responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2401
الْمُرْضِعَةَ مُسْتَعَارَةٌ لِلْإِمَارَةِ ; وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ مُؤَنَّثَةً إِلَّا أَنَّ تَأْنِيثَهُ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ ; وَأَلْحَقَهَا بِبِئْسَ ; نَظَرًا إِلَى كَوْنِ الْإِمَارَةِ حِينَئِذٍ: دَاهِيَةً دَهْيَاءَ، وَفِيهِ أَنَّ مَا يَنَالُهُ أَمِيرٌ مِنَ الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ ; أَبْلَغُ وَأَشَدُّ مِمَّا يَنَالُهُ مِنَ النَّعْمَاءِ وَالسَّرَّاءِ ; وَأَتَى بِالتَّاءِ فِي الْمُرْضِعِ وَالْفَاطِمِ ; دَلَالَةً عَلَى تَصْوِيرِ تَيْنِكَ الْحَالَتَيْنِ الْمُتَجَدِّدَتَيْنِ فِي الْإِرْضَاعِ وَالْفِطَامِ ; يَعْنِي الْمُرْضِعَ وَالْفَاطِمَ مِنَ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ لِلنِّسَاءِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى إِتْيَانِ تَاءِ التَّأْنِيثِ الْفَارِقَةِ بَيْنَ وَصْفَيِ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ ; وَلِذَا يُقَالُ طَالِقٌ وَحَائِضٌ، وَإِنَّمَا أَتَى بِهَا هَاهُنَا لِتَذْكِيرِ التَّصْوِيرِ، قَالَ الْقَاضِي: شَبَّهَ الْوِلَايَةَ بِالْمُرْضِعَةِ وَانْقِطَاعَهَا بِالْمَوْتِ، أَوِ الْعَزْلَ بِالْفَاطِمَةِ ; أَيْ نِعْمَتِ الْمُرْضِعَةُ الْوِلَايَةً ; فَإِنَّهَا تَدِرُّ عَلَيْكَ الْمَنَافِعَ وَاللَّذَّاتَ الْعَاجِلَةَ، وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ الْمُسِيئَةُ فَإِنَّهَا تَقْطَعُ عَنْكَ اللَّذَائِذَ وَالْمَنَافِعَ وَتُبْقِي عَلَيْكَ الْحَسْرَةَ وَالنَّدَامَةَ، فَلَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يُلِمَّ بِلَذَّاتٍ يَتْبَعُهَا حَسَرَاتٌ اهـ. وَقِيلَ جَعَلَ الْإِمَارَةَ فِي حَلَاوَةِ أَوَائِلِهَا وَمَرَارَةِ أَوَاخِرِهَا، كَمُرْضِعَةٍ تُحْسِنُ بِالْإِرْضَاعِ وَتُسِيءُ بِالْفِطَامِ، قُلْتُ فِيهِ إِشَارَةٌ لَطِيفَةٌ إِلَى أَنَّ حَلَاوَةَ الْإِمَارَةِ وَمَرَارَةَ الْوِلَايَةِ الْمُشَبَّهَتَيْنِ بِالرَّضَاعِ وَالْفِطَامِ، إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَطْفَالِ الطَّرِيقَةِ دُونَ الرِّجَالِ الْوَاصِلِينَ إِلَى مَرْتَبَةِ الْحَقِيقَةِ وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَظِلٌّ زَائِلٌ إِنَّ اللَّبِيبَ بِمِثْلِهَا لَا يُخْدَعُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْبُلْهُ الْوَاقِفُونَ عَلَى الْبَابِ وَلِلْعِلِّيِّينَ أَرْبَابُ الْأَلْبَابِ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) وَكَذَا النَّسَائِيُّ.

3682 - «وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي ; ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ ; وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ ; إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا. وَفِي رِوَايَةٍ ; قَالَ لَهُ: يَا أَبَا ذَرٍّ ; إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا ; وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي ; لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ ; وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
3682 - (وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟) ; أَيْ أَلَا تَجْعَلُنِي عَامِلًا؟ (قَالَ) ; أَيْ أَبُو ذَرٍّ (فَضَرَبَ بِيَدِهِ) ; أَيْ ضَرْبُ لُطْفٍ وَشَفَقَةٍ، (عَلَى مَنْكِبِي) وَفِي نُسْخَةٍ بِالتَّثْنِيَةِ، (ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ) ; أَيْ عَنْ تَحَمُّلِ الْعَمَلِ، (وَإِنَّهَا) ; أَيِ الْإِمَارَةَ (أَمَانَةٌ) يَعْنِي وَمُرَاعَاةُ الْأَمَانَةِ لِكَوْنِهَا ثَقِيلَةً صَعْبَةً لَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَتِهَا إِلَّا كُلُّ قَوِيٍّ، وَفِيهِ الْإِشَارَةُ إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72] الْآيَةَ قَالَ الطِّيبِيُّ: تَأْنِيثُ الضَّمِيرِ إِمَّا بِاعْتِبَارِ الْإِمَارَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ قَوْلِهِ أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي، أَوْ بِاعْتِبَارِ تَأْنِيثِ الْخَبَرِ اهـ. فَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ وَالْعَمَلِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ لَفْظِ الِاسْتِعْمَالِ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ: (وَإِنَّهَا) ; أَيِ الْإِمَارَةَ (يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ) ; أَيْ عَذَابٌ وَفَضِيحَةٌ لِلظَّالِمِ ; (وَنَدَامَةٌ) ; أَيْ تَأَسُّفٌ وَتَنَدُّمٌ عَلَى قَبُولِهَا لِلْعَادِلِ، (إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ ; أَيْ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ عَلَى مَنْ أَخَذَهَا بِغَيْرِ حَقِّهَا، لَكِنْ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا (وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا) فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ خِزْيًا وَوَبَالًا عَلَيْهِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ لَطِيفَةٌ بِأَنَّهَا إِمَّا أَنْ تَكُونَ عَلَيْهِ، أَوْ لَا تَكُونُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا كَوْنُهَا لَهُ فَلَا فَالْأَوْلَى تَرْكُهَا بِلَا ضَرُورَةٍ، قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي اجْتِنَابِ الْوِلَايَةِ، لَا سِيَّمَا لِمَنْ كَانَ فِيهِ ضَعْفٌ عَنِ الْقِيَامِ بِوَظَائِفِهَا، وَالْخِزْيُ وَالنَّدَامَةُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لَهَا، أَوْ كَانَ أَهْلًا وَلَمْ يَعْدِلْ فَيُخْزِيهِ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَفْضَحُهُ وَيَنْدَمُ عَلَى مَا فَرَّطَ، فَأَمَّا مَنْ كَانَ أَهْلًا لَهَا وَعَدَلَ فِيهَا ; فَلَهُ فَضْلٌ عَظِيمٌ تَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ كَحَدِيثِ ( «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ» ) وَحَدِيثِ ( «إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ» ) وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَلِكَثْرَةِ الْخَطَرِ فِيهَا حَذَّرَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْهَا، وَلِذَلِكَ امْتَنَعَ مِنْهَا خَلَائِقُ مِنَ السَّلَفِ وَصَبَرُوا عَلَى الْأَذَى حِينَ امْتَنَعُوا. (وَفِي رِوَايَةٍ) كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ: رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَةٍ أَيْ لَهُ (قَالَ لَهُ) فِيهِ الْتِفَاتٌ، أَوْ نُقِلَ بِالْمَعْنَى (يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي أَرَاكَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ إِمَّا مِنَ الرَّأْيِ ; أَيْ أَظُنُّكَ، أَوْ مِنَ الرُّؤْيَةِ الْعِلْمِيَّةِ ; أَيْ أَعْرِفُكَ ( «ضَعِيفًا وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي» ) ; أَيْ لَوْ كُنْتُ ضَعِيفًا مِثْلَكَ لَمَا تَحَمَّلْتُ هَذَا الْحِمْلَ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَوَّانِي فَحَمَّلَنِي، وَلَوْلَا أَنَّهُ حَمَّلَنِي لَمَا حَمَلْتُ، وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى مَا قَالَ بَعْضُ الصُّوفِيَّةِ أَنَّ الْوِلَايَةَ أَفْضَلُ مِنَ الرِّسَالَةِ ; يَعْنِي وِلَايَةَ النَّبِيِّ أَفْضَلُ مِنْ رِسَالَتِهِ ; لِأَنَّ وَجْهَ الرِّسَالَةِ إِلَى الْخَلْقِ وَوَجْهَ الْوِلَايَةِ إِلَى الْحَقِّ ; فَالتَّوَجُّهُ إِلَى الْمَوْلَى لَا شَكَّ أَنَّهُ أَوْلَى (لَا تَأَمَّرَنَّ) بِحَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْمَفْتُوحَةِ وَالنُّونِ، وَفِي نُسْخَةٍ لِمُسْلِمٍ فَلَا تَأَمَّرَنَّ ; أَيْ لَا تَقْبَلَنَّ الْإِمَارَةَ (عَلَى اثْنَيْنِ) ; أَيْ فَضْلًا عَنْ أَكْثَرَ مِنْهُمَا ; فَإِنَّ الْعَدْلَ وَالتَّسْوِيَةَ أَمْرٌ صَعْبٌ بَيْنَهُمَا (وَلَا تَوَلَّيَنَّ) ; بِحَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ وَالنُّونِ (مَالَ يَتِيمٍ) ; أَيْ لَا تَقْبَلَنَّ وِلَايَةَ مَالِ يَتِيمٍ، وَفِي نُسْخَةٍ لِمُسْلِمٍ عَلَى مَالِ يَتِيمٍ ; أَيْ لَا تَكُنْ وَالِيًا عَلَيْهِ ; لِأَنَّ خَطَرَهُ عَظِيمٌ وَوَبَالَهُ جَسِيمٌ، وَهَذَا مِثَالُ الْوِلَايَةِ عَلَى الْوَاحِدِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2401
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست