responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1575
فَمَرْجِعُهُ إِلَى الْفِعْلِ وَلَا أَنْ يَصِلَ أَحَدٌ إِلَى شَرَفٍ وَسُؤْدُدٍ بِغَيْرِ إِرَادَةِ مَوْلَاهُ، أَوْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ الشَّرِيفُ فَمَرْجِعُهُ إِلَى الصِّفَةِ، وَقِيلَ: مَأْخُوذٌ مِنَ الْحَسَنَاتِ أَيْ: هُوَ الْمُحَاسِبُ لِلْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى: مُفَاعِلٍ كَالْجَلِيسِ بِمَعْنَى: الْمُجَالِسِ، فَمَرْجِعُهُ إِلَى الْفِعْلِ أَيْضًا إِنْ جُعِلَتِ الْمُحَاسَبَةُ عِبَارَةً عَنِ الْمُكَافَأَةِ، وَإِلَى الْقَوْلِ إِنْ أُرِيدَ بِهَا السُّؤَالُ وَالْمُعَاتَبَةُ وَتَعْدَادُ مَا عَمِلُوا مِنَ الْحِسَابِ وَالسَّيِّئَاتِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَعُدُّ أَنْفَاسَ الْخَلَائِقِ، وَبَعْضُهُمْ جَمَعَ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ، وَقَالَ: الْحَسِيبُ مَنْ يَعُدُّ عَلَيْكَ أَنْفَاسَكَ وَيَصْرِفُ عَنْكَ بِفَضْلِهِ بَأْسَكَ. وَقِيلَ: فِي مَعْنَى الْحَسِيبِ، إِنْ كَانَ اللَّهُ مَعَكَ فَمَنْ تَخَافُ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْكَ فَمَنْ تَرْجُو، وَلِذَا قَالُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. وَقَالَ: {حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة: 129] .
قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: كِفَايَةُ اللَّهِ لِلْعَبْدِ أَنْ يَكْفِيَهُ جَمِيعَ أَحْوَالِهِ وَأَشْغَالِهِ، وَأَجَلُّ الْكِفَايَاتِ أَنْ يُعْطِيَهُ إِرَادَةَ الشَّيْءِ، فَإِنَّ سَلَامَتَهُ عَنْ إِرَادَةِ الْأَشْيَاءِ حَتَّى لَا يُرِيدَ شَيْئًا أَتَمُّ مِنْ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَتَحْقِيقِ الْمَأْمُولِ، وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَافِيهِ لَا يَسْتَوْحِشُ مِنْ إِعْرَاضِ الْخَلْقِ عَنْهُ ثِقَةً بِأَنَّ الَّذِي قُسِمَ لَهُ لَا يَفُوتُهُ وَإِنْ أَعْرَضُوا عَنْهُ، وَالَّذِي لَمْ يُقْسَمْ لَهُ لَا يَصِلُ إِلَيْهِ وَإِنْ أَقْبَلُوا عَلَيْهِ، وَمَنِ اكْتَفَى بِحُسْنِ تَوْلِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَحْوَالِهِ، فَعَنْ قَرِيبٍ يُرْضِيهِ مَوْلَاهُ مِمَّا يَخْتَارُ لَهُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُؤْثِرُ الْعَدَمَ عَلَى الْوُجُودِ، وَالْفَقْرَ عَلَى الْغِنَى، وَيَسْتَرْوِحُ إِلَى عَدَمِ الْأَسْبَابِ. بِمُشَاهَدَةِ تَصَرُّفِ الْمَوْلَى.
قِيلَ: رَجَعَ فَتْحٌ الْمَوْصِلِيُّ لَيْلَةً إِلَى بَيْتِهِ فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ عَشَاءً وَلَا سِرَاجًا فَبَالَغَ فِي الْحَمْدِ وَالتَّضَرُّعِ وَقَالَ: إِلَهِي بِأَيِّ سَبَبٍ وَبِأَيِّ وَسِيلَةٍ وَاسْتِحْقَاقٍ عَامَلْتَنِي بِمَا تُعَامِلُ بِهِ أَوْلِيَاءَكَ؟ .
(الْجَلِيلُ) : أَيِ: الْمَنْعُوتُ بِنُعُوتِ الْجَلَالِ، وَالْحَاوِي لِجَمِيعِهَا عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ، بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُدَانِيَهُ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُسَاوِيَهُ، قَالُوا وَمِنْهُمُ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ: أَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى كَمَالِ الصِّفَاتِ، كَمَا أَنَّ الْكَبِيرَ رَاجِعٌ إِلَى عِظَمِ الذَّاتِ، وَالْعَظِيمَ إِلَيْهِمَا، لَكِنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّ الْجَلِيلَ هُوَ الْمَوْصُوفُ بِصِفَاتِ الْجَلَالِ خَاصَّةً، كَالْمُنْتَقِمِ وَالْقَهَّارِ وَشَدِيدِ الْعِقَابِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 27] حَيْثُ قُوبِلَ بَيْنَهُمَا، فَالْكَرِيمُ وَالْعَفُوُّ وَالْغَفُورُ، وَنَحْوُهُمَا مِنْ صِفَاتِ الْجَمَالِ. وَالْكَمَالُ لِلَّهِ تَعَالَى هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ صِفَتَيِ الْجَمَالِ وَالْجَلَالِ. وَالْكَمَالُ وَالْكَوْنُ كُلُّهَا مَظَاهِرُ لِلصِّفَتَيْنِ الْعَظِيمَتَيْنِ، وَمَجَالٌ لِمُشَاهَدَةِ النَّعْتَيْنِ الْكَرِيمَيْنِ، وَبَسْطُ هَذَا الْمَبْحَثِ يَطُولُ، فَيَتَعَيَّنُ عَنْهُ الْعُدُولُ، وَلِذَا نَقُولُ: وَحَظُّكَ مِنْهُ أَنَّكَ إِذَا تَبَيَّنَ لَكَ جَلَالُهُ ظَهَرَ لَكَ فِي الْعَوَالِمِ كُلِّهَا إِجْلَالُهُ، فَعَظُمَتْ هَيْبَتُكَ مِنْهُ وَمَحَبَّتُكَ لَهُ وَأُنْسُكَ بِهِ وَاحْتِرَامُكَ لِكِتَابِهِ وَأَحِبَّائِهِ، وَحِينَئِذٍ فَتَقَرُّبُكَ بِهِ تَعَلُّقًا أَنْ لَا تُحِبَّ سِوَاهُ، وَلَا تُرْضِيَ إِلَّا إِيَّاهُ، وَتَخَلُّقًا أَنْ تُخَلِّيَ نَفْسَكَ عَنْ سَفَاسِفِ الْأُمُورِ وَالْمُحَقَّرَاتِ، لِأَنَّكَ أَجَلُّ الْمَخْلُوقَاتِ. قَالَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ: جَعَلَكَ فِي الْعَالَمِ الْمُتَوَسِّطِ بَيْنَ مُلْكِهِ وَمَلَكُوتِهِ لِيُعْلِمَكَ جَلَالَةَ قَدْرِكَ بَيْنَ مَخْلُوقَاتِهِ، وَأَنَّكَ جَوْهَرَةٌ تَنْطَوِي عَلَيْكَ أَصْدَافُ مَكْنُونَاتِهِ.
قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ تَقَلُّبَ قُلُوبِ الْعَابِدِينَ بَيْنَ شُهُودِ ثَوَابِهِ وَإِفْضَالِهِ، وَشُهُودِ عَذَابِهِ وَإِنْكَالِهِ، فَإِذَا فَكَّرُوا فِي إِفْضَالِهِ ازْدَادُوا رَغْبَتَهُمْ، وَإِذَا فَكَّرُوا فِي عَذَابِهِ وَنَكَالِهِ ازْدَادُوا رَهْبَتَهُمْ، وَجَعَلَ تَنَزُّهَ أَسْرَارِ الْعَارِفِينَ فِي شُهُودِ جَلَالِهِ وَجَمَالِهِ إِذَا كُوشِفُوا بِنَعْتِ الْجَلَالِ، فَأَحْوَالُهُمْ طَمْسٌ فِي طَمْسٍ، وَإِذَا كُوشِفُوا بِوَصْفِ الْجَمَالِ فَأَحْوَالُهُمْ أُنْسٌ فِي أُنْسٍ، فَكَشْفُ الْجَلَالِ يُوجِبُ صَحْوًا، وَكَشْفُ الْجَمَالِ يُوجِبُ قُرْبَةً، فَالْعَارِفُونَ كَاشَفَهُمْ بِجَلَالِهِ فَغَابُوا، وَالْمَحْبُوبُونَ كَاشَفَهُمْ بِجِمَالِهِ فَتَابُوا، وَالْحَقَائِقُ إِذَا اصْطَلَمَتِ الْقُلُوبَ لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ، وَالْمَعَانِي إِذَا اسْتَوْلَتْ عَلَى الْأَسْرَارِ فَلَا عَيْنَ وَلَا أَثَرَ.
(الْكَرِيمُ) : أَيِ: كَثِيرُ الْجُودِ وَالْعَطَاءِ الَّذِي لَا يَنْفَدُ عَطَاؤُهُ وَلَا تَفْنَى خَزَائِنُهُ، وَهُوَ الْكَرِيمُ الْمُطْلَقُ.
وَقِيلَ: الْمُتَفَضِّلُ بِلَا مَسْأَلَةٍ وَلَا وَسِيلَةٍ. وَقِيلَ: الْمُتَجَاوِزُ الَّذِي لَا يَسْتَقْصِي فِي الْعِقَابِ، وَلَا يَسْتَقْصِي فِي الْعِتَابِ. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي إِذَا قَدَرَ عَفَا وَإِذَا وَعَدَ وَفَى، وَإِذَا أَعْطَى زَادَ عَلَى الْمُتَمَنَّى، وَلَا يُبَالِي كَمْ أَعْطَى وَلِمَنْ أَعْطَى، وَإِذَا رُفِعَتِ الْحَاجَةُ إِلَى غَيْرِهِ لَا يَرْضَى، وَيَقُولُ: {وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى} [الليل: 13] . وَقِيلَ: الْمُقَدَّسُ عَنِ النَّقَائِصِ، الْمَوْصُوفُ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1575
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست