responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1550
كَوْنُهُ الْخَبَرَ لِلْمُبَالَغَةِ كَرَجُلٍ عَدْلٍ (فَإِذَا خَرَجْنَا) : أَيْ: فَارَقْنَاهُ عَلَى وَصْفِ التَّفْرِقَةِ (مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ) : أَيْ: خَالَطْنَاهُمْ وَلَاعَبْنَاهُمْ وَعَالَجْنَا أُمُورَهُمْ وَاشْتَغَلْنَا بِمَصَالِحِهِمْ (وَالضِّيعَاتِ) : أَيِ: الْأَرَاضِي وَالْبَسَاتِينَ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: ضَيْعَةُ الرَّجُلِ مَا يَكُونُ مَعَاشُهُ بِهِ كَالزِّرَاعَةِ وَالتِّجَارَةِ وَنَحْوِهَا (نَسِينَا) : بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ عَافَسْنَا، أَوْ عَلَى جَوَابِ إِذَا، وَجُمْلَةُ عَافَسْنَا بِتَقْدِيرِ قَدْ حَالٌ، وَالْمَعْنَى نَسِينَا كَثِيرًا كَمَا فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ أَيْ: مَا ذُكِّرْنَا بِهِ وَقِيلَ: أَيْ: نِسْيَانًا كَثِيرًا.
(قَالَ أَبُو بَكْرٍ) : إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ وَذَكَرْتَ بَيَانَهُ (فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَلْقَى) : أَيْ: كُلُّنَا (مِثْلَ هَذَا) : أَيْ: مِنَ التَّفَاوُتِ فِي الْحَالِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ تَأْثِيرِ صُحْبَةِ أَهْلِ الْكَمَالِ (فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَمَا ذَاكَ؟) : أَيْ: وَمَا سَبَبُ ذَلِكَ الْقَوْلِ؟ (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ كَأَنَّا رَأْيَ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ نَسِينَا كَثِيرًا) . قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ: كَثِيرًا مِمَّا ذَكَّرْتَنَا بِهِ، أَوْ نِسْيَانًا كَثِيرًا كَأَنَّا مَا جَمَعْنَا مِنْكَ شَيْئًا قَطُّ، وَهَذَا أَنْسَبُ بِقَوْلِهِ: رَأَيَ عَيْنٍ. (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ تَدُومُونَ) : أَيْ: فِي حَالِ غَيْبَتِكُمْ مِنِّي (عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي) : أَيْ: مِنْ صَفَاءِ الْقَلْبِ وَالْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَهُ الطِّيبِيُّ، أَوْ مِنْ دَوَامِ الذِّكْرِ وَتَمَامِ الْحُضُورِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: (وَفِي الذِّكْرِ) : مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ: " عَلَى مَا تَكُونُونَ " عَطْفَ تَفْسِيرٍ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: عَطْفٌ عَلَى خَبَرِ كَانَ الَّذِي هُوَ عِنْدِي، وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: الْوَاوُ بِمَعْنَى (أَوْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ: مَا تَكُونُونَ، أَوْ عَلَى عِنْدِي أَيْ لَوْ تَدُومُونَ فِي الذِّكْرِ، أَوْ عَلَى مَا تَكُونُونَ فِي الذِّكْرِ وَأَنْتُمْ بُعَدَاءُ مِنِّي مِنَ الِاسْتِغْرَاقِ فِيهِ، (لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ) : قِيلَ: أَيْ: عَلَانِيَةً، وَإِلَّا فَكَوْنُ الْمَلَائِكَةِ يُصَافِحُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ حَاصِلٌ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَيْ: عَيَانًا فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ، وَإِنْ كُنْتُمْ (عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ) : أَيْ: فِي حَالَتَيْ فَرَاغِكُمْ وَشُغْلِكُمْ، وَفِي زَمَانِ أَيَّامِكُمْ وَلَيَالِيكُمْ؛ لِأَنَّكُمْ إِذَا كُنْتُمْ فِي الْحُضُورِ وَالْغَيْبَةِ عَلَى مَا ذَكَرْتُمْ كُنْتُمْ عَلَى أَكْمَلِ الْأَحْوَالِ دَائِمًا، وَمَنْ هُوَ كَذَلِكَ مَعَ الْمَوَانِعِ الْبَشَرِيَّةِ وَالْقَوَاطِعِ النَّفْسِيَّةِ يَرَى الْمَلَائِكَةَ مُتَبَرِّكِينَ بِهِ، مُعَظِّمِينَ لَهُ فِي كُلٍّ مِنَ الْأَمْكِنَةِ وَالْأَزْمِنَةِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: الْمُرَادُ الدَّوَامُ. (وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةٌ) : أَيْ: كَذَا يَعْنِي الْمُنَافَسَةَ (وَسَاعَةٌ) : أَيْ: كَذَا يَعْنِي الْمُعَافَسَةَ. وَفِي الْمَصَابِيحِ: سَاعَةٌ فَسَاعَةٌ.
قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: الْفَاءُ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ لِلْإِيذَانِ بِأَنَّ إِحْدَى السَّاعَتَيْنِ مُعَقَّبَةٌ بِالْأُخْرَى، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْوَاوِ اهـ. يَعْنِي لَا يَكُونُ الرَّجُلُ مُنَافِقًا بِأَنْ يَكُونَ فِي وَقْتٍ عَلَى الْحُضُورِ وَفِي وَقْتٍ عَلَى الْفُتُورِ، فَمِنْ سَاعَةِ الْحُضُورِ تُؤَدُّونَ حُقُوقَ رَبِّكُمْ، وَفِي سَاعَةِ الْفُتُورِ تَقْضُونَ حُظُوظَ أَنْفُسِكُمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: سَاعَةٌ وَسَاعَةٌ لِلتَّرْخِيصِ أَوْ لِلتَّحَفُّظِ لِئَلَّا تَسْأَمَ النَّفْسُ عَنِ الْعِبَادَةِ. وَحَاصِلُهُ أَنْ يَا حَنْظَلَةُ هَذِهِ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ مَشَقَّةٌ لَا يُطِيقُهَا كُلُّ أَحَدٍ فَلَمْ يُكَلَّفْ بِهَا، وَإِنَّمَا الذِّكْرُ يُطِيقُهُ الْأَكْثَرُونَ أَنْ يَكُونَ الْإِنْسَانُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ سَاعَةً، وَلَا عَلَيْهِ بِأَنْ يَصْرِفَ نَفْسَهُ لِلْمُعَافَسَةِ الْمَذْكُورَةِ وَغَيْرِهَا سَاعَةً أُخْرَى، وَأَنْتَ كَذَلِكَ فَأَنْتَ عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْكَ نِفَاقٌ قَطُّ كَمَا تَوَهَّمْتَهُ، فَانْتَهِ عَنِ اعْتِقَادِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِمَّا يُدْخِلُهُ الشَّيْطَانُ عَلَى السَّالِكِينَ، حَتَّى يُغَيِّرَهُمْ عَمَّا هُمْ فِيهِ، ثُمَّ لَا يَزَالُ يُغَيِّرُهُمْ كَذَلِكَ إِلَى أَنْ يَتْرُكُوا الْعَمَلَ رَأْسًا (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) : أَيْ: قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَالذِّكْرُ إِلَخْ. أَوْ قَوْلُهُ: وَلَكِنِ إِلَخْ. أَوْ قَوْلُهُ: سَاعَةٌ وَسَاعَةٌ، وَإِنَّمَا اخْتَارَ الطِّيبِيُّ الْأَخِيرَ لِتَحَقُّقِهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَحْقِيقِهِ، فَانْدَفَعَ قَوْلُ ابْنِ حَجَرِ، وَتَعْيِينُ الشَّارِحِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ.
أَقُولُ: وَنَظِيرُ هَذَا الْمَبْحَثِ وُقُوعُ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَ الْجَمْلِ، فَإِنَّهُ رَاجِعٌ عِنْدَ أَئِمَّتِنَا الْمُحَقِّقِينَ إِلَى الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ، بِخِلَافِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، فَإِنَّهُ يَعُودُ إِلَى جَمِيعِ مَا ذُكِرَ، كَمَا حَقَّقَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4]

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1550
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست