responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3137
وَأَشَدُّ اقْتِحَامَ مَا فِي الطَّبَائِعِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّحْبَةَ تُؤَثِّرُ، وَلِذَا قَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119] ، وَقَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ: كُونُوا مَعَ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرُوا أَنَّ تَكُونُوا مَعَ اللَّهِ، فَكُونُوا مَعَ مَنْ يَكُونُ مَعَ اللَّهِ، وَتَفْصِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَتَفْصِيلُ الْخُلْطَةِ وَالْعُزْلَةِ فِي الْأَحْيَاءِ بِطَرِيقِ الِاسْتِقْصَاءِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: " «مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السُّوءِ، كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ وَكِيرِ الْحَدَّادِ لَا يُعْدِيكَ مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وَكِيرُ الْحَدَّادِ يُحْرِقَ بَيْتَكَ أَوْ ثَوْبَكَ أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً» ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى: " «مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ مَثَلُ الْعَطَّارِ إِنْ لَمْ يُعْطِكَ مِنْ عِطْرِهِ أَصَابَكَ مِنْ رِيحِهِ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالْحَاكِمُ عَنْ أَنَسٍ: " مَثَلُ «الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الْعَطَّارِ إِنْ جَالَسْتَهُ نَفَعَكَ، وَإِنْ مَاشَيْتَهُ نَفَعَكَ، وَإِنْ شَارَكْتَهُ نَفَعَكَ» ". رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْفَصْلُ الثَّانِي
5011 - عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ، وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ، وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ» ". رَوَاهُ مَالِكٌ. وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيَّ، قَالَ: " «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: الْمُتَحَابُّونَ فِي جَلَالِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ» .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْفَصْلُ الثَّانِي
5011 - (عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَجَبَتْ) أَيْ: ثَبَتَتْ أَوْ تَقَدَّمَتْ (مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ) ، بِتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ: لِأَجْلِيَ (وَالْمُتَجَالِسِينَ فِي) أَيْ: فِي حُبِّيَ أَوْ سَبِيلِي (وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ) : بِأَنْ يَزُورَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ; لِعِيَادَةٍ وَنَحْوِهَا (وَالْمُتَبَاذِلِينَ) أَيْ: بِأَنْ يَبْذُلَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِهِمُ الْمَالَ (فِي) . أَيْ: فِي رِضَائِي. (رَوَاهُ مَالِكٌ) . وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُعَاذٍ. (فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ) ، بِالْإِضَافَةِ (قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: الْمُتَحَابُّونَ فِي جَلَالِي) أَيْ: لِأَجْلِ إِجْلَالِي وَتَعْظِيمِي أَوْ هُوَ مِنْ بَابِ الِاكْتِفَاءِ كَمَا سَبَقَ ( «لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ» ) . بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مِنَ الْغِبْطَةِ بِالْكَسْرِ وَهِيَ تَمَنِّي نِعْمَةً عَلَى أَنْ لَا تَتَحَوَّلَ عَنْ صَاحِبِهَا بِخِلَافِ الْحَسَدِ، فَإِنَّهُ تَمَنَّى زَوَالَهَا عَنْ صَاحِبِهَا، فَالْغِبْطَةُ فِي الْحَقِيقَةِ عِبَارَةٌ عَنْ حُسْنِ الْحَالِ كَذَا قِيلَ. وَفِي الْقَامُوسِ: الْغِبْطَةُ حُسْنُ الْحَالِ وَالْمَسَرَّةُ، فَمَعْنَاهَا الْحَقِيقِيُّ مُطَابِقٌ لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، فَمَعْنَى الْحَدِيثِ يَسْتَحْسِنُ أَحْوَالَهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ، وَبِهَذَا يَزُولُ الْإِشْكَالُ الَّذِي تَحَيَّرَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: " «الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ عَلَى كَرَاسِيٍّ مِنْ يَاقُوتٍ حَوْلَ الْعَرْشِ» ". رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ.
وَقَالَ الْقَاضِي: كُلُّ مَا يَتَحَلَّى بِهِ الْإِنْسَانُ أَوْ يَتَعَاطَاهُ مِنْ عِلْمٍ وَعَمَلٍ، فَإِنَّ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ صَاحِبُهُ مِمَّنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مِنْ نَوْعٍ آخَرَ مَا هُوَ أَرْفَعُ قَدْرًا وَأَعَزُّ ذُخْرًا، فَيَغْبِطُهُ بِأَنْ يَتَمَنَّى، وَيُحِبُّ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ مَضْمُومًا إِلَى مَا لَهُ مِنَ الْمَرَاتِبِ الرَّفِيعَةِ وَالْمَنَازِلِ الشَّرِيفَةِ، وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ: يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ، فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ قَدِ اسْتَغْرَقُوا فِيمَا هُوَ أَعْلَى مِنْ ذَلِكَ مِنْ دَعْوَةِ الْخَلْقِ وَإِظْهَارِ الْحَقِّ وَإِعْلَاءِ الدِّينِ وَإِرْشَادِ الْعَامَّةِ، وَالْخَاصَّةِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّيَّاتٍ أَشَغَلَتْهُمْ عَنِ الْعُكُوفِ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْجُزْئِيَّاتِ، وَالْقِيَامِ بِحُقُوقِهَا، وَالشُّهَدَاءُ وَإِنْ نَالُوا رُتْبَةَ الشُّهَدَاءِ وَفَازُوا بِالْفَوْزِ الْأَكْبَرِ، فَعَلَّهُمْ لَمْ يُعَامَلُوا مَعَ اللَّهِ مُعَامَلَةَ هَؤُلَاءِ، فَإِذَا رَأَوْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي مَنَازِلِهِمْ، وَشَاهَدُوا قُرْبَهُمْ وَكَرَامَتَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ، وَدُّوا أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ فِي ذَلِكَ إِلَى إِثْبَاتِ الْغِبْطَةِ لَهُمْ عَلَى حَالِ هَؤُلَاءِ، بَلْ بَيَانِ فَضْلِهِمْ، وَعُلُوِّ شَأْنِهِمْ، وَارْتِفَاعِ مَكَانِهِمْ وَتَقْرِيرِهَا عَلَى آكَدِ وَجْهٍ وَأَبْلَغِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ حَالَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَثَابَةِ لَوْ غَبَطَ النَّبِيُّونُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَئِذٍ مَعَ جَلَالَةِ قَدْرِهِمْ وَنَبَاهَةِ أَمْرِهِمْ حَالَ غَيْرِهِمْ لِغُبُوطِهِمْ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3137
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست