responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1414
مُؤَكِّدَاتٍ (نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ) وَذِكْرُ غَضَبِ اللَّهِ تَزْيِينٌ لِلْكَلَامِ وَتَعْيِينٌ بِأَنَّ غَضَبَهُ - تَعَالَى - يُوَافِقُ غَضَبَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (فَجَعَلَ عُمَرُ يُرَدِّدُ) أَيْ يُكَرِّرُ (هَذَا الْكَلَامَ) وَهُوَ رَضِينَا إِلَخْ (حَتَّى سَكَنَ غَضَبُهُ) عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ مَنْ) أَيْ حَالُ مَنْ (يَصُومُ الدَّهْرَ كُلَّهُ؟) أَيْ هَلْ هُوَ مَحْمُودٌ أَوْ مَذْمُومٌ، انْظُرْ حُسْنَ الْأَدَبِ حَيْثُ بَدَأَهُ بِالتَّعْظِيمِ، ثُمَّ سَأَلَ السُّؤَالَ عَلَى وَجْهِ التَّعْمِيمِ، وَلِذَا قِيلَ: حُسْنُ السُّؤَالِ نِصْفُ الْعِلْمِ (قَالَ: " لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ ") أَيْ لَا صَامَ صَوْمًا فِيهِ كَمَالُ الْفَضِيلَةِ وَلَا أَفْطَرَ فِطْرًا يَمْنَعُ جُوعَهُ وَعَطَشَهُ (أَوْ قَالَ: لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ) فِي شَرْحِ السُّنَّةِ مَعْنَاهُ الدُّعَاءُ عَلَيْهِ زَجْرًا لَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِخْبَارًا، قَالَ الْمُظْهِرُ: يَعْنِي هَذَا الشَّخْصُ كَأَنَّهُ لَمْ يُفْطِرْ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا وَلَمْ يَصُمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَمْرِ الشَّارِعِ، اهـ وَهَذَا كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ " «لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ» " وَأَمَّا خَبَرُ: " «مَنْ صَامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ هَكَذَا» " وَعَقَدَ تِسْعِينَ فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَجَعَلَهُ الْعُمْدَةُ فِي نَفْيِ الْكَرَاهَةِ الَّتِي قَالَ بِهَا بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ دَلِيلٌ لَهَا ظَاهِرُ الْفَسَادِ إِذْ مَعْنَى ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ أَيْ عَنْهُ فَلَا يَدْخُلُهَا أَوْ لَا يَكُونُ فِيهَا مَوْضِعٌ. وَقِيلَ: إِخْبَارٌ لِأَنَّهُ إِذَا اعْتَادَ ذَلِكَ لَمْ يَجِدْ رِيَاضَةً وَلَا كُلْفَةً يَتَعَلَّقُ بِهَا مَزِيدُ ثَوَابٍ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَصُمْ، وَحَيْثُ لَمْ يَنَلْ رَاحَةَ الْمُفْطِرِينَ وَلَذَّتَهُمْ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُفْطِرْ، قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ أَدْخَلَ الْمَنْهِيَّ فِي الصَّوْمِ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُدْخِلْهَا فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ فِي صَوْمِ مَا عَدَاهَا، لِأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ وَحَمْزَةَ بْنَ عُمَرَ الْأَسْلَمِيَّ كَانَا يَصُومَانِ الدَّهْرَ سِوَى هَذِهِ الْأَيَّامِ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ عِلَّةُ النَّهْيِ أَنْ يُكْرَهَ صَوْمُ الدَّهْرِ لِأَنَّ ذَلِكَ الصَّوْمَ يَجْعَلُهُ ضَعِيفًا فَيَعْجِزَ عَنِ الْجِهَادِ وَقَضَاءِ الْحُقُوقِ، فَمَنْ لَمْ يَضْعُفْ فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: يُكْرَهُ صَوْمُ الدَّهْرِ لِأَنَّهُ يُضْعِفُهُ أَوْ يَصِيرُ طَبْعًا لَهُ وَمَبْنَى الْعِبَادَةِ عَلَى مُخَالَفَةِ الْعَادَةِ (قَالَ: كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمَيْنِ وَيُفْطِرُ يَوْمًا؟) بِأَنْ يَجْعَلَ الْعِبَادَةَ غَالِبَةً عَلَى الْعَادَةِ " قَالَ: وَيُطِيقُ " بِتَقْدِيرِ الِاسْتِفْهَامِ أَيْ أَتَقُولُ ذَلِكَ وَيُطِيقُ " ذَلِكَ أَحَدٌ " فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي نَهْيِ صَوْمِ الدَّهْرِ هُوَ الضَّعْفُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهُ إِنْ أَطَاقَهُ أَحَدٌ فَلَا بَأْسَ فَهُوَ أَفْضَلُ (قَالَ) أَيْ عُمَرُ (كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا؟ قَالَ: " ذَلِكَ صَوْمُ دَاوُدَ ") يَعْنِي وَهُوَ فِي غَايَةٍ مِنِ الِاعْتِدَالِ، وَمُرَاعَاةٍ لِجَانِبَيِ الْعِبَادَةِ وَالْعَادَةِ بِأَحْسَنِ الْأَحْوَالِ، وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: اجْتَهِدْ فِي الْعِلْمِ بِحَيْثُ لَا يَمْنَعُكَ عَنِ الْعَمَلِ، وَاجْتَهِدْ فِي الْعَمَلِ بِحَيْثُ لَا يَمْنَعُكَ عَنِ الْعِلْمِ، فَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَاطُهَا، وَشَرُّهَا تَفْرِيطُهَا وَإِفْرَاطُهَا، وَكَذَا وَرَدَ: أَفْضَلُ الصِّيَامِ صِيَامُ دَاوُدَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَالَ: كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمَيْنِ؟) إِبْقَاءٌ لِلْبَدَنِ عَنِ الضَّعْفِ لِيَتَقَوَّى عَلَى سَائِرِ الْعِبَادَاتِ (قَالَ: " وَدِدْتُ ") بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ أَحْبَبْتُ وَتَمَنَّيْتُ " أَنِّي " مَعَ كَمَالِ قُوَّتِي " طُوِّقْتُ " عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ جَعَلَنِي مُطِيقًا " ذَلِكَ " أَيِ الصِّيَامَ الْمَذْكُورَ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ لَمْ تَشْغَلْنِي الْحُقُوقُ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى أَصُومَ، فَإِنَّهُ كَانَ يُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَكَانَ يُوَاصِلُ، وَقَالَ: أَبَيْتُ. . . الْحَدِيثَ اهـ وَفِيهِ أَنَّ السُّؤَالَ عَنِ الصِّيَامِ الْمَذْكُورِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْمُدَاوَمَةِ ذَلِكَ الْوِصَالُ، وَهَذَا بِظَاهِرِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِمَّا وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ: أَفْضَلُ الصِّيَامِ صِيَامُ دَاوُدَ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَفِيهِمَا أَيْضًا لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: أَيْ لَا أَفْضَلَ لَكَ لِأَنَّ صَوْمَ الدَّهْرِ أَفْضَلُ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا (ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ بَعْدِ ذَلِكَ الْجَوَابِ عَلَى جِهَةِ التَّفْضِيلِ وَالتَّبَرُّعِ مِنْ غَيْرِ السُّؤَالِ " ثَلَاثٌ " أَيْ صَوْمُ الْإِنْسَانِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَذَفَ التَّاءَ مِنْهَا نَظَرًا إِلَى لَفْظِ الْمُمَيِّزِ فَإِنَّهُ مُؤَنَّثٌ وَقِيلَ: بِحَذْفِ الْمَعْدُودِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: حَذَفَ التَّاءَ اعْتِبَارًا بِاللَّيَالِي الْكَشَّافِ، فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - " أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا " قِيلَ: عَشْرٌ ذَهَابًا إِلَى اللَّيَالِي، وَالْأَيَّامُ دَاخِلَةٌ مَعَهَا، وَلَا تَرَاهُمْ يَسْتَعْمِلُونَ التَّذْكِيرَ فِيهِ ذَاهِبِينَ إِلَى الْأَيَّامِ، يَقُولُ: صُمْتُ عَشْرًا وَلَوْ ذُكِرَتْ خَرَجَتْ مِنْ كَلَامِهِمُ اهـ وَنُوقِشَ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْآيَةِ مِنْ تَغْلِيبِ اللَّيَالِي ظَاهِرٌ لِأَنَّهَا مَعْدُودَةٌ مِنَ الْعِدَّةِ، وَفِي صُمْتُ عَشْرًا نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّ اللَّيَالِيَ لَا اعْتِبَارَ لَهَا فِي الصَّوْمِ بِوَجْهٍ لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُهُ، فَلَا وَجْهَ لَهُ فِيهَا، وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِأَنَّهُ لِمُلَابَسَةٍ بَيْنَهُمَا لَا سِيَّمَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إِدْرَاكِ جُزْءٍ مِنَ اللَّيَالِي فِي طَرَفَيْ بِيَوْمِ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1414
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست