responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3299
فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ} [فاطر: 37] وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَالْفِرْيَابِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو الشَّيْخِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي تَفْسِيرِ: سِتِّينَ سَنَةً. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَلِيٍّ فِي الْآيَةِ قَالَ: الْعُمُرُ الَّذِي أَعْذَرَهُمُ اللَّهُ مِنْهُ سِتُّونَ سَنَةً، وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الْحَسَنِ فِي الْآيَةِ قَالَ: أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر: 37] فَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ الشَّيْبُ.

5273 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغَى ثَالِثًا، وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5273 - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ ") أَيْ: فَرْضًا وَتَقْدِيرًا (" وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ ") : وَفِي رِوَايَةٍ: مِنْ ذَهَبٍ (" لَابْتَغَى ") أَيْ: لَطَلَبَ (ثَالِثًا) ، أَيْ: وَادِيًا آخَرَ أَعْظَمَ مِنْهُمَا ذُخْرًا وَهَلُمَّ جَرًّا كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (" وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ ") أَيْ: بَطْنَهُ أَوْ وَسَطَ عَيْنِهِ (" إِلَّا التُّرَابُ ") ، أَيْ: تُرَابُ الْفَقْرِ، فَفِيهِ تَنْبِيهٌ نَبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْبُخْلَ الْمُوَرِّثَ لِلْحِرْصِ مَرْكُوزٌ فِي جِبِلَّةِ الْإِنْسَانِ، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ سُبْحَانَهُ فِي الْقُرْآنِ حَيْثُ قَالَ أَبْلَغَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْمَقَالِ: {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا} [الإسراء: 100] فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حِرْصَ ابْنِ آدَمَ وَخَوْفَهُ مِنَ الْفَقْرِ الْبَاعِثِ لَهُ عَلَى الْبُخْلِ حَتَّى عَلَى نَفْسِهِ أَقْوَى مِنَ الطَّيْرِ الَّذِي يَمُوتُ عَطَشًا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ خَوْفًا مِنْ نَفَادِهِ، وَمِنَ الدُّودَةِ الَّتِي قُوتُهَا التُّرَابُ وَتَمُوتُ جُوعًا خَشْيَةً مِنْ فَرَاغِهِ، لِأَنَّ مَا ذُكِرَ مِنَ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ فِي جَنْبِ خَزَائِنِ رَحْمَةِ رَبِّ الْأَرْبَابِ كَقَطْرَةٍ مِنَ السَّحَابِ. (" وَيَتُوبُ اللَّهُ ") أَيْ: يَرْجِعُ بِالرَّحْمَةِ (" عَلَى مَنْ تَابَ ") . أَيْ: رَجَعَ إِلَيْهِ بِطَلَبِ الْعِصْمَةِ أَوْ يَتَفَضَّلُ اللَّهُ بِتَوْفِيقِ التَّوْبَةِ وَتَحْقِيقِ اسْتِعَاذَةِ الْعُقْبَى عَلَى مَنْ تَابَ أَيْ: مِنْ مَحَبَّةِ الدُّنْيَا وَالْغَفْلَةِ عَنْ حَضْرَةِ الْمَوْلَى.
قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَزَالُ حَرِيصًا عَلَى الدُّنْيَا حَتَّى يَمُوتَ وَيَمْتَلِئَ جَوْفُهُ مِنْ تُرَابِ قَبْرِهِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ خَرَجَ عَلَى حُكْمِ غَالِبِ بَنِي آدَمَ فِي الْحِرْصِ عَلَى الدُّنْيَا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَا قَبْلَهُ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ مِنَ الْحِرْصِ الْمَذْمُومِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَذْمُومَاتِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مَعْنَاهُ إِنَّ بَنِي آدَمَ كُلَّهُمْ مَجْبُولُونَ عَلَى حُبِّ الْمَالِ وَالسَّعْيِ فِي طَلَبِهِ، وَأَنْ لَا يَشْبَعَ مِنْهُ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَوَفَّقَهُ لِإِزَالَةِ هَذِهِ الْجِبِلَّةِ عَنْ نَفْسِهِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ، فَوُضِعَ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ مَوْضِعَهُ إِشْعَارًا بِأَنَّ هَذِهِ الْجِبِلَّةَ الْمَرْكُوزَةَ فِيهِ مَذْمُومَةٌ جَارِيَةٌ مَجْرَى الذَّنْبِ، وَأَنَّ إِزَالَتَهَا مُمْكِنَةٌ، وَلَكِنْ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَتَسْدِيدِهِ وَنَحْوَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9] أَضَافَ الشُّحَّ إِلَى النَّفْسِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّهَا غَزِيرَةٌ فِيهَا وَبَيَّنَ إِزَالَتَهُ لِقَوْلِهِ: يُوقَ، وَرَتَّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9] ، وَهَهُنَا نُكْتَةٌ دَقِيقَةٌ فَإِنَّهُ ذَكَرَ ابْنَ آدَمَ تَلْوِيحًا إِلَى أَنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنَ التُّرَابِ، وَمِنْ طَبِيعَتِهِ الْقَبْضُ وَالْيُبْسُ، فَيُمْكِنُ إِزَالَتُهُ بِأَنْ يُمْطِرَ اللَّهُ عَلَيْهِ السَّحَائِبَ مِنْ عَمَائِمِ تَوْفِيقِهِ، فَيُثْمِرَ حِينَئِذٍ الْخِصَالَ الذَّكِيَّةَ وَالشَّمَائِلَ الرَّضِيَّةَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى جَلَّ جَلَالُهُ: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا} [الأعراف: 58] فَمَنْ لَمْ يَتَدَارَكْهُ التَّوْفِيقُ وَتَرْكُهُ وَحِرْصُهُ لَمْ يَزْدَدْ إِلَّا حِرْصًا وَتَهَالُكًا عَلَى جَمْعِ الْمَالِ، وَمَوْقِعُ قَوْلِهِ: وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ مَوْقِعُ رُكُوزِ الْجِبِلَّةِ وَنِيطَ لَهُ حُكْمٌ أَشْمَلُ وَأَعَمُّ، كَأَنَّهُ قِيلَ: وَلَا يَشْبَعُ مَنْ خُلِقَ مِنَ التُّرَابِ إِلَّا بِالتُّرَابِ، وَمَوْقِعُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ مَوْقِعُ الرُّجُوعِ يَعْنِي: أَنَّ ذَلِكَ الْعَسِيرَ صَعْبٌ، وَلَكِنْ يَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، فَحَقِيقٌ أَنْ لَا يَكُونُ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْبَشَرِ، بَلْ هُوَ مِنْ كَلَامِ خَالِقِ الْقُوَى وَالْقَدَرِ.
رَوَيْنَا عَنِ التِّرْمِذِيَّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [البينة: 1] وَقَرَأَ فِيهَا: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ الْمُسْلِمِيَّةُ لَا الْيَهُودِيَّةُ وَلَا النَّصْرَانِيَّةُ وَلَا الْمَجُوسِيَّةُ، وَمَنْ يَعْمَلْ خَيْرًا فَلَنْ يُكْفَرَ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ: لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ مَالٍ لَابْتَغَى إِلَيْهِ ثَانِيًا وَلَوْ أَنَّ لَهُ ثَانِيًا لَابْتَغَى إِلَيْهِ ثَالِثًا وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ» . انْتَهَى (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ)

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3299
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست