responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1572
(اللَّطِيفُ) : أَيْ: الْبَرُّ بِعِبَادِهِ الَّذِي يُوصِلُ إِلَيْهِمْ مَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ فِي الدَّارَيْنِ، وَيُهَيِّئُ لَهُمْ مَا يَسْعَوْنَ بِهِ إِلَى الْمَصَالِحِ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ وَلَا يَحْتَسِبُونَ، فَهُوَ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَفْعَالِ، وَقِيلَ: هُوَ كَالْجَمِيلِ بِمَعْنَى: الْمُجْمِلُ، وَقِيلَ: الْعَالِمُ بِخَفِيَّاتِ الْأُمُورِ وَمَا لَطُفَ مِنْهَا، وَقِيلَ: هُوَ الْخَفِيُّ عَنِ الْإِدْرَاكِ. قَالَ ابْنُ عَطَاءٍ فِي حِكَمِهِ: مَنْ ظَنَّ انْفِكَاكَ لُطْفِهِ عَنْ قَدْرِهِ فَذَلِكَ لِقُصُورِ نَظَرِهِ، وَمِنَ التَّخَلُّقِ بِهَذَا الِاسْمِ أَنْ يَتَلَطَّفَ بِالْخَلْقِ بِإِرْشَادِهِمْ إِلَى الْحَقِّ. قَالَ تَعَالَى: {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ} [الشورى: 19] قِيلَ: مِنْ لُطْفِهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ أَنَّهُ أَعْطَاهُمْ فَوْقَ الْكِفَايَةِ وَكَلَّفَهُمْ دُونَ الطَّاقَةِ، وَمِنْ لُطْفِهِ تَعَالَى تَوْفِيقُ الطَّاعَاتِ، وَتَيْسِيرُ الْعِبَادَاتِ، وَحِفْظُ التَّوْحِيدِ فِي الْقُلُوبِ وَصِيَانَتُهُ مِنَ الْعُيُوبِ.
(الْخَبِيرُ) : أَيْ: الْعَالِمِ بِبَوَاطِنِ الْأَشْيَاءِ مِنَ الْخِبْرَةِ، وَهِيَ الْعِلْمُ بِالْخَفَايَا الْبَاطِنَةِ، وَقِيلَ: هُوَ الْمُتَمَكِّنُ مِنَ الْإِخْبَارِ عَمَّا عَلِمَهُ، وَحَظُّكَ مِنْهُ أَنَّكَ إِذَا شَهِدْتَ أَنَّهُ الْمُطَّلِعُ عَلَى سِرِّكَ الْعَلِيمُ بِبَوَاطِنِ أَمْرِكَ اكْتَفَيْتَ بِعِلْمِهِ، وَنَسِيتَ غَيْرَهُ فِي جَنْبِ ذِكْرِهِ، وَكُنْتَ بِزِمَامِ التَّقْوَى مَشْدُودًا، وَعَنْ طَرِيقِ الْغَيِّ مَصْدُودًا، وَتَعَيَّنَ عَلَيْكَ تَرْكُ الرِّيَاءِ وَلُزُومُ الْإِخْلَاصِ، لِتَصِلَ إِلَى مَقَامِ أَهْلِ الِاخْتِصَاصِ، وَأَنْ لَا تَتَغَافَلَ عَنْ بَوَاطِنِ أَحْوَالِكَ، وَتَشْتَغِلَ بِإِصْلَاحِهَا، وَتُلَافِيَ مَا يَظْهَرُ لَكَ مِنْهَا مِنَ الْقَبَائِحِ بِصَرْفِهَا إِلَى فَلَاحِهَا، وَأَنْ تَكُونَ فِي أَمْرِ دِينِكَ وَدُنْيَاكَ خَبِيرًا، وَبِمَا يَجِبُ عَلَيْكَ أَوْ يُنْدَبُ لَكَ بَصِيرًا.
(الْحَلِيمُ) : أَيِ: الَّذِي لَا يُعَجِّلُ عُقُوبَةَ الْمُؤْمِنِينَ، بَلْ يُؤَخِّرُهُمْ لَعَلَّهُمْ يَتُوبُونَ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَسْتَفِزُّهُ غَضَبٌ، وَلَا يَحْمِلُهُ غَيْظٌ عَلَى تَعْجِيلِ الْعُقُوبَةِ، فَالتَّقَرُّبُ بِهِ تَعَلُّقًا أَنْ تَشْكُرَ مِنَّتَهُ فِي حِلْمِهِ، لَكِنْ مِنْ غَيْرِ اغْتِرَارٍ بِكَرَمِهِ، وَتَخَلُّقًا أَنْ تَكْظِمَ الْغَيْظَ وَتُطْفِئَ نَارَ الْغَضَبِ بِالْحِلْمِ، وَكَمَالُهُ أَنْ تُحْسِنَ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ. قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: فَإِذَا سَتَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْحَالِ بِفَضْلِهِ، فَالْمَأْمُولُ مِنْهُ أَنْ يَعْفُوَ فِي الْمَآلِ بِلُطْفِهِ، وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى التَّنْزِيهِ.
(الْعَظِيمُ) : أَصْلُهُ مِنْ عَظُمَ الشَّيْءُ إِذَا كَبُرَ عَظْمُهُ، ثُمَّ اسْتُعِيرَ لِكُلِّ جِسْمٍ كَبِيرِ الْمِقْدَارِ كِبَرًا يَمْلَأُ الْعَيْنَ كَالْجَمَلِ وَالْفِيلِ، أَوْ كِبَرًا يَمْنَعُ إِحَاطَةَ الْبَصَرِ بِجَمِيعِ أَقْطَارِهِ كَالسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة: 129] ثُمَّ لِكُلِّ شَيْءٍ كَبِيرِ الْقَدْرِ عَلَى الْمَرْتَبَةِ، فَالْعَظِيمُ الْمُطْلَقُ الْبَالِغُ إِلَى أَقْصَى مَرَاتِبِ الْعَظَمَةِ، هُوَ الَّذِي لَا يَتَصَوَّرُهُ عَقْلٌ وَلَا يُحِيطُ بِكُنْهِهِ بَصِيرَةٌ، وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَرْجِعُهُ إِلَى التَّنْزِيهِ.
قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: وَيَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ الْعَظِيمُ فِي صِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى اسْتِحْقَاقِ عُلُوِّ الْوَصْفِ مِنَ اسْتِحْقَاقِ الْقِدَمِ، وَوُجُودِ الْوَحْدَانِيَّةِ وَالِانْفِرَادِ بِالْقُدْرَةِ عَلَى الْإِيجَادِ، وَشُمُولِ الْعِلْمِ بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ، وَنُفُوذِ الْإِرَادَةِ فِي الْمُتَنَاوَلَاتِ، وَإِدْرَاكِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ بِجَمِيعِ الْمَسْمُوعَاتِ وَالْمَرْئِيَّاتِ، وَتَنَزُّهِ ذَاتِهِ عَنْ قَبُولِ الْمُحْدَثَاتِ، وَحَظُّكَ مِنْهُ أَنَّكَ إِذَا شَهِدْتَ عَظَمَتَهُ صَغُرَ فِي عَيْنِكَ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا مَا لَهُ نِسْبَةٌ مِنْ تَعْظِيمِهِ تَعَالَى، وَاسْتَحْقَرْتَ نَفْسَكَ وَذَلَّلْتَهَا لِلْإِقْبَالِ عَلَيْهِ تَعَالَى بِكُلِّيَّتِهَا بِامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ، وَالِاجْتِهَادِ فِي كُلِّ مَا يُحِبُّهُ وَيُرْضِيهِ، وَحِينَئِذٍ فَتَقَرُّبُكَ بِهِ تَعَلُّقًا؛ لِأَنَّ تَلَازُمَ التَّذْلِيلِ وَالِافْتِقَارِ عَلَى الدَّوَامِ، وَتَخَلُّقًا أَنْ تَتَعَاظَمَ عَنِ الْأَوْصَافِ الذَّمِيمَةِ وَارْتِكَابِ الْآثَامِ.
(الْغَفُورُ) : أَيْ: كَثِيرُ الْمَغْفِرَةِ وَهِيَ صِيَانَةُ الْعَبْدِ عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الْعِقَابِ بِالتَّجَاوُزِ عَنْ ذُنُوبِهِ مِنَ الْغَفْرِ وَالسَّتْرِ وَإِلْبَاسِ الشَّيْءِ مَا يَصُونُهُ عَنِ الدَّنَسِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَلَعَلَّ الْغَفَّارَ أَبْلَغُ مِنْهُ لِزِيَادَةِ بِنَائِهِ، وَالْأَحْسَنُ مَا قِيلَ مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَفَّارِ أَنَّ الْمُبَالَغَةَ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْكَيْفِيَّةِ، وَفِي الْغَفَّارِ بِاعْتِبَارِ الْكَمِّيَّةِ، وَلَعَلَّ إِيرَادَ كُلٍّ مِنْ أَبْنِيَةِ الْمُبَالَغَةِ مِنَ الرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ فِي الْأَسْمَاءِ التِّسْعَةِ وَالتِسْعِينَ لِتَأْكِيدِ أَمْرِهَا، وَالدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى عَظِيمُ الرَّحْمَةِ عَمِيمُهَا، كَبِيرُ الْمَغْفِرَةِ كَثِيرُهَا، وَالْإِشْعَارُ بِأَنَّ رَحْمَتَهُ أَغْلَبُ مِنْ غَضَبِهِ، وَغُفْرَانَهُ أَكْثَرُ مِنْ عِقَابِهِ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ وَصْفُ الْكَامِلِ لَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ، فَلَا يُوجَدُ فِيهِ صِفَةٌ عَلَى وَصْفِ النُّقْصَانِ. وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ فِي جَوَابِ الْإِشْكَالِ: الْمَشْهُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46] مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْمُبَالَغَةِ نَفْيُ أَصْلِ الْفِعْلِ، مَعَ أَنَّهُ مَنْفِيٌّ عَنْهُ تَعَالَى، لِمَا أَنَّ الظُّلْمَ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، أَوِ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، وَهُوَ الْمُحَالُ عَلَى الْمَلِكِ الْمُتَعَالِ بِأَنَّهُ إِنَّمَا أُورِدَ بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ تَعَالَى لَوْ كَانَ مَوْصُوفًا بِهِ لَكَانَ مَوْصُوفًا عَلَى وَجْهِ الْأَبْلَغِيَّةِ، فَلَزِمَ مِنْ نَفْيِ الْمُبَالَغَةِ نَفْيُ أَصْلِ الْفِعْلِ لِعَدَمِ انْفِكَاكِ وَصْفِهِ تَعَالَى عَنِ الْمُبَالَغَةِ، وَلِذَا لَا يَجُوزُ إِطْلَاقُ السَّامِعِ عَلَيْهِ تَعَالَى بِمَعْنَى السَّمِيعِ لِفَوَاتِ الْمُبَالَغَةِ وَأَمَّا قَوْلُ الْجَزَرِيِّ:

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1572
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست