responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3240
وَفِي كِتَابِ الْعَيْنِ: شَيْخٌ مُفْنِدٌ يَعْنِي مَنْسُوبٌ إِلَى الْفَنَدِ، وَلَا يُقَالُ امْرَأَةٌ مُفْنِدَةٌ ; لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ فِي شَبِيبَتِهَا ذَاتَ رَأْيٍ فَتُفَنَّدَ فِي كِبَرِيِّتِهَا. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَوْلُهُ: مُفْنِدٌ الرِّوَايَةُ فِيهِ بِالتَّخْفِيفِ، وَمَنْ شَدَّدَهُ فَلَيْسَ بِمُصِيبٍ. (" أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا ") بِالتَّخْفِيفِ أَيْ: قَاتِلًا بَغْتَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى تَوْبَةٍ وَوَصِيَّةٍ فَفِي النِّهَايَةِ الْمُجْهِزُ هُوَ السَّرِيعُ، يُقَالُ: أَجْهَزَ عَلَى الْجَرِيحِ إِذَا أَسْرَعَ قَتْلَهُ. قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ: الْمَوْتُ الْمُجْهِزُ الْمُسْرِعُ يُرِيدُ بِهِ الْفُجَاءَةَ وَنَحْوَهَا مِمَّا لَمْ يَكُنْ بِسَبَبِ مَرَضٍ أَوْ كِبَرِ سِنٍّ كَقَتْلٍ وَغَرَقٍ وَهَدْمٍ. (أَوِ الدَّجَّالَ، فَالدَّجَّالُ ") : وَفِي نُسْخَةٍ: وَالدَّجَّالُ (" شَرٌّ غَالِبٌ يُنْتَظَرُ ") أَيْ: أَسْوَأُهُ (" أَوِ السَّاعَةَ ") أَيِ: الْقِيَامَةُ (وَالسَّاعَةُ أَدْهَى ") أَيْ: أَشَدُّ الدَّوَاهِي وَأَفْظَعُهَا وَأَصْعَبُهَا (" وَأَمَرُّ ") أَيْ: أَكْثَرُ مَرَارَةً مِنْ جَمِيعِ مَا يُكَابِدُهُ الْإِنْسَانُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الشَّدَائِدِ لِمَنْ غَفَلَ عَنْ أَمْرِهَا، وَلَمْ يُعِدَّ لَهَا قَبْلَ حُلُولِهَا. قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَالدَّجَّالُ تَفْسِيرِيَّةٌ لِأَنَّهُ فَسَّرَ مَا أُبْهِمَ مِمَّا سَبَقَ، وَالْوَاوُ فِي السَّاعَةِ نَائِبَةٌ مَنَابَ الْفَاءِ الْمُلَابِسَةِ لِلْعَطْفِ. قُلْتُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَحَاصِلُ مُجْمَلِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ اسْتِبْطَاءٌ لِمَنْ تَفَرَّغَ الْأَمْرَ وَهُوَ لَا يَغْتَنِمُ الْفُرْصَةَ فِيهِ، فَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّجُلَ فِي الدُّنْيَا يَنْتَظِرُ إِحْدَى الْحَالَاتِ الْمَذْكُورَةِ. فَالسَّعِيدُ مَنِ انْتَهَزَ الْفُرْصَةَ وَاغْتَنَمَ الْمُكْنَةَ وَاشْتَغَلَ بِأَدَاءِ مُفْتَرَضِهِ وَمَسْنُونِهِ قَبْلَ حُلُولِ رَمْسِهِ، وَهَذِهِ مَوْعِظَةٌ بَلِيغَةٌ وَتَذْكِرَةٌ بَالِغَةٌ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ) .

5176 - وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «أَلَا إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا، إِلَّا ذِكْرُ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ، وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5176 - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " أَلَا ") : لِلتَّنْبِيهِ (" إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ ") أَيْ: مَبْعُودَةٌ مِنَ اللَّهِ لِكَوْنِهَا مُبْعَدَةً عَنِ اللَّهِ (" مَلْعُونٌ مَا فِيهَا ") أَيْ: مِمَّا يَشْغَلُ عَنِ اللَّهِ (" إِلَّا ذِكْرُ اللَّهِ ") بِالرَّفْعِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالنَّصْبِ وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ. (" وَمَا وَالَاهُ ") أَيْ: أَحَبَّهُ اللَّهُ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَأَفْعَالِ الْقُرْبِ، أَوْ مَعْنَاهُ مَا وَالَى ذِكْرَ اللَّهِ أَيْ: قَارَبَهُ مَنْ ذَكَرَ خَيْرًا وَتَابَعَهُ مِنِ اتِّبَاعِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، لِأَنَّ ذِكْرَهُ يُوجِبُ ذَلِكَ. قَالَ الْمُظْهِرُ أَيْ: مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْمُوَالَاةُ الْمَحَبَّةُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَقَدْ تَكُونُ مِنْ وَاحِدٍ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا يَعْنِي مَلْعُونٌ مَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا ذِكْرُ اللَّهِ، وَمَا أَحَبَّهُ اللَّهُ مِمَّا يَجْرِي وَالدُّنْيَا وَمَا سِوَاهُ مَلْعُونٌ. وَقَالَ الْأَشْرَفُ: هُوَ مِنَ الْمُوَالَاةِ وَهِيَ الْمُتَابَعَةُ، وَيَجُورُ أَنْ يُرَادَ بِمَا يُوَالِي ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى طَاعَتَهُ وَاتِّبَاعَ أَمْرِهِ وَاجْتِنَابَ نَهْيِهِ. (" وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ ") : أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ، فَيَكُونُ الْوَاوَانِ بِمَعْنَى " أَوْ " قَالَ الْأَشْرَفُ قَوْلُهُ: وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ مَرْفُوعٌ، وَاللُّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْصُوبٌ مُسْتَثْنًى مِنَ الْمُوجَبِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: هُوَ فِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ هَكَذَا وَمَا وَالَاهُ وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ وَبِالرَّفْعِ، وَكَذَا فِي جَامِعِ الْأُصُولِ إِلَّا أَنَّ بَدَلَ أَوْ فِيهِ الْوَاوُ، وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ: أَوْ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا بِالنَّصْبِ مَعَ أَوْ مُكَرَّرًا، وَالنَّصْبُ فِي الْقَرَائِنِ الثَّلَاثِ هُوَ الظَّاهِرُ وَالرَّفْعُ فِيهَا عَلَى التَّأْوِيلِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: الدُّنْيَا مَذْمُومَةٌ لَا يُحْمَدُ فِيهَا إِلَّا ذِكْرُ اللَّهِ وَعَالِمٌ وَمُتَعَلِّمٌ. قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْإِحْيَاءِ: الدُّنْيَا أَدْنَى الْمَنْزِلَتَيْنِ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ دُنْيَا وَهِيَ مَعْبَرَةٌ إِلَى الْآخِرَةِ، وَالْمَهْدُ هُوَ الْمِيلُ الْأَوَّلُ، وَاللَّحْدُ هُوَ الْمِيلُ الثَّانِي وَبَيْنَهُمَا مَسَافَةٌ هِيَ الْقَنْطَرَةُ، وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ أَعْيَانٍ مَوْجُودَةٍ لِلْإِنْسَانِ فِيهَا حَظٌّ، وَلَهُ فِي إِصْلَاحِهَا شُغْلٌ، وَيَعْنِي بِالْأَعْيَانِ الْأَرْضَ وَمَا عَلَيْهَا مِنَ النَّبَاتِ وَالْحَيَوَانِ وَالْمَعَادِنِ، وَيَعْنِي بِالْحَظِّ حُبَّهَا فَيَنْدَرِجُ فِيهَا جَمِيعُ الْمُهْلِكَاتِ الْبَاطِنَةِ كَالرِّيَاءِ وَالْحِقْدِ وَغَيْرِهِمَا. وَنَعْنِي بِقَوْلِنَا فِي إِصْلَاحِهَا شُغْلٌ أَنَّهُ يُصْلِحُهَا بِحَظٍّ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ دُنْيَوِيٌّ أَوْ أُخْرَوِيٌّ، فَيَنْدَرِجُ فِيهِ الْحِرَفُ الصِّنَاعَاتُ، وَإِذَا عَرَفْتَ حَقِيقَةَ الدُّنْيَا فَدُنْيَاكَ مَا لَكَ فِيهِ لَذَّةٌ فِي الْعَاجِلِ، وَهِيَ مَذْمُومَةٌ، فَلَيْسَتْ وَسَائِلُ الْعِبَادَاتِ مِنَ الدُّنْيَا كَأَكْلِ الْخُبْزِ مَثَلًا لِلتَّقَوِّي عَلَيْهَا، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ لِقَوْلِهِ: الدُّنْيَا مَزْرَعَةُ الْآخِرَةِ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ وَمَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا مَا كَانَ لِلَّهِ مِنْهَا» " وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الدُّنْيَا ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ: جُزْءٌ لِلْمُؤْمِنِ، وَجُزْءٌ لِلْمُنَافِقِ، وَجُزْءٌ لِلْكَافِرِ، فَالْمُؤْمِنُ يَتَزَوَّدُ، وَالْمُنَافِقُ يَتَزَيَّنُ، وَالْكَافِرُ يَتَمَتَّعُ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3240
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست