responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1438
لُغَةٌ صَحِيحَةٌ بِاعْتِبَارِ الْأَيَّامِ، أَوْ بِاعْتِبَارِ الْوَقْتِ وَالزَّمَانِ، وَيَكْفِي فِي صِحَّتِهَا ثُبُوتُ اسْتِعْمَالِهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (ثُمَّ أُتِيتُ) : عَلَى بِنَاءِ الْمَجْهُولِ أَيْ أَتَانِي آتٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ (فَقِيلَ لِي) : أَيْ: قَالَ لِي الْمَلَكُ (إِنَّهَا) : أَيْ: لَيْلَةَ الْقَدْرِ (فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: لِمَ خُولِفَ بَيْنَ الْأَوْصَافِ فَوَصَفَ الْعَشْرَ الْأَوَّلَ وَالْأَوْسَطَ بِالْمُفْرَدِ، وَالْأُخَرَ بِالْجَمْعِ؟ قُلْتُ: تَصَوَّرَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَجَمَعَهُ، وَلَا كَذَلِكَ فِي الْعِشْرِينَ، (فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ) : أَيْ: أَرَادَ الِاعْتِكَافَ (مَعِي) : قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: أَيْ: مَنْ أَرَادَ مُوَافَقَتِي، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالِاعْتِكَافِ مَنْ كَانَ مَعَهُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَّلِ وَالْأَوْسَطِ لِئَلَّا يَضِيعَ سَعْيُهُمْ فِي الِاعْتِكَافِ وَالتَّحَرِّي. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ، بَلْ لِإِفْهَامِهِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَكِفًا مَعَهُ أَوْلَى، (فَلْيَعْتَكِفِ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ) : قِيلَ: فَائِدَةُ الْجَمْعِ هُنَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنْهَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ بِخِلَافِ الْعَشْرِ الْأَوَّلِ وَالْأَوْسَطِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: وَالْأَمْرُ بِالِاعْتِكَافِ لِلدَّوَامِ وَالثَّبَاتِ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي بَعْضِ نُسَخِ مُسْلِمٍ: فَلْيَثْبُتْ مِنَ الثُّبُوتِ، وَفِي بَعْضِهَا فَلْيَلْبَثْ مِنَ اللُّبْثِ، وَفِي أَكْثَرِهَا: فَلْيَبِتْ فِي مُعْتَكَفِهِ مِنَ الْمَبِيتِ، وَكُلُّهُ صَحِيحٌ. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: قَدْ وَرَدَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اعْتَكَفَ فِي الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ، فَلَمَّا فَرَغَ أَتَاهُ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَقَالَ: " إِنَّ الَّذِي تَطْلُبُ أَمَامَكَ " يَعْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فَاعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْآخِرَ، وَعَنْ هَذَا ذَهَبَ الْأَكْثَرُ أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْآخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: فِي لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: فِي لَيْلَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ، فَلَا يُدْرَى أَيَّةُ لَيْلَةٍ هِيَ، وَقَدْ تَتَقَدَّمُ أَوْ تَتَأَخَّرُ، وَعِنْدَهُمَا كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهَا مُعَيَّنَةٌ لَا تَتَقَدَّمُ وَلَا تَتَأَخَّرُ. هَذَا النَّقْلُ عَنْهُمْ فِي الْمَنْظُومَةِ وَالشُّرُوحِ، وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ: وَفِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ أَنَّهَا تَدُورُ فِي السَّنَةِ تَكُونُ فِي رَمَضَانَ، وَتَكُونُ فِي غَيْرِهِ، فَجَعَلَ ذَلِكَ رِوَايَةً، وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فَإِنْ قَالَهُ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ عَتَقَ وَطُلِّقَتْ إِذَا انْسَلَخَ، وَإِنْ قَالَ بَعْدَ لَيْلَةٍ مِنْهُ فَصَاعِدًا لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَنْسَلِخَ رَمَضَانُ الْعَامَ الْقَابِلَ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا إِذَا جَاءَ مِثْلُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ مِنْ رَمَضَانَ الْآتِي قَالَ: وَفِيهَا أَقْوَالٌ أُخَرُ. قِيلَ: هِيَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: لَيْلَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَقِيلَ: تِسْعَ عَشْرَةَ. وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ لَيْلَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: لَيْلَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَأَجَابَ أَبُو حَنِيفَةَ عَنِ الْأَدِلَّةِ الْمُفِيدَةِ لِكَوْنِهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ بِأَنَّ الْمُرَادَ فِي ذَلِكَ رَمَضَانَ الَّذِي كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْتَمَسَهَا فِيهِ، وَالسِّيَاقَاتُ تَدُلُّ عَلَيْهِ لِمَنْ تَأَمَّلَ طُرُقَ الْأَحَادِيثِ وَأَلْفَاظِهَا، كَقَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِي تَطْلُبُ أَمَامَكَ، وَإِنَّمَا كَانَ يَطْلُبُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الِاسْتِقْرَاءُ، وَمِنْ عَلَامَاتِهَا أَنَّهَا بَلْجَةٌ أَيْ مُشْرِقَةٌ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. سَاكِنَةٌ لَا حَارَّةٌ وَلَا قَارَّةٌ، تَطْلُعُ الشَّمْسُ صَبِيحَتَهَا بِلَا شُعَاعٍ كَأَنَّهَا طُمِسَتْ، كَذَا قَالُوا. وَإِنَّمَا أُخْفِيَتْ لِيُجْتَهَدَ فِي طَلَبِهَا فَيُنَالُ بِذَلِكَ أَجْرُ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْعِبَادَةِ، كَمَا أَخْفَى - سُبْحَانَهُ - السَّاعَةَ لِيَكُونُوا عَلَى وَجَلٍ مِنْ قِيَامِهَا بَغْتَةً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَقَدْ أُرِيتُ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ الْمُتَكَلِّمِ (هَذِهِ اللَّيْلَةَ) : أَيْ: مُعَيَّنَةً (ثُمَّ أُنْسِيتُهَا) : وَفِي الْبُخَارِيِّ: أَوْ نُسِّيتَهَا بِضَمِّ النُّونِ وَتَشْدِيدِ السِّينِ، الْمُرَادُ نِسْيَانُ تَعْيِينِهَا فِي تِلْكَ السَّنَةِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: قِيلَ: وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي نِسْيَانِهَا أَنْ لَا يَشْتَغِلَ النَّاسُ بِتَعْظِيمِهَا، وَيَتْرُكُوا تَعْظِيمَ سَائِرِ اللَّيَالِي. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: الْمُرَادُ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِأَنَّهَا لَيْلَةُ كَذَا، ثُمَّ أُنْسِيَ مَا أَخْبَرَ بِهِ، وَالْمُخْبِرُ بِذَلِكَ جِبْرِيلُ، وَأَمَّا كَوْنُهُ اطَّلَعَ عَلَيْهَا فَرَآهَا فَأَمْرٌ مُحْتَمَلٌ. قُلْتُ: إِذَا كَانَ مُحْتَمَلًا فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمُرَادُ، قَالَ: ثُمَّ رَأَيْتُ الْقَفَّالَ مِنْ أَئِمَّةِ أَصْحَابِنَا، قَالَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ رَأَى مَنْ يَقُولُ لَهُ فِي النَّوْمِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَعَلَّهُ كَذَا، وَعَلَامَتُهَا كَذَا، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ رَأَى لَيْلَةَ الْقَدْرِ نَفْسَهَا لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُنْسَى أَيْ فِي صَبِيحَتِهَا. (وَقَدْ رَأَيْتُنِي) : أَيْ: فِي الْمَنَامِ، وَمِنْ خَصَائِصِ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ اتِّحَادُ فَاعِلِهَا وَمَفْعُولِهَا (أَسْجُدُ) : بِالرَّفْعِ حَالٌ، وَقِيلَ: تَقْدِيرُهُ أَنْ أَسْجُدَ أَيْ سَاجِدًا (فِي مَاءٍ وَطِينٍ) : أَيْ: عَلَى أَرْضٍ رَطْبَةٍ، وَلَعَلَّ أَصْلَهُ فِي مَاءٍ وَتُرَابٍ، وَسُمِّيَ طِينًا لِمُخَالَطَتِهِ بِهِ مَآلًا، وَلِلْإِيمَانِ إِلَى غَلَبَةِ الْمَاءِ عَلَيْهِ أَوْ لَا. وَمِنْهُ مَا رُوِيَ: كُنْتُ نَبِيًّا وَآدَمُ بَيْنَ الْمَاءِ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1438
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست