responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3258
الْفُقَرَاءِ الَّذِينَ كَانَ النَّاسُ يَتَصَدَّقُونَ عَلَيْهِمْ بِنَاءً عَلَى نِهَايَةِ حَاجَتِهِمْ، وَغَايَةِ فَاقَتِهِمْ، فَهُمْ بِمَنْزِلَةِ السَّائِلِينَ إِمَّا قَالًا وَإِمَّا حَالًا، وَلَمْ يَحِلَّ لِأَحَدٍ يَسْأَلُ وَعِنْدَهُ قُوتُ يَوْمٍ، فَوَقَعَ أَيِ: السُّؤَالُ لِكُلِّهِمَا مَعَ وُجُودِ الدِّينَارِ لَهُمَا حَرَامًا، وَكَذَا كُلُّ مَنْ أَظْهَرَ نَفْسَهُ بِصُورَةِ الْفُقَرَاءِ مِنْ لُبْسِ الْخَلَقِ أَوْ زِيِّ الشَّحَّاذِينَ، وَعِنْدَهُ شَيْءٌ مِنَ النُّقُودِ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا، وَأَخَذَ مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ وَأَكَلَ، فَهُوَ حَرَامٌ عَلَيْهِ، وَكَذَا مَنْ أَظْهَرَ نَفْسَهُ عَالِمًا أَوْ صَالِحًا أَوْ شَرِيفًا، وَلَمْ يَكُنْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مُطَابِقًا، وَأُعْطِيَ لِأَجْلِ عِلْمِهِ أَوْ صَلَاحِهِ أَوْ شَرَفِهِ، فَيَكُونُ حَرَامًا عَلَيْهِ.
وَقَدْ حُكِيَ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا إِسْحَاقَ الْكَازَرُونِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ: رَأَى جَمْعًا مِنَ الْفُقَرَاءِ يَأْكُلُونَ مِنَ الطَّعَامِ الْمَوْضُوعِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ تَكِيَّةٍ فَقَالَ: يَا أَكَلَةَ الْحَرَامِ! فَامْتَنَعُوا عَنِ الْأَكْلِ، فَقَالَ: كُلُّ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا يَأْكُلُ وَإِلَّا فَلَا. فَأَكَلَ بَعْضُهُمْ وَامْتَنَعَ بَعْضُهُمْ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ جَلَّ شَأْنُهُ! طَعَامٌ وَاحِدٌ حَرَامٌ لِقَوْمٍ وَحَلَالٌ لِآخَرِينَ، فَلْيَحْذَرْ أَهْلُ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ أَعَزَّهُمَا اللَّهُ فِي الدَّارَيْنِ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَالْحَالُ أَنَّهُ غِنًى شَرْعِيٌّ مِنَ الْأَوْقَافِ الْمَوْضُوعَةِ لِلْفُقَرَاءِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ سَكَنَ الْخَلَاوِيَ الْمَوْقُوفَةَ لِلْمَسَاكِينِ، فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْهُمَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ بِأَنَّ الْغَنِيَّ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْكُنَ فِي خَلَاوِي إِلَّا رَابِطَةً، وَلَا يَغْتَرَّ أَحَدٌ بِمَا اشْتُهِرَ مِنْ أَوْقَافِ الْحَرَمَيْنِ عَامٌّ لِلْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ، فَإِنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عِنْدَنَا عَلَى الْأَغْنِيَاءِ إِذَا كَانُوا غَيْرَ مَحْصُورِينَ، وَبَدَأَ يَظْهَرُ أَنَّ إِمَامَنَا الْأَعْظَمَ، وَمُقْتَدَانَا الْأَقْوَمَ لَوْ كَانَ فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَشَاهَدَ سُكَّانَ هَذَا الْمَكَانِ لَقَالَ بِحُرْمَةِ الْمُجَاوَرَةِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ مِنْ كَرَاهَتِهَا، لِعَدَمِ مَنْ يَقُولُ بِحَقِّ عَظَمَتِهَا وَحُرْمَتِهَا إِلَّا نَادِرًا، وَالنَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ) .

5203 - «وَعَنْ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى خَالِهِ أَبِي هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ يَعُودُ، فَبَكَى أَبُو هَاشِمٍ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ يَا خَالِ؟ أَوَجَعٌ يُشْئِزُكَ أَمْ حِرْصٌ عَلَى الدُّنْيَا؟ قَالَ: كَلَّا وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا لَمْ آخُذْ بِهِ قَالَ: وَمَا ذَلِكَ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: " إِنَّمَا يَكْفِيكَ مِنْ جَمْعِ الْمَالِ خَادِمٌ وَمَرْكَبٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " وَإِنِّي أَرَانِي قَدْ جَمَعْتُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5203 - (وَعَنْ مُعَاوِيَةَ) أَيِ: ابْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ خَالُ الْمُؤْمِنِينَ (أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى خَالِهِ) أَيِ: النَّسَبِيُّ (أَبِي هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ) : وَمَرَّ تَرْجَمَتُهُ (يَعُودُهُ) : حَالٌ أَوِ اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ أَيْ: يَزُورُهُ لِمَرَضِهِ (فَبَكَى أَبُو هَاشِمٍ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ) أَيْ: أَيُّ شَيْءٍ يَجْعَلُكَ بَاكِيًا (يَا خَالِ؟) : بِكَسْرِ اللَّامِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِضَمِّهَا عَلَى حَدِّ: يَا غُلَامُ! (" أَوَجَعٌ يُشْئِزُكَ ") : بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيْ: يُقْلِقُكَ وَيُتْعِبُكَ فَيُبْكِيكَ، فَفِي الْقَامُوسِ: شَئِزَ شَأْزًا غَلُظَ وَاشْتَدَّ، وَيُقَالُ قَلِقَ وَأَشْأَزَهُ أَقْلَقَهُ. (" أَمْ حِرْصٌ عَلَى الدُّنْيَا؟ ") أَيْ: يَقْلَعُكَ فَيُبْكِيكَ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لَا يَخْلُو إِمَّا مِنِ اشْتِدَادِ مَرَضٍ صُورِيٍّ، أَوْ عَرَضٍ مَعْنَوِيٍّ، يَكُونُ كَانَ مِنْهُمَا بَاعِثًا عَلَى نَكَدٍ ظَاهِرِيٍّ وَبَاطِنِيٍّ. (قَالَ: كَلَّا) أَيِ: ارْتَدِعْ عَنْ حُسْبَانِكَ كَلَّا، وَمَعْنَاهُ لَيْسَ الْبَاعِثُ أَحَدَهُمَا، (وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إِلَيْنَا عَهْدًا لَمْ آخُذْ بِهِ) : وَالْمُرَادُ بِالْعَهْدِ إِمَّا وَصِيَّةٌ عَامَّةٌ، أَوْ مُبَايَعَةٌ خَاصَّةٌ (قَالَ: وَمَا ذَلِكَ؟) أَيِ: الْعَهْدُ وَفِي نُسْخَةٍ وَمَا ذَاكَ (قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: " إِنَّمَا يَكْفِيكَ مِنْ جَمْعِ الْمَالِ ") أَيِ: الَّذِي يُحَصِّلُ الْمَنَالَ فِي الْمَالِ (" خَادِمٌ وَمَرْكَبٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِنِّي أُرَانِي) : بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ: أَظُنُّ، وَفِي نُسْخَةٍ بِفَتْحِهَا أَيْ: أُبْصِرُ أَوْ أَعْلَمُ (قَدْ جَمَعْتُ) أَيْ: زِيَادَةً عَلَى مَا عَهِدْتُ، وَأَغْرَبَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ حَيْثُ قَالَ: حَذَفَ مُتَعَلِّقَهُ لِيَدُلَّ عَلَى الْكَثْرَةِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَالِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالْحَالِ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ) .

5204 - «وَعَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قُلْتُ لِأَبِي الدَّرْدَاءِ: مَا لَكَ لَا تَطْلُبُ كَمَا يَطْلُبُ فُلَانٌ؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " إِنَّ أَمَامَكُمْ عَقَبَةً كَؤُودًا لَا يَجُوزُهَا الْمُثْقَلُونَ ". فَأُحِبُّ أَنْ أَتَخَفَّفَ لِتِلْكَ الْعَقَبَةِ» .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5204 - (وَعَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ قَالَتْ: قُلْتُ لِأَبِي الدَّرْدَاءِ: مَا لَكَ لَا تَطْلُبُ) أَيْ: مَالًا أَوْ مَنْصِبًا (كَمَا يَطْلُبُ فُلَانٌ) أَيْ: وَهُوَ مِنْ نُظَرَائِكَ (فَقَالَ: إِنِّي) : بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا بِتَقْدِيرِ لِأَنِّي (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3258
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست