responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2329
مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ اللَّهِ {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: 15] (الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ) أَيْ حَدُّ زِنَا الْبِكْرِ بِالْبِكْرِ (جَلْدُ مِائَةٍ) أَيْ ضَرْبُ مِائَةِ جَلْدَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (وَتَغْرِيبُ عَامٍ) أَيْ نَفْيُ سَنَةٍ كَمَا فِي رِوَايَةٍ وَالْمَعْنَى إِنِ اقْتَضَتِ الْمَصْلَحَةُ (وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ) الْجَلْدُ مَنْسُوخٌ فِي حَقِّهِمَا بِالْآيَةِ الَّتِي نُسِخَتْ تِلَاوَتُهَا وَبَقِيَ حُكْمُهَا وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتَصَرَ عَلَى رَجْمِ مَاعِزٍ وَغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ الْجَمْعُ حَدًّا لَمَا تَرَكَهُ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ إِنْ كَانَا غَيْرَ مُحْصَنَيْنِ، وَالرَّجْمُ إِنْ كَانَا مُحْصَنَيْنِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: التَّكْرِيرُ فِي قَوْلِهِ: خُذُوا عَنِّي يَدُلُّ عَلَى ظُهُورِ أَمْرٍ قَدْ خَفِيَ شَأْنُهُ، وَاهْتَمَّ بِبَيَانِهِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا) مُبْهَمٌ فِي التَّنْزِيلِ وَلَمْ يُعْلَمْ مَا تِلْكَ السَّبِيلُ أَيِ الْحَدُّ الثَّابِتُ فِي حَقِّ الْمُحْصَنِ، وَغَيْرِهِ، فَقَوْلُهُ: الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ إِلَخْ بَيَانٌ لِلْمُبْهَمِ، وَتَفْصِيلٌ لِلْمُجْمَلِ عَلَى طَرِيقَةِ الِاسْتِئْنَافِ؛ مِصْدَاقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44] وَالتَّقْسِيمُ حَاصِرٌ مِنْ حَيْثُ الْمَفْهُومُ ; لِأَنَّ اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ لَا تَخْلُو إِمَّا أَنْ تَكُونَ بِكْرًا، أَوْ ثَيِّبًا، وَالْأُولَى إِمَّا زَنَتْ بِالْبِكْرِ، أَوْ بِالثَّيِّبِ، وَالثَّانِيَةُ أَيْضًا كَذَلِكَ فَبَيَّنَ فِي الْحَدِيثِ مَا حَدُّ الْبِكْرِ بِالْبِكْرِ، وَالثَّيِّبِ بِالثَّيِّبِ، وَتَرَكَ ذِكْرَ الثَّيِّبِ مَعَ الْبِكْرِ لِظُهُورِهِ، وَلِحَدِيثِ عَسِيفٍ عَلَى مَا سَبَقَ قَالَ النَّوَوِيُّ: اخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَقِيلَ: هِيَ مُحْكَمَةٌ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مُفَسِّرٌ لَهَا، وَقِيلَ: مَنْسُوخَةٌ بِالْآيَةِ الَّتِي فِي أَوَّلِ سُورَةِ النُّورِ، وَقِيلَ: إِنَّ آيَةَ النُّورِ فِي الْبِكْرَيْنِ، وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي الثَّيِّبَيْنِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ مُبْتَدَأٌ، وَجَلْدُ مِائَةٍ خَبَرُهُ أَيْ حَدُّ زِنَا الْبِكْرِ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ، قَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاطِ بَلْ حَدُّ الْبِكْرِ الْجَلْدُ وَالتَّغْرِيبُ سَوَاءٌ زَنَى بِبِكْرٍ أَمْ بِثَيِّبٍ، وَحَدُّ الثَّيِّبِ الرَّجْمُ سَوَاءٌ زَنَى بِثَيِّبٍ أَوْ بِبِكْرٍ، فَهُوَ بِالتَّقْيِيدِ الَّذِي يَخْرُجُ عَلَى الْغَالِبِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبِكْرِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مَنْ لَمْ يُجَامِعْ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَهُوَ حُرٌّ بَالِغٌ عَاقِلٌ سَوَاءٌ جَامَعَ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَالْمُرَادُ بِالثَّيِّبِ عَكْسُ ذَلِكَ سَوَاءٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ وَالرَّشِيدُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، قُلْتُ: فِي الْكَافِرِ خِلَافٌ لَنَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ، قَالَ: وَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ جَلْدِ الزَّانِي الْبِكْرِ مِائَةً، وَرَجْمِ الْمُحْصَنِ وَهُوَ الثَّيِّبُ، وَاخْتَلَفُوا فِي جَلْدِ الثَّيِّبِ مَعَ الرَّجْمِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْلَدُ، ثُمَّ يُرْجَمُ، وَبِهِ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَالْحَسَنُ، وَإِسْحَاقُ، وَدَاوُدُ، وَأَهْلُ الظَّاهِرِ، وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ: الْوَاجِبُ الرَّجْمُ، وَحَدُّهُ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتَصَرَ عَلَى رَجْمِ الثَّيِّبِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا قَضِيَّةُ مَاعِزٍ، وَقَضِيَّةُ الْمَرْأَةِ الْغَامِدِيَّةِ، وَقَضِيَّةُ الْمَرْأَةِ مَعَ الْعَسِيفِ، وَحَدِيثُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ مَنْسُوخٌ ; لِأَنَّهُ كَانَ فِي بَدْءِ الْأَمْرِ، وَأَمَّا تَغْرِيبُ عَامٍ فَفِيهِ حُجَّةٌ لِلشَّافِعِيِّ، وَالْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ يَجِبُ نَفْيُ سَنَةٍ رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً. وَقَالَ الْحَسَنُ: لَا يَجِبُ النَّفْيُ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَا نَفْيَ عَلَى النِّسَاءِ. وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عَلِيٍّ قَالُوا: لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ، وَفِي نَفْيِهَا تَضْيِيعٌ لَهَا، وَتَعْرِيضٌ لِلْفِتْنَةِ، وَأَمَّا الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ فَفِيهِمَا أَقْوَالٌ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحُّهَا تَغْرِيبُ نِصْفِ سَنَةٍ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) ، وَكَذَا أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: لَا يُجْمَعُ فِي الْمُحْصَنِ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَيُجْمَعُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ، وَعَنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ ذَلِكَ، وَلِلْجُمْهُورِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يَجْمَعْ، وَهَذَا عَلَى وَجْهِ الْقَطْعِ فِي مَاعِزٍ، وَالْغَامِدِيَّةِ، وَصَاحِبَةِ الْعَسِيفِ، وَتَظَاهَرَتِ الطُّرُقُ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ بَعْدَ سُؤَالِهِ عَنِ الْإِحْصَانِ، وَتَلْقِينِهِ الرُّجُوعَ لَمْ يَزِدْ عَلَى الْأَمْرِ بِالرَّجْمِ، فَقَالَ: «اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ، وَقَالَ: اغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» ، وَلَمْ يَقُلْ: فَاجْلِدْهَا ثُمَّ ارْجُمْهَا، وَقَالَ فِي بَاقِي الْحَدِيثِ: فَاعْتَرَفَتْ، فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَتْ، وَكَذَا فِي الْغَامِدِيَّةِ وَالْجُهَيْنِيَّةِ إِنْ كَانَتْ غَيْرَهَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الْأَمْرِ بِرَجْمِهَا، وَتَكَرَّرَ، وَلَمْ يَزِدْ أَحَدٌ عَلَى ذَلِكَ، فَقَطَعْنَا بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ غَيْرَ الرَّجْمِ، فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ السَّلَامُ: خُذُوا عَنِّي إِلَى قَوْلِهِ «الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَرَجْمٌ أَوْ رَمْيٌ بِالْحِجَارَةِ» يَجِبُ قَطْعًا كَوْنُهُ مَنْسُوخًا وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ خُصُوصُ النَّاسِخِ وَأَمَّا جَلْدُ عَلِيٍّ شُرَاحَةَ فِي رَجْمِهَا فَإِمَّا لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ إِحْصَانُهَا إِلَّا بَعْدَ جَلْدِهَا أَوْ هُوَ رَأْيٌ لَا يُقَاوِمُ إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ وَمَا ذُكِرَ مِنَ الْقَطْعِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لَا يُجْمَعُ فِي الْبِكْرِ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالنَّفْيِ، وَالشَّافِعِيُّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَكَذَا أَحْمَدُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَلَهُ فِي الْعَبْدِ تَغْرِيبُ نِصْفِ سَنَةٍ، وَلَنَا لَا يُغَرَّبُ أَصْلًا، وَأَمَّا تَغْرِيبُ الْمَرْأَةِ فَمَعَ مَحْرَمٍ وَأُجْرَتُهُ عَلَيْهَا فِي قَوْلٍ، وَفِي بَيْتِ الْمَالِ فِي قَوْلٍ، وَلَوِ امْتَنَعَ فِي قَوْلٍ يُجْبِرُهُ الْإِمَامُ، وَفِي قَوْلٍ لَا وَلَوْ كَانَتِ الطَّرِيقُ آمِنَةً فَفِي تَغْرِيبِهَا بِلَا مَحْرَمٍ قَوْلَانِ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 6  صفحه : 2329
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست