responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3365
الْمُتَدَيِّنُ يَوْمَئِذٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى ثَبَاتِهِ عَلَى دِينِهِ لِغَلَبَةِ الْعُصَاةِ وَالْمَعَاصِي، وَانْتِشَارِ الْفِسْقِ وَضَعْفِ الْإِيمَانِ، انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ: كَمَا لَا يُمْكِنُ الْقَبْضُ عَلَى الْجَمْرَةِ إِلَّا بِصَبْرٍ شَدِيدٍ، وَتَحَمُّلِ غَلَبَةِ الْمَشَقَّةِ، كَذَلِكَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لَا يُتَصَوَّرُ حِفْظُ دِينِهِ وَنُورُ إِيمَانِهِ إِلَّا لِصَبْرٍ عَظِيمٍ وَتَعَبٍ جَسِيمٍ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ يَكُونُ أَقْوَى، فَالْمُرَادُ بِهِ الْمُبَالَغَةُ، فَلَا يُنَافِيهِ أَنَّ مَا أَحَدٌ يَصْبِرُ عَلَى قَبْضِ الْجَمْرِ ; وَلِذَا قَالَ تَعَالَى: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} [البقرة: 175] مَعَ أَنَّهُ قَدْ يُقْبَضُ عَلَى الْجَمْرِ أَيْضًا عِنْدَ الْإِكْرَاهِ عَلَى أَمْرٍ أَعْظَمَ مِنْهُ مِنْ قَتْلِ نَفْسٍ، أَوْ إِحْرَاقٍ، أَوْ إِغْرَاقٍ وَنَحْوِهَا ; وَلِذَا قَالَ تَعَالَى: {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا} [التوبة: 81] وَقَدْ أَشَارَ الشَّاطِبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي زَمَانِهِ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ:
وَهَذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتِي ... كَقَبْضٍ عَلَى جَمْرٍ فَتَنْجُو مِنَ الْبَلَا
قَالَ الْجَعْبَرِيُّ: أَيْ: هَذَا الزَّمَانُ زَمَانُ الصَّبْرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أُنْكِرَ الْمَعْرُوفُ وَعُرِفَ الْمُنْكَرُ وَفَسَدَتِ النِّيَّاتُ، وَظَهَرَتِ الْخِيَانَاتُ، وَأُوذِيَ الْمُحِقُّ، وَأُكْرِمَ الْمُبْطِلُ، فَمَنْ يَسْمَعُ لَك بِالْحَالَةِ الَّتِي لُزُومُهَا فِي الشِّدَّةِ كَالْقَابِضِ عَلَى جَمْرِ النَّارِ، فَقَدْ رَوَى أَبُو ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيُّ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ: " «ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كُلٍّ بِرَأْيهِ، فَعَلَيْكَ خَاصَّةُ نَفْسِكَ وَدَعِ الْعَوَامَّ، فَإِنَّ وَرَاءَكُمْ أَيَّامًا الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ أَجْرُ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ» "، انْتَهَى. (" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ إِسْنَادًا) . قَالَ مِيرَكُ نَقْلًا عَنِ التَّصْحِيحِ: هَذَا الْحَدِيثُ وَقَعَ لَهُ ثُلَاثِيًّا، وَفِي سَنَدِهِ عُمَرُ بْنُ شَاكِرٍ شَيْخُ التِّرْمِذِيِّ وَحْدَهُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، انْتَهَى، وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ أَنَسٍ أَيْضًا: يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَكُونُ الْمُؤْمِنُ فِيهِ أَذَلَّ مِنْ شَاتِهِ.

5368 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ خِيَارَكُمْ، وَأَغْنِيَاؤُكُمْ سُمَحَاءَكُمْ، وَأُمُورُكُمْ شُورَى بَيْنِكُمْ، فَظَهْرُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ بَطْنِهَا، وَإِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ شِرَارَكُمْ، وَأَغْنِيَاؤُكُمْ بُخَلَاءَكُمْ، وَأُمُورُكُمْ إِلَى نِسَائِكُمْ، فَبَطْنُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ظَهْرِهَا» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5368 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِذَا كَانَ ") وَلَفْظُ الْجَامِعِ: إِذَا كَانَتْ (أُمَرَاؤُكُمْ خِيَارَكُمْ) أَيْ: أَتْقِيَاءَكُمْ (وَأَغْنِيَاؤُكُمْ سُمَحَاءَكُمْ) أَيْ: أَسْخِيَاءَكُمْ، وَاحِدَةُ سَمْحٍ، فَكَأَنَّهُ جَمْعُ سَمِيحٍ بِمَعْنَى سَمْحٍ (" وَأُمُورُكُمْ شُورَى بَيْنَكُمْ ") مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّشَاوُرِ أَيْ: ذَوَاتُ شُورَى عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَوْ عَلَى أَنَّ الْمَصْدَرَ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ أَيْ مُتَشَاوَرٍ فِيهَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38] وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159] ، وَالْمَعْنَى: مَا دُمْتُمْ مُتَشَاوِرِينَ فِي أُمُورِكُمْ، (فَظَهْرُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ بَطْنِهَا) أَيْ: لِأَجْلِ أَنَّهُمْ عَامِلُونَ بِمَا فِي الْكِتَابِ وَالسَّنَةِ، وَطُوبَى لِمَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ (وَإِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ شِرَارَكُمْ) أَيْ: بِالْفِسْقِ وَالظُّلْمِ (وَأَغْنِيَاؤُكُمْ بُخَلَاءَكُمْ) أَيْ: بِقِلَّةِ الرَّحْمَةِ وَالشَّفَقَةِ (وَأُمُورُكُمْ إِلَى نِسَائِكُمْ) أَيْ: مُفَوَّضٌ إِلَى رَأْيِهِنَّ، وَالْحَالُ أَنَّهُنَّ مِنْ نَاقِصَاتِ الْعَقْلِ وَالدِّينِ، وَقَدْ وَرَدَ: شَاوِرُوهُنَّ وَخَالِفُوهُنَّ، وَفِي مَعْنَاهُنَّ كُلُّ مَنْ يَكُونُ فِي مَرْتَبَةِ حَالِهِنَّ مِنَ الرِّجَالِ مِمَّنْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ حُبُّ الْجَاهِ وَالْمَالِ، وَلَمْ يَعْلَمْ مَا يَتَعَلَّقُ بِضَرَرِ الدِّينِ وَوَبَالِ الْمَالِ، (فَبَطْنُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ظَهْرِهَا) أَيْ: فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَغْلِبْ خَيْرُهُ شَرَّهُ فَالْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) .

5369 - وَعَنْ ثَوْبَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا "، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: " بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ "، قَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: " حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، والْبَيْهَقِيُّ فِي (دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5369 - (وَعَنْ ثَوْبَانَ) : وَهُوَ مَوْلَى لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " يُوشِكُ الْأُمَمُ) أَيْ: يَقْرُبُ فِرَقُ الْكُفْرِ وَالضَّلَالَةِ (" أَنْ تَدَاعَى ") : حَذَفَ إِحْدَى التَّاءَيْنِ، أَيْ: تَتَدَاعَى (عَلَيْكُمْ) :

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3365
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست