responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3372
وَمُجْمَلُهُ أَنْ سَأَصِلُ تِلْكَ الْقَرَابَةَ بِالشَّيْءِ الَّذِي يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى الْأَقَارِبِ مِنَ الْإِحْسَانِ، وَدَفْعِ الظُّلْمِ وَالضُّرِّ عَنْهُمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَفِي النِّهَايَةِ: الْبِلَالُ جَمْعُ بَلَلٍ، وَالْعَرَبُ يُطْلِقُونَ النَّدَاوَةَ عَلَى الصِّلَةِ، كَمَا يُطْلَقُ الْيُبْسُ عَلَى الْقِطْعَةِ ; لِأَنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْا أَنَّ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ يَتَّصِلُ بِالنَّدَاوَةِ، وَيَحْصُلُ بَيْنَهَا التَّجَافِي وَالتَّفَرُّقُ بِالْيُبْسِ اسْتَعَارُوا الْبَلَلَ لِمَعْنَى الْوَصْلِ، وَالْيُبْسَ لِمَعْنَى الْقِطْعَةِ، وَالْمَعْنَى: أَصِلُكُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
(وَفَى الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ) : هَذَا مَوْجُودٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ (يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ) ، أَيِ اعْتِقُوهَا وَخَلِّصُوهَا مِنَ النَّارِ بِالْإِيمَانِ وَتَرْكِ الْكُفْرَانِ وَبِالطَّاعَةِ لِمَا جِئْتُ بِهِ وَالِانْقِيَادِ لِمَا مَنَعْتُ مِنْهُ (لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا) أَيْ: لَا أُبْعِدُ مِنْكُمْ وَلَا أَدْفَعُ عَنْكُمْ شَيْئًا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ (يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ: لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ") بِالنَّصْبِ فِيهِمَا، وَفَى نُسْخَةٍ بِرَفْعِ عَبَّاسٍ (" لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَيَا صَفِيَّةُ ") بِالْوَاوِ الْعَاطِفَةِ بِخِلَافِ مَا قَبْلُهُ مِنْ أَلْفَاظِ النِّدَاءِ، فَإِنَّهَا كَانَتْ عَلَى سَبِيلِ التَّعْدَادِ، وَصْفِيَّةُ مَرْفُوعَةٌ، وَقَوْلُهُ: (" عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ ") مَنْصُوبَةٌ (" لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ") وَكَذَا قَوْلُهُ: (وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ! سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي) كَذَا فِي نُسَخٍ مِنْ مَوْصُولَةٌ، قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: أَرَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْمَالِ الْمَعْرُوفِ فِي شَيْءٍ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِهِ عَمَّا يَمْلِكُهُ مِنَ الْأَمْرِ وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَنَا أَنَّهُ كَانَ ذَا مَالٍ لَا سِيَّمَا بِمَكَّةَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْكَلِمَتَيْنِ أَعْنِي (مِنْ وَمَا) وَقَعَ الْفَصْلُ فِيهِمَا مِنْ بَعْضِ مَنْ لَمْ يُحَقِّقْهُ مِنَ الرُّوَاةِ فَكَتَبَهُمَا مُنْفَصِلَتَيْنِ، انْتَهَى. وَفِيهِ أَنَّهُ يَرُدُّهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} [الضحى: 8] أَيْ بِمَالِ خَدِيجَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عَلَى مَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ، وَأَيْضًا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ عَدَمِ وُجُودِ الْمَالِ الْحَاضِرِ لِلْجَوَادِ أَنْ لَا يَدْخُلَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنَ الْمَالِ فِي الِاسْتِقْبَالِ، فَيُحْمَلُ الْوَعْدُ الْمَذْكُورُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، وَمَهْمَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ لِتَصْحِيحِ الدِّرَايَةِ تَعَيَّنَ عَدَمُ التَّخْطِئَةِ فِي الرِّوَايَةِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ، (" لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ") .

الْفَصْلُ الثَّانِي
5374 - عَنْ أَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «أُمَّتِي هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الْآخِرَةِ، عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا: الْفِتَنُ وَالزَّلَازِلُ وَالْقَتْلُ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْفَصْلُ الثَّانِي
5374 - (عَنْ أَبِي مُوسَى) أَيِ: الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أُمَّتِي هَذِهِ ") أَيْ: أُمَّةُ الْإِجَابَةِ الْمَوْجُودَةُ ذِهْنًا الْمَعْهُودَةُ مَعْنًى، كَأَنَّهَا الْمَذْكُورَةُ حِسًّا (أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ) أَيْ: رَحْمَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ ; لِكَوْنِ نَبِيِّهِمْ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، بَلْ مُسَمًّى بِنَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَهُمْ خَيْرُ أُمَّةٍ (لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ) أَيْ: شَدِيدٌ (فِي الْآخِرَةِ) بَلْ غَالِبُ عَذَابِهِمْ أَنَّهُمْ مَجْزِيُّونَ بِأَعْمَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا بِالْمِحَنِ، وَالْأَمْرَاضِ، وَأَنْوَاعِ الْبَلَايَا، كَمَا حُقِّقَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَيُؤَيِّدُ قَوْلَهُ: (عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَنُ وَالزَّلَازِلُ وَالْقَتْلُ) أَيْ: بِغَيْرِ حَقٍّ، وَقِيلَ: الْحَدِيثُ خَاصٌّ بِجَمَاعَةٍ لَمْ تَأْتِ كَبِيرَةً، وَيُمْكِنْ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ إِلَى جَمَاعَةٍ خَاصَّةٍ مِنَ الْأُمَّةِ، وَهُمُ الْمُشَاهَدُونَ مِنَ الصَّحَابَةِ، أَوِ الْمَشِيئَةُ مُقَدَّرَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] وَقَالَ الْمُظْهِرُ: هَذَا حَدِيثٌ مُشْكِلٌ ; لِأَنَّ مَفْهُومَهُ أَنْ لَا يُعَذَّبَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَوَاءٌ فِيهِ مَنِ ارْتَكَبَ الْكَبَائِرَ وَغَيْرُهُ، فَقَدْ وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ بِتَعْذِيبِ مُرْتَكِبِ الْكَبِيرَةِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ الْمُرَادُ بِالْأُمَّةِ هُنَا مَنِ اقْتَدَى بِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا يَنْبَغِي، وَيَمْتَثِلُ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ وَيَنْتَهِي عَمَّا نَهَاهُ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3372
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست