responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3241
قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَكَانَ مِنْ حَقِّ الظَّاهِرِ أَنْ يُكْتَفَى بِقَوْلِهِ: وَمَا وَالَاهُ لِاحْتِوَائِهِ عَلَى جَمِيعِ الْخَيْرَاتِ وَالْفَاضِلَاتِ وَمُسْتَحْسَنَاتِ الشَّرْعِ، ثُمَّ بَيَّنَهُ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ: وَالْعِلْمَ تَخْصِيصًا بَعْدَ التَّعْمِيمِ دَلَالَةً عَلَى فَضْلِهِ، فَعَدَلَ إِلَى قَوْلِهِ: وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ تَفْخِيمًا لِشَأْنِهِمَا صَرِيحًا بِخِلَافِ ذَلِكَ التَّرْكِيبِ، فَإِنَّ دَلَالَتَهُ عَلَيْهِ بِالِالْتِزَامِ، وَلِيُؤْذِنَ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ سِوَى الْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ هَمَجٌ، وَلِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى بِالْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ الْعُلَمَاءُ بِاللَّهِ الْجَامِعُونَ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، فَيُخْرِجُ مِنْهُ الْجُهَلَاءَ وَالْعَالِمَ الَّذِي لَمْ يَعْمَلُ بِعِلْمِهِ، وَمَنْ تَعَلَّمَ عِلْمَ الْفُضُولِ وَمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ رَأْسُ كُلِّ عِبَادَةٍ وَرَأْسُ كُلِّ سَعَادَةٍ، بَلْ هُوَ كَالْحَيَاةِ لِلْأَبْدَانِ وَالرُّوحِ لِلْإِنْسَانِ، وَهَلْ لِلْإِنْسَانِ عَنِ الْحَيَاةِ غِنًى، وَهَلْ لَهُ عَنِ الرُّوحِ مَعْدَلٌ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ بِهِ بَقَاءُ الدُّنْيَا وَقِيَامُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ. رَوَيْنَا عَنْ مُسْلِمٍ قَالَ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى أَحَدٍ يَقُولُ اللَّهُ اللَّهُ» " فَالْحَدِيثُ إِذًا مِنْ بَدَائِعِ الْحِكَمِ، وَجَوَامِعِ الْكَلِمِ الَّتِي خُصَّ بِهَا هَذَا النَّبِيُّ الْمُكَرَّمُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّهُ دَلَّ بِالْمَنْطُوقِ عَلَى جَمِيعِ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ، وَبِالْمَفْهُومِ عَلَى رَذَائِلِهَا. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) أَيْ: وَقَالَ: حَسَنٌ. (وَابْنُ مَاجَهْ) : وَكَذَا الْبَيْهَقِيُّ وَفِي الْجَامِعِ نُسِبَ إِلَيْهِمَا بِدُونِ لَفْظِ إِلَّا وَبِالنَّصْبِ وَلَفْظِ " أَوْ " فِي قَوْلِهِ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا، وَهَذَا فِي بَابِ الْهَمْزَةِ، وَأَمَّا فِي بَابِ الدَّالِ فَقَالَ: " «الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا مَا كَانَ مِنْهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» " رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ، عَنْ جَابِرٍ، وَأَيْضًا: " «الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا ذِكْرَ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ وَعَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا» ". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ. وَأَيْضًا " «الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْيًا عَنْ مُنْكَرٍ أَوْ ذِكْرَ اللَّهِ» " رَوَاهُ الْبَزَّارُ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ. وَأَيْضًا " «الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا مَا ابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» " رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ.

5177 - وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5177 - (وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ) أَيِ: السَّاعِدِيِّ الْأَنْصَارِيِّ، صَحَابِيَّانِ جَلِيلَانِ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ ") : بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِ الدَّالِ أَيْ: تَزِنُ وَتُسَاوِي (" عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ ") أَيْ: رِيشَةَ نَامُوسَةٍ وَهُوَ مَثَلٌ لِلْقِلَّةِ وَالْحَقَارَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهَا أَدْنَى قَدْرٍ (" مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا ") أَيْ: مِنْ مِيَاهِ الدُّنْيَا (" شَرْبَةَ مَاءٍ ") أَيْ: يَمْنَعُ الْكَافِرَ مِنْهَا أَدْنَى تَمَتُّعٍ، فَإِنَّ الْكَافِرَ عَدُوُّ اللَّهِ، وَالْعَدُوُّ لَا يُعْطِي شَيْئًا مِمَّا لَهُ قَدْرٌ عِنْدَ الْمُعْطِي فَمِنْ حَقَارَتِهَا عِنْدَهُ لَا يُعْطِيهَا لِأَوْلِيَائِهِ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ حَدِيثُ: " «إِنَّ اللَّهَ يَحْمِي عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ عَنِ الدُّنْيَا، كَمَا يَحْمِي أَحَدُكُمُ الْمَرِيضَ عَنِ الْمَاءِ» "، وَحَدِيثُ: " مَا زُوِيَتِ الدُّنْيَا عَنْ أَحَدٍ إِلَّا كَانَتْ خِيَرَةً لَهُ "، وَمِنْ كَلَامِ الصُّوفِيَّةِ: إِنَّ مِنَ الْعِصْمَةِ أَنْ لَا يَقْدِرَ. وَفِي دُعَائِهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَامِعُ الْمَانِعُ الْقَائِمُ فِي مَقَامِ الرِّضَا الْقَانِعُ بِمَا جَرَى عَلَيْهِ مِنَ الْقَضَاءِ، «اللَّهُمَّ مَا رَزَقْتَنِي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ قُوَّةً لِي فِيمَا تُحِبُّ، اللَّهُمَّ وَمَا زَوَيْتَ عَنِّي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ فَرَاغًا لِي فِيمَا تُحِبُّ» ، وَمِنْ دَنَاءَتِهَا لَدَيْهِ أَنْ يُكَثِّرَهَا عَلَى الْكُفَّارِ وَالْفُجَّارِ، بَلْ قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ} [الزخرف: 33] الْآيَةَ. «وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُمَرَ: " أَمَا تَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الْآخِرَةُ» ". قَالَ تَعَالَى: {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ} [آل عمران: 198] ، {وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 131] " رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ ": وَكَذَا الضِّيَاءُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3241
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست