responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3250
بِقَوْلِهِ: (" فَإِذَا جُعْتُ تَضَرَّعْتُ إِلَيْكَ ") أَيْ: بِعَرْضِ الِافْتِقَارِ عَلَيْكَ (" وَذَكَرْتُكَ ") أَيْ: بِسَبَبِهِ فَإِنَّ الْفَقْرَ يُورِثُ الذِّكْرَ، كَمَا فِي الْغِنَى يُوجِبُ الْكُفْرَ (" وَإِذَا شَبِعْتُ حَمِدْتُكَ ") أَيْ: بِمَا أَلْهَمَتْنِي مِنْ ثَنَائِكَ (" وَشَكَرْتُكَ ") : عَلَى إِشْبَاعِكَ وَسَائِرِ نَعْمَائِكَ. قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: جَمَعَ فِي الْقَرِينَتَيْنِ بَيْنَ الصَّبْرِ وَالشُّكْرِ، وَهُمَا صِفَتَا الْمُؤْمِنِ الْكَامِلِ. قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [إبراهيم: 5] الْكَشَّافُ: صَبَّارٌ عَلَى بَلَائِهِ شَكُورٌ لِنَعْمَائِهِ وَهُمَا صِفَتَا الْمُؤْمِنِ الْمُخْلِصِ، فَجَعَلَهُمَا كِنَايَةً عَنْهُ، أَقُولُ: وَتَحْقِيقُهُ عَلَى طَرِيقَةِ الصُّوفِيَّةِ السَّادَةِ الصَّفِيَّةِ أَنَّ الصِّفَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ وَالْخَصْلَتَيْنِ الْمَسْطُورَتَيْنِ نَاشِئَتَانِ مِنْ تَرْبِيَةِ اللَّهِ لِلسَّالِكِ بَيْنَ صِفَتَيِ الْجَلَالِ وَالْجَمَالِ، إِذْ بِهِمَا تَتِمُّ مَرْتَبَةُ الْكَمَالِ، وَهُوَ الرِّضَا عَنِ الْمَوْلَى بِكُلِّ حَالٍ بِخِلَافِ حَالِ الْمُتَحَرِّفِينَ، وَأَفْعَالِ الْمُتَحَيِّرِينَ الْمُذْنِبِينَ حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} [التوبة: 58] وَقَالَ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحج: 11] . (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ) .

5191 - وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا» " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5191 - (وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ) : بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الصَّادِ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي فَصْلِ الصَّحَابَةِ: أَنْصَارِيُّ خَطْمِيٌّ، يُعَدُّ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَحَدِيثُهُ فِيهِمْ، رَوَى عَنِ ابْنِهِ سَلَمَةَ. قَالَ ابْنُ عَبْدُ الْبَرِّ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُرْسِلُ حَدِيثَهُ اه. وَهُوَ يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ صَحَابِيًّا، لَكِنْ لَيْسَ لَهُ سَمَاعٌ مِنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَحَدِيثُهُ مِنْ مَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ وَهُوَ حُجَّةٌ اتِّفَاقًا، وَيُحْتَمَلُ كَوْنُهُ تَابِعِيًّا فَمُرْسَلُهُ مُعْتَبَرٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِإِطْلَاقِهِمْ حَدِيثَهُ. (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ ") أَيْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ (" آمِنًا ") أَيْ: غَيْرَ خَائِفٍ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ مِنْ أَسْبَابِ عَذَابِهِ تَعَالَى بِالتَّوْبَةِ عَنِ الْمَعَاصِي وَالْعِصْمَةِ عَنِ الْمَنَاهِي، وَلِذَا قِيلَ: لَيْسَ الْعِيدُ لِمَنْ لَبِسَ الْجَدِيدَ إِنَّمَا الْعِيدُ لِمَنْ أَمِنَ الْوَعِيدَ. (" فِي سِرْبِهِ ") : الْمَشْهُورُ كَسْرُ السِّينِ أَيْ: فِي نَفْسِهِ، وَقِيلَ: السِّرْبُ الْجَمَاعَةُ، فَالْمَعْنَى فِي أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ، وَقِيلَ بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ: فِي مَسْلَكِهِ وَطَرِيقِهِ، وَقِيلَ بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ: فِي بَيْتِهِ كَذَا ذَكَرَهُ شَارِحٌ. وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ. أَبَى بَعْضُهُمْ إِلَّا السَّرْبَ بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ أَنَّ: فِي بَيْتِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ رِوَايَةً، وَلَوْ سَلِمَ لَهُ قَوْلُهُ أَنْ يُطْلَقَ السِّرْبُ عَلَى كُلِّ بَيْتٍ، كَانَ قَوْلُهُ هَذَا حَرِيًّا بِأَنْ يَكُونَ أَقْوَى الْأَقَاوِيلِ، إِلَّا أَنَّ السِّرْبَ يُقَالُ لِلْبَيْتِ الَّذِي هُوَ فِي الْأَرْضِ. وَفِي الْقَامُوسِ: السِّرْبُ الطَّرِيقُ وَبِالْكَسْرِ الطَّرِيقُ وَالْبَالُ وَالْقَلْبُ وَالنَّفْسُ وَبِالتَّحْرِيكِ جُحْرُ الْوَحْشِ وَالْحَقِيرُ تَحْتَ الْأَرْضِ اه. فَيَكُونُ الْمُرَادُ مِنَ الْحَدِيثِ الْمُبَالَغَةَ فِي حُصُولِ الْأَمْنِ وَلَوْ فِي بَيْتٍ تَحْتَ الْأَرْضِ ضَيِّقٍ كَجُحْرِ الْوَحْشِ، أَوِ التَّشْبِيهَ بِهِ فِي خَفَائِهِ وَعَدَمِ ضِيَائِهِ. (" مُعَافًى ") : اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ أَيْ: صَحِيحًا سَالِمًا مِنَ الْعُيُوبِ (" فِي جَسَدِهِ ") أَيْ: بَدَنِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (" عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ") أَيْ: كِفَايَةُ قُوتِهِ مِنْ وَجْهِ الْحَلَالِ (" فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ ") : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْحِيَازَةِ، وَهِيَ الْجَمْعُ وَالضَّمُّ (" لَهُ ") : وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ لِمَنْ رَابِطٌ لِلْجُمْلَةِ أَيْ: جُمِعَتْ لَهُ (" الدُّنْيَا ") أَيْ: (" بِحَذَافِيرِهَا ") : كَمَا فِي نُسْخَةٍ مُصَحَّحَةٍ، أَيْ: بِتَمَامِهَا، وَالْحَذَافِيرُ: الْجَوَانِبُ، وَقِيلَ: الْأَعَالِي، وَاحِدُهَا حِذْفَارٌ أَوْ حُذْفُورٌ، وَالْمَعْنَى، فَكَأَنَّمَا أُعْطِيَ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) : وَفِي الْجَامِعِ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ: حَذَافِيرِهَا.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3250
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست