responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3249
جِدًّا ثُمَّ نَفَضَ يَدَهُ. (فَقَالَ: " عُجِّلَتْ ") : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ (" مَنِيَّتُهُ ") أَيْ: مَوْتُهُ (" قَلَّتْ بَوَاكِيهِ ") : جَمْعُ بَاكِيَةٍ وَهِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَبْكِي عَلَى الْمَيِّتِ (" قَلَّ تُرَاثُهُ ") أَيْ: مِيرَاثُهُ وَمَالُهُ الْمُؤَخَّرُ عَنْهُ مِمَّا يُورَثُ حُمِلَ عَلَى سَبِيلِ التَّعْدَادِ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: أُرِيدَ بِالنَّقْدِ هَهُنَا ضَرَبُ الْأُنْمُلَةِ عَلَى الْأُنْمُلَةِ، وَضَرَبَهَا كَالْمُتَقَلِّلِ لِلشَّيْءِ أَيْ: لَمْ يَلْبَثْ قَلِيلًا حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُقَلِّلُ مُدَّةَ عُمُرِهِ وَعَدَدَ بَوَاكِيهِ وَمَبْلَغَ تُرَاثِهِ، وَقِيلَ: الضَّرْبُ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ يَفْعَلُهُ الْمُتَعَجِّبُ مِنَ الشَّيْءِ، أَوْ مَنْ رَأَى مَا يُعْجِبُهُ حُسْنُهُ، وَرُبَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ مَنْ يُظْهِرُ قِلَّةَ الْمُبَالَاةِ بِشَيْءٍ أَوْ يَفْعَلُ طَرَبًا وَفَرَحًا بِالشَّيْءِ اه.
وَالْمَعْنَى مَنْ كَانَ هَذِهِ صِفَتُهُ، فَهُوَ يَتَعَجَّبُ مِنْ حُسْنِ حَالِهِ وَجِمَالِ مَآلِهِ، وَقِيلَ، قَوْلُهُ: عُجِّلَتْ مَنِيَّتُهُ أَنَّهُ يُسْلِمُ رُوحَهُ سَرِيعًا لِقِلَّةِ تَعَلُّقِهِ بِالدُّنْيَا، وَغَلَبَهُ شَوْقُهُ إِلَى الْمَوْلَى لِحَدِيثِ " «الْمَوْتُ تُحْفَةُ الْمُؤْمِنِ» ". قَالَ الْأَشْرَفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَيُمْكِنُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ قَلِيلُ مُؤَنِ الْمَمَاتِ، كَمَا كَانَ قَلِيلَ مُؤَنِ الْحَيَاةِ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ) : وَفِي الْجَامِعِ: رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَلَفْظُهُ: " «أَغْبَطُ النَّاسِ عِنْدِي مُؤْمِنٌ خَفِيفُ الْحَاذِ ذُو حَظٍّ مِنْ صَلَاةٍ، وَكَانَ رِزْقُهُ كَفَافًا فَصَبَرَ عَلَيْهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ، وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَكَانَ غَامِضًا فِي النَّاسِ، عُجِّلَتْ مَنِيَّتُهُ، وَقَلَّ تُرَاثُهُ، وَقَلَّ بَوَاكِيهِ» ". وَرَوَى الدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ: " «خَيْرُكُمْ فِي الْمِائَتَيْنِ كُلُّ خَفِيفِ الْحَاذِ الَّذِي لَا أَهْلَ لَهُ وَلَا وَلَدَ» " قَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا السَّخَاوِيُّ فِي الْمَقَاصِدِ الْحَسَنَةِ فِي الْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ عَلَى الْأَلْسِنَةِ: عِلَّتُهُ دَاوُدُ، وَلِذَا قَالَ الْخَلِيلُ: ضَعَّفَهُ الْحُفَّاظُ فِيهِ وَخَطَّئُوهُ اه.
فَإِنْ صَحَّ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى جَوَازِ التَّرَهُّبِ أَيَّامَ الْفِتَنِ، وَفِي مَعْنَاهُ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ وَاهِيَةٌ:
مِنْهَا: مَا رَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: " «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تُحَلُّ فِيهِ الْعُزْبَةُ وَلَا يَسْلَمُ لِذِي دِينٍ دِينُهُ إِلَّا مَنْ فَرَّ بِدِينِهِ مِنْ شَاهِقٍ إِلَى شَاهِقٍ، وَمِنْ حَجَرٍ إِلَى حَجَرٍ كَالطَّائِرِ بِفِرَاخِهِ، وَكَالثَّعْلَبِ بِأَشْبَالِهِ، وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَاعْتَزَلَ النَّاسَ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ» " الْحَدِيثَ. وَمِنْهَا: مَا رَوَى الدَّيْلَمِيُّ مِنْ حَدِيثِ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى الصُّوفِيِّ، عَنِ ابْنِ حُذَيْفَةَ ابْنِ الْيَمَانِ، عَنْ أَبِيهِ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا: " «خَيْرُ نِسَائِكُمْ بَعْدَ سِتِّينَ مِائَةٍ الْعَوَاقِرُ، وَخَيْرُ أَوْلَادِكُمْ بَعْدَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ الْبَنَاتُ» ". وَفِي التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: إِنَّ أَغْبَطَ أَوْلِيَائِي " إِلَى أَنْ قَالَ: " فَصَبَرَ عَلَى ذَلِكَ " ثُمَّ نَفَضَ يَدَهُ فَقَالَ: " عُجِّلَتْ مَنِيَّتُهُ " الْحَدِيثَ. وَقَالَ عُقْبَةُ: عَلِيٌّ ضَعِيفٌ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الزُّهْدِ، وَالْحَاكِمُ فِي الْأَطْعِمَةِ مِنْ مُسْتَدْرَكِهِ وَقَالَ: هَذَا إِسْنَادٌ لِلشَّامِيِّينَ صَحِيحٌ عِنْدَهُمْ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ اه.
وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ فَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي الزُّهْدِ مِنْ سُنَنِهِ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ مِنْ حَدِيثِ صَدَقَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَلَفْظُهُ: " «أَغْبَطُ النَّاسِ عِنْدِي مُؤْمِنٌ خَفِيفُ الْحَاذِ» " وَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَمِنْ شَوَاهِدِهِ مَا لِلْخَطِيبِ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَفَعَهُ: " «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ اقْتَنَاهُ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَشْغَلْهُ بِزَوْجَةٍ وَلَا وَلَدٍ» ". وَلِلدَّيْلَمِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ الْخَوَارِزْمِيِّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ غَفَّالٍ، عَنْ أَنَسٍ رَفَعَهُ: " «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَأَنْ يُرَبِّيَ أَحَدُكُمْ جَرْوَ كَلْبٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يُرَبِّيَ وَلَدًا مِنْ صُلْبِهِ» ".

5190 - وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَرَضَ عَلَيَّ رَبِّي لِيَجْعَلَ لِي بَطْحَاءَ مَكَّةَ ذَهَبًا، فَقُلْتُ: لَا، يَا رَبِّ! وَلَكِنْ أَشْبَعُ يَوْمًا وَأَجُوعُ يَوْمًا، فَإِذَا جُعْتُ تَضَرَّعْتُ إِلَيْكَ وَذَكَرْتُكَ، وَإِذَا شَبِعَتُ حَمِدْتُكَ وَشَكَرْتُكَ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5190 - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي أُمَامَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَرَضَ عَلَيَّ رَبِّي ") أَيْ: إِلَيَّ عَرْضًا حِسِّيًّا أَوْ مَعْنَوِيًّا، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَالْمَعْنَى شَاوَرَنِي وَخَيَّرَنِي بَيْنَ الْوُسْعِ فِي الدُّنْيَا، وَاخْتِيَارِ الْبُلْغَةِ لِزَامَ الْعُقْبَى مِنْ غَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عِتَابٍ. (" لِيَجْعَلَ لِي ") أَيْ: مِلْكًا لِي أَوْ مَخْصُوصًا لِأُمَّتِي عَلَى تَقْدِيرِ إِقْبَالِي عَلَيْهَا، وَالْتِفَاتِي إِلَيْهَا، وَيَصِيرُ لِأَجْلِي (" بَطْحَاءَ مَكَّةَ ") أَيْ: أَرْضَهَا وَرِمَالَهَا (" ذَهَبًا ") أَيْ: بَدَلَ حَجَرِهَا وَمَدَرِهَا، وَأَصْلُ الْبَطْحَاءِ مَسِيلُ الْمَاءِ، وَأَرَادَ هُنَا عَرْصَةَ مَكَّةَ وَصَحَارِيهَا فَإِفَاضَتُهُ بَيَانِيَّةٌ. قَالَ الطِّيبِيُّ، قَوْلُهُ: بَطْحَاءُ مَكَّةَ تَنَازُعٌ فِيهِ عَرَضَ وَلِيَجْعَلَ أَيْ: عَرَضَ عَلَيَّ بَطْحَاءَ لِيَجْعَلَهَا لِي ذَهَبًا (" فَقُلْتُ: لَا ") أَيْ: لَا أُرِيدُ وَلَا أَخْتَارُ. (" يَا رَبِّ! وَلَكِنْ أَشْبَعُ يَوْمًا ") أَيْ: أَخْتَارُ أَوْ أُرِيدُ أَنْ أَشْبَعَ وَقْتًا أَيْ: فَأَشْكُرُ (" وَأَجُوعُ يَوْمًا ") أَيْ: فَأَصْبِرُ كَمَا فَصَّلَهُ وَبَيَّنَهُ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3249
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست