُ لَهَا) أَيْ مِنْ عِنْدِهِ (خَلْقًا) أَيْ جَمْعًا لَمْ يَعْمَلُوا عَمَلًا، وَهَذَا فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَوْ أَنْشَأَ لِلنَّارِ خَلْقًا عَلَى مَا قِيلَ لَكَانَ عَدْلًا، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

5695 - وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَزَالُ جَهَنَّمَ يُلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ. فَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ، بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ، وَلَا يَزَالُ فِي الْجَنَّةِ فَضْلٌ حَتَّى يُنْشِئَ اللَّهُ لَهَا خَلْقًا فَيُسْكِنُهُمْ فَضْلَ الْجَنَّةِ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ حَدِيثَ أَنَسٍ: " «حَفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ» " فِي (كِتَابِ الرِّقَاقِ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5695 - (وَعَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ يُلْقَى) أَيْ يُطْرَحُ (فِيهَا) أَيْ مِنَ الْكُفَّارِ وَالْفُجَّارِ (وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟) أَيْ مِنْ زِيَادَةٍ (حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ) أَيْ صَاحِبُ الْغَلَبَةِ وَالْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ (فِيهَا قَدَمَهُ) وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (فَيُزْوَى) أَيْ يَنْضَمُّ وَيَجْتَمِعُ (بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ) أَيْ مَرَّتَيْنِ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْكَثْرَةُ أَوِ انْحِصَارُ الْعَدَدِ (بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ) أَيْ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3629
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست