responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2397
لَا يَعْرِفُ حُسْنَهُ فِي الشَّرْعِ فَقَدْ بَرِئَ مِنَ النِّفَاقِ، وَمَنْ لَمْ يُنْكِرْهُ حَقَّ الْإِنْكَارِ بَلْ كَرِهَهُ بِقَلْبِهِ فَقَدْ سَلِمَ، وَلَا بُدَّ لِمَنْ أَنْكَرَهُ بِقَلْبِهِ حَقَّ الْإِنْكَارِ أَنْ يُظْهِرَهُ بِالْمُكَافَحَةِ بِلِسَانِهِ، بَلْ يُجَاهِدُهُ بِيَدِهِ وَجَمِيعِ جَوَارِحِهِ، وَإِذَا قَيَّدَ الْإِنْكَارَ بِقَلْبِهِ أَفَادَ هَذَا الْمَعْنَى وَإِذَا خَصَّ بِلِسَانِهِ لَمْ يُفْدِهِ، قُلْتُ: وُجُودُ الْإِفَادَةِ الْمَذْكُورَةِ وَعَدَمُهَا إِنَّمَا هُوَ مِنَ الْخَارِجِ لَا مِنَ الْعِبَارَةِ كَمَا عَبَّرْنَا عَنْهُ فِيمَا سَبَقَ بِالْإِشَارَةِ ثُمَّ قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِنْكَارَ إِذَا لَمْ يَكُنْ كَمَا يَنْبَغِي مُسَمًّى بِالْكَرَاهَةِ، قَوْلُ الشَّيْخِ التُّورِبِشْتِيِّ: وَمَنْ كَرِهَ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ وَمَنَعَهُ الضَّعْفُ عَنْ إِظْهَارِ مَا يُضْمِرُ مِنَ النُّكْرَةِ، قُلْتُ: لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ بَلْ هُوَ مُؤَيِّدٌ لِلْمُظْهِرِ عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ، ثُمَّ قَالَ: وَحَاشَا لِمَكَانَةِ إِمَامِ أَئِمَّةِ الدُّنْيَا أَعْنِي مُسْلِمًا أَنْ يَخْرُجَ مِنْ فِيهِ كَلَامٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لَا سِيَّمَا فِي تَفْسِيرِ الْكَلَامِ النَّبَوِيِّ، قُلْتُ: الْبُخَارِيُّ أَجَلُّ مِنْهُ قَدْرًا وَقَدْ وَقَعَ لَهُ سَهْوٌ فِي الْآيَةِ الْقُرْآنِيَّةِ فِي كِتَابِهِ، مَعَ أَنَّ هَذَا مُجَرَّدُ تَقْلِيدٍ وَإِلَّا فَكُلُّ أَحَدٍ يُقْبَلُ كَلَامُهُ وَيُرَدُّ إِلَّا الْمَعْصُومَ، عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ لَيْسَ مِنْ كَلَامِهِ بَلْ هُوَ نَاقِلٌ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِقَائِلِهِ.
ثُمَّ قَالَ: وَالرِّوَايَةُ الَّتِي اسْتَدَلَّ الْمُظْهِرُ بِهَا فِي شَرْحِ السُّنَّةِ كَذَا وَيُرْوَى: فَمَنْ أَنْكَرَ بِلِسَانِهِ فَقَدْ بَرِئَ، وَمَنْ كَرِهَ بِقَلْبِهِ فَقَدْ سَلِمَ. وَلَفْظُ يُرْوَى وَنَحْوِهِ إِنَّمَا يَسْتَعْمِلُهَا أَهْلُ الْحَدِيثِ فِيمَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ، قُلْتُ: هَذَا غَالِبِيٌّ وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَالْحَدِيثُ الضَّعِيفُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَقْوَى فِي اعْتِبَارِ الْمَعْنَى مِنْ تَفْسِيرِ الرَّاوِي كَمَا لَا يَخْفَى.
قَالَ النَّوَوِيُّ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَةٌ ظَاهِرَةٌ لِمَا أَخَبَرَ بِهِ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ وَقَدْ وَقَعَ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِيهِ أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ إِزَالَةِ الْمُنْكَرِ وَسَكَتَ لَا يَأْثَمُ إِذَا لَمْ يَرْضَ بِهِ، وَقَوْلُهُ: وَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ سَلِمَ. هَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِنْكَارَهُ بِيَدِهِ وَلِسَانِهِ فَلْيَكْرَهْهُ بِقَلْبِهِ وَيَسْلَمُ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَلَفْظُهُ (سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ كَرِهَ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ) وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَفْظَةَ ( «سَتَكُونُ أُمَرَاءُ تَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ نَابَذَهُمْ نَجَا وَمَنِ اعْتَزَلَهُمْ سَلِمَ وَمَنْ خَالَطَهُمْ هَلَكَ» ) وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: سَتَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ مِنْ بَعْدِي يَأْمُرُونَكُمْ بِمَا لَا تَعْرِفُونَ وَيَعْمَلُونَ بِمَا تُنْكِرُونَ فَلَيْسَ أُولَئِكَ عَلَيْكُمْ بِأَئِمَّةٍ أَيْ فِي الْحَقِيقَةِ. وَرَوَى أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ مُعَاوِيَةَ: «سَتَكُونُ أَئِمَّةٌ مِنْ بَعْدِي يَقُولُونَ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُمْ يَتَقَاحَمُونَ فِي النَّارِ كَمَا تَقَاحَمُ الْقِرَدَةُ» .

3672 - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
3672 - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ لَنَا) أَيْ لِأَجْلِنَا أَوْ مُشَافِهًا لَنَا (رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ الْمَوْجُودَةِ وَفِي الْقَامُوسِ: (أُثْرَةً) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الثَّاءِ وَبِفَتْحِهِمَا أَيْضًا، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ الْأَثَرَةُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالثَّاءِ وَيُقَالُ: بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الثَّاءِ وَبِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الثَّاءِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ ذَكَرَهُنَّ فِي الْمَشَارِقِ وَغَيْرِهِ وَهِيَ الِاسْتِئْثَارُ وَالْاخْتِصَاصُ بِأُمُورِ الدِّينِ (وَأُمُورًا) أَيْ أَشْيَاءَ أُخَرَ (تُنْكِرُونَهَا) أَيْ لَا تَسْتَحْسِنُوهَا قِيلَ: فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِدُونِ الْوَاوِ الْعَاطِفَةِ فَيَكُونُ بَيَانَ (أَثَرَةً) (قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟) أَيْ حِينَئِذٍ (يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ) أَيْ طَاعَتَكُمْ إِيَّاهُمْ (وَسَلُوا) بِالنَّقْلِ أَوْ مِنْ سَأَلَ بِالْأَلِفِ (اللَّهَ حَقَّكُمْ) أَيِ اطْلُبُوا اللَّهَ أَنْ يُوَصِّلَ إِلَيْكُمْ حَقَّكُمْ وَهُوَ مَا أَثَرُوا فِيهِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ بِاسْتِيفَاءِ حَقِّكُمْ وَلَا تُكَافِئُوا اسْتِئْثَارَهُمْ بِاسْتِئْثَارِكُمْ بَلْ وَفِّرُوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ مِنَ السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَحُقُوقِ الدِّينِ وَسَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ أَنْ يُوَصِّلَ إِلَيْكُمْ حَقَّكُمْ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ وَنَحْوِهَا وَكِلُوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَمْرَكُمْ، وَاللَّهُ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: «إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي غَدًا عَلَى الْحَوْضِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ وَأَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ عَنْ أَنَسٍ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2397
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست