responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3344
[6] بَابُ الْبُكَاءِ وَالْخَوْفِ
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
5339 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَلَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا» "، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
[6]
بَابُ الْبُكَاءِ وَالْخَوْفِ
جَمَعَ بَيْنَهُمَا تَنْبِيهًا لِتَلَازُمِهِمَا غَالِبًا، وَقَدَّمَ الْبُكَاءَ وَلَوْ سَبَبُهُ الْخَوْفُ لِظُهُورِهِ أَوَّلًا، أَوْ أُرِيدَ بِالْخَوْفِ التَّعْمِيمُ، فَذَكَرَهُ بَعْدَ الْبُكَاءِ كَالتَّتْمِيمِ، ثُمَّ الْبُكَاءُ بِالْقَصْرِ: خُرُوجُ الدَّمْعِ مَعَ الْحُزْنِ، وَبِالْمَدِّ: خُرُوجُهُ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ، كَذَا قِيلَ، وَالْمَدُّ أَشْهَرُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ لَهُ هَاهُنَا الْمَعْنَى الْأَعَمَّ، فَحَمْلُهُ عَلَى التَّجْرِيدِ فِي أَحَدِ مَعْنَيَيْهِ هُوَ الْأَتَمُّ.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
5339 - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ ") أَيْ: مِنْ عِقَابِ اللَّهِ لِلْعُصَاةِ، وَشِدَّةِ الْمُنَاقَشَةِ يَوْمَ الْحِسَابِ لِلْعُتَاةِ، وَكَشْفِ السَّرَائِرِ وَخُبْثِ النِّيَّاتِ (" لَبَكَيْتُمْ ") : جَوَابُ الْقَسَمِ السَّادِّ مَسَدَّ جَوَابِ لَوْ (" كَثِيرًا ") أَيْ: بُكَاءً كَثِيرًا، أَوْ زَمَانًا كَثِيرًا، أَيْ: مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، تَرْجِيحًا لِلْخَوْفِ عَلَى الرَّجَاءِ وَخَوْفًا مِنْ سُوءِ الْخَاتِمَةِ (" وَلَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا ") ، وَكَأَنَّ الْحَدِيثَ مُقْتَبَسٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا} [التوبة: 82] قَالَ الْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَذَا الْحَدِيثُ مِنَ الْأَسْرَارِ الَّتِي أُودِعَهَا قَلْبَ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الصَّادِقِ، وَيَجُوزُ إِفْشَاءُ السِّرِّ، فَإِنَّ صُدُورَ الْأَحْرَارِ قُبُورُ الْأَسْرَارِ، بَلْ كَانَ يَذْكُرُ ذَلِكَ لَهُمْ حَتَّى يَبْكُوا وَلَا يَضْحَكُوا، فَإِنَّ الْبُكَاءَ ثَمَرَةُ شَجَرَةِ حَيَاةِ الْقَلْبِ الْحَيِّ بِذِكْرِ اللَّهِ، وَاسْتِشْعَارِ عَظَمَتِهِ وَهَيْبَتِهِ وَجَلَالِهِ، وَالضَّحِكُ نَتِيجَةُ الْقَلْبِ الْغَافِلِ عَنْ ذَلِكَ، فَبِأَنَّ الْحَقِيقَةَ حَثَّ الْخَلْقِ عَلَى طَلَبِ الْقَلْبِ الْحَيِّ وَالتَّعَوُّذِ مِنَ الْقَلْبِ الْغَافِلِ، (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) أَيْ: مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، ذَكَرَهُ مِيرَكُ، وَفِي الْجَامِعِ: رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالشَّيْخَانِ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَنَسٍ، وَالْحَاكِمُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ الضِّيَاءُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَزَادَ: " وَلَمَا سَاغَ لَكُمُ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ "، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَلَفْظُهُ: " «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَلَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا تَدْرُونَ تَنْجُونَ أَوْ لَا تَنْجُونَ» "، وَسَيَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مُطَوَّلًا. وَرُوِيَ أَنَّ الْمُنَادِي يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ: لَيْتَ هَذَا الْخَلْقَ لَمْ يُخْلَقُوا، وَلَيْتَهُمْ إِذَا خُلِقُوا عَلِمُوا لِمَاذَا خُلِقُوا. وَعَنِ الصِّدِّيقِ الْأَكْبَرِ أَنَّهُ قَالَ: وَدِدْتُ أَنْ أَكُونَ خُضَرًا تَأْكُلُنِي الدَّوَابُّ مَخَافَةَ الْعَذَابِ. وَعَنْ عُمَرَ الْفَارُوقِ: أَنَّهُ سَمِعَ إِنْسَانًا يَقْرَأُ: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} [الإنسان: 1] فَقَالَ: لَيْتَهَا تَمَّتْ، بَلْ «وَرَدَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قَالَ: لَيْتَ رَبَّ مُحَمَّدٍ لَمْ يَخْلُقْ مُحَمَّدًا» ، وَعَنِ الْفُضَيْلِ أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي لَا أَغْبِطُ مَلَكًا مُقَرَّبًا، وَلَا نَبِيًّا مُرْسَلًا، وَلَا عَبْدًا صَالِحًا، أَلَيْسَ هَؤُلَاءِ يُعَانُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ إِنَّمَا أَغْبِطُ مَنْ لَا يُخْلَقُ.

5340 - وَعَنْ أُمِّ الْعَلَاءِ الْأَنْصَارِيَّةِ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «وَاللَّهِ لَا أَدْرِي، وَاللَّهِ لَا أَدْرِي، وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ، مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ» "، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5340 - (وَعَنْ أُمِّ الْعَلَاءِ الْأَنْصَارِيَّةِ) ، هِيَ مِنَ الْمُبَايِعَاتِ، رَوَى عَنْهَا خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَهِيَ أُمُّهُ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعُودُهَا فِي مَرَضِهَا، (قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " وَاللَّهِ لَا أَدْرِي ") ، وَفِي نُسْخَةٍ (" وَاللَّهِ لَا أَدْرِي ") مُكَرَّرًا، (" وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ ") - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (" مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ") : مَفْعُولُ لَا أَدْرِي، وَدُخُولُ " لَا " لِمَزِيدِ التَّأْكِيدِ ; لِيُفِيدَ اشْتِمَالَ النَّفْيِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَبِيلَيْنِ عَلَى حِدَهْ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فِيهِ وُجُوهٌ، أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِنْهُ حِينَ قَالَتِ امْرَأَةُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ لَمَّا تُوُفِّيَ: هَنِيئًا لَكَ الْجَنَّةُ، زَجْرًا لَهَا عَلَى سُوءِ الْأَدَبِ بِالْحُكْمِ عَلَى الْغَيْبِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا،

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3344
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست