responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3373
وَقَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: الْحَدِيثُ وَارِدٌ فِي مَدْحِ أُمَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاخْتِصَاصِهِمْ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأُمَمِ بِعِنَايَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَحِمَتِهِ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّهُمْ إِنْ أُصِيبُوا بِمُصِيبَةٍ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى الشَّوْكَةُ يَشَاكُهَا، فَإِنَّ اللَّهَ يُكَفِّرُ بِهَا فِي الْآخِرَةِ ذَنْبًا مِنْ ذُنُوبِهِمْ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْخَاصِّيَّةُ لِسَائِرِ الْأُمَمِ، وَيُؤَيِّدُهُ ذِكْرُ هَذِهِ وَتَعْقِيبُهَا بِقَوْلِهِ (مَرْحُومَةٌ) فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى مَزِيَّةِ تَمْيِيزِهِمْ بِعِنَايَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَحِمَتِهِ، وَالذَّهَابُ إِلَى الْمَفْهُومِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ، وَهَذِهِ الرَّحْمَةُ هِيَ الْمُشَارُ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} [الأعراف: 156] ، إِلَى قَوْلِهِ: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ} [الأعراف: 157] ، انْتَهَى. وَلَا يَخْفَى عَلَيْكَ أَنْ هَذَا كُلَّهُ مِمَّا لَا يَدْفَعُ الْإِشْكَالَ، فَإِنَّهُ لَا شَكَّ عِنْدَ أَرْبَابِ الْحَالِ أَنَّ رَحْمَةَ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِنَّمَا هِيَ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ بِظَاهِرِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ لَا يُعَذَّبُ فِي الْآخِرَةِ، وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْأَحَادِيثُ فِي أَنَّ جَمَاعَةَ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ يُعَذَّبُونَ فِي النَّارِ، ثُمَّ يَخْرُجُونَ إِمَّا بِالشَّفَاعَةِ، وَإِمَّا بِعَفْوِ الْمَلِكِ الْغَفَّارِ، وَهَذَا مَنْطُوقُ الْحَدِيثِ وَمَعْنَاهُ الْمَأْخُوذُ مِنْ أَلْفَاظِهِ وَمَبْنَاهِ، وَلَيْسَ بِمَفْهُومِهِ الْمُتَعَارَفِ الْمُخْتَلِفِ فِي اعْتِبَارِهِ حَتَّى يَصِحَّ قَوْلُهُ: أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ مَهْجُورٌ، بَلِ الْمُرَادُ بِمَفْهُومِهِ فِي كَلَامِ الْمُظْهِرِ الْمَعْلُومِ فِي الْعِبَارَةِ، ثُمَّ قَوْلِ الطِّيبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْخَاصِّيَّةُ وَهِيَ كَفَّارَةُ الذُّنُوبِ بِالْبَلِيَّةِ لِسَائِرِ الْأُمَمِ تَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ مُثْبِتٍ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا فُهِمَ مِنَ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَنُ، إِلَى آخِرِهِ، فَإِنَّهُ قَابِلٌ لِلتَّقْيِيدِ بِكَوْنِ وُقُوعِ عَذَابِهَا بِهَا غَالِبًا. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) ، وَكَذَا الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرِكِهِ.
وَصَحَّحَهُ وَأَقَرَّهُ الذَّهَبِيُّ ذَكَرَهُ مِيرَكُ، وَفِي الْجَامِعِ بِلَفْظِ: " «أُمَّتِي هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ، إِنَّمَا عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَنُ، وَالزَّلَازِلُ، وَالْقَتْلُ، وَالْبَلَايَا» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْحَاكِمُ، وَالْبِيهَقِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْكُنَى عَنْ أَنَسٍ: «أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ مَغْفُورٌ لَهَا مُتَابٌ عَلَيْهَا» ، أَيْ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهَا وَلَا يَتْرُكُهَا مُصِرَّةً عَلَى الذُّنُوبِ، فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ خَوَاصُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

5375 - 5376 - وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ بَدَأَ نُبُوَّةً وَرَحْمَةً، ثُمَّ يَكُونُ خِلَافَةً وَرَحْمَةً، ثُمَّ مُلْكًا عَضُوضًا، ثُمَّ كَائِنٌ جَبْرِيَّةً وَعُتُوًّا وَفَسَادًا فِي الْأَرْضِ، يَسْتَحِلُّونَ الْحَرِيرَ وَالْفُرُوجَ وَالْخُمُورَ، يُرْزَقُونَ عَلَى ذَلِكَ وَيُنْصَرُونَ، حَتَّى يَلْقَوُا اللَّهَ» ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي (شُعَبِ الْإِيمَانِ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5375 - 5376 - (وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ ") أَيْ: مَا بُعِثَ بِهِ مِنْ إِصْلَاحِ النَّاسِ دِينًا وَدُنْيَا وَهُوَ الْإِسْلَامُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الْأَحْكَامِ (" بَدَأَ ") بِالْأَلْفِ أَيْ: ظَهَرَ، وَفَى نُسْخَةٍ بِالْهَمْزَةِ أَيْ: ابْتَدَأَ أَوَّلُ أَمْرِ الدِّينِ إِلَى آخِرِ زَمَانِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَمَانِ نُزُولِ الْوَحْيِ وَالرَّحْمَةِ (نُبُوَّةً وَرَحْمَةً) نَصْبُهَا عَلَى التَّمْيِيزِ أَوِ الْحَالِ أَيْ: ذَا نُبُوَّةٍ وَرَحْمَةٍ كَامِلَةٍ، مِنْ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ عَلَى الْأُمَّةِ الْمَرْحُومَةِ (ثُمَّ يَكُونُ) أَيْ: أَمْرُ الدِّينِ (" خِلَافَةً ") أَيْ: نِيَابَةً عَنْ حَضْرَةِ النُّبُوَّةِ (وَرَحْمَةً) أَيْ: شَفَقَةً عَلَى الْأُمَّةِ بِطَرِيقِ كَمَالِ الْوِلَايَةِ عَلَى وَجْهِ التَّبَعِيَّةِ إِلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً، فَانْقَضَتْ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَيَّامَ الْحَسَنِ، فَلَيْسَ لِمُعَاوِيَةَ نَصِيبٌ فِي الْخِلَافَةِ خِلَافًا لِمَنْ خَالَفَهُ، (" ثُمَّ مُلْكًا عَضُوضًا ") بِفَتْحِ الْعَيْنِ فَعُولٌ لِلْمُبَالِغَةِ، مِنَ الْعَضِّ بِالسِّنِّ أَيْ: يُصِيبُ الرَّعِيَّةَ فِيهِ ظُلْمٌ يُعَضُّونَ فِيهِ عَضَّا، وَرَوَى بِضَمِّ الْعَيْنِ جَمْعِ عَضٍّ بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الْخَبِيثُ الشِّرِّيرُ أَيْ: يَكُونُ مُلُوكًا يَظْلِمُونَ النَّاسَ، وَيُؤْذُونَهُمْ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَالِبِ إِذِ النَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ، فَلَا يُشَكُّ بِأَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ عَادِلًا حَتَّى سُمِّيَ عُمَرَ الثَّانِي، وَقَضَايَاهُ مَشْهُورَةٌ وَمَنَاقِبُهُ مَسْطُورَةٌ، (" ثُمَّ كَائِنَ ") أَيْ: ذَلِكَ الْأَمْرُ أَوْ ثُمَّ هَذَا الْأَمْرُ كَائِنٌ (" جَبْرِيَّةً ") بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمُوَحَّدَةِ عَلَى النَّصْبِ أَيْ: قَهْرًا وَغَلَبَةً (وَعُتُوًّا) بِضَمَّتَيْنِ فَتَشْدِيدٍ أَيْ: تَكَبُّرًا (" وَفَسَادًا فِي الْأَرْضِ ") ، أَيْ فِي الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ الْعِظَامِ، وَلَعَلَّ وَجْهَ الْعُدُولِ فِي الْكَلَامِ هُوَ الِاسْتِمْرَارُ وَالدَّوَامُ، كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، حَيْثُ اسْتَقَرَّتِ الْخِلَافَةُ فِي أَيْدِي الظَّلَمَةِ بِطَرِيقِ التَّسَلُّطِ وَالْغَلَبَةِ، مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ شُرُوطِ الْإِمَامَةِ أَوَّلًا، ثُمَّ فِي زِيَادَةِ الظُّلْمِ وَالتَّعَدِّي عَلَى الرَّعَايَا، وَالتَّحَكُّمِ عَلَيْهِمْ بِأَنْوَاعِ الْبَلَايَا وَأَصْنَافِ الرَّزَايَا ثَانِيًا، ثُمَّ فِي إِعْطَاءِ الْمَنَاصِبِ لِغَيْرِ أَرْبَابِهَا الْمُسْتَحِقِّ لَهَا، وَعَدَمِ الِالْتِفَاتِ إِلَى الْعُلَمَاءِ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3373
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست