responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1409
صَامَ عَنْهُ ثَلَاثُونَ رَجُلًا كُلُّ وَاحِدٍ يَوْمًا جَازَ، وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ لِلصَّلَاةِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: إِنَّهُ يُطْعِمُ عَنْهُ، وَقَالَ قَوْمٌ: يُصَلِّي عَنْهُ اهـ. فَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالِاتِّفَاقِ اتِّفَاقَ الشَّافِعِيَّةِ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الصَّوْمِ (رَوَاهُ) أَيْ: مَالِكٌ (فِي الْمُوَطَّأِ) وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَا يَرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَجْهُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ فَقَالَ: " لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتَ تَقْضِيهِ عَنْهَا؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: " فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ» قُلْنَا: الِاتِّفَاقُ عَلَى صَرْفِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي الصَّلَاةِ الدَّيْنُ، وَقَدْ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ فِي سُنَنِهِ الْكُبْرَى أَنَّهُ قَالَ: لَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَفَتْوَى الرَّاوِي عَلَى خِلَافِ مَرْوِيِّهِ بِمَنْزِلَةِ رِوَايَتِهِ لِلنَّاسِخِ، وَنَسْخُ الْحُكْمِ يَدُلُّ عَلَى إِخْرَاجِ الْمَنَاطِ عَنِ الِاعْتِبَارِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - نَحْوُهُ، أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَذَكَرَهُ مَالِكٌ بَلَاغًا فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ مَالِكٌ: لَمْ أَسْمَعْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَا مِنَ التَّابِعَيْنِ بِالْمَدِينَةِ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ أَمَرَ أَحَدًا يَصُومُ عَنْ أَحَدٍ وَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ اهـ. وَهَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ النَّسْخَ وَأَنَّهُ الْأَمْرُ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الشَّرْعُ، آخِرًا اهـ. وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «إِنَّ مِنَ الْبِرِّ بَعْدَ الْبِرِّ بِالْوَالِدَيْنِ أَنْ تُصَلِّيَ لَهُمَا مَعَ صَلَاتِكَ وَتَصُومَ لَهُمَا مَعَ صَوْمِكَ» " مَعَ أَنَّهُ حَدِيثٌ مُعْضَلٌ مُرْسَلٌ، قِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّهُ يَدْعُو لَهُمَا، قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ مِنْ مُتَأَخِّرِيِ الشَّافِعِيَّةِ: وَيَصِلُ لِلْمَيِّتِ ثَوَابُ كُلِّ عِبَادَةٍ فُعِلَتْ عَنْهُ وَاجِبَةً أَوْ مَنْدُوبَةً، وَكَتَبَ أَصْحَابُنَا الْحَنَفِيَّةُ خَاصَّةً عَلَى أَنَّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَجْعَلَ ثَوَابَ عَمَلِهِ لِغَيْرِهِ صَلَاةً أَوْ غَيْرَهَا، بَلْ عِبَارَةُ كَثِيرٍ مِنْهُمْ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ.

[بَابُ صِيَامِ التَّطَوُّعِ]
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
2036 - «عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ، وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلَّا ربَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَتْ: كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، وَكَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بَابُ صِيَامِ التَّطَوُّعِ
أَيْ: فِعْلُهُ تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى - عَنْ طَوْعٍ وَرَغْبَةٍ لَا عَنْ تَكْلِيفٍ مُرَتَّبٍ عَلَى رَهْبَةٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
2036 - (عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ: أَحْيَانًا (يَصُومُ) أَيِ: النَّفْلَ مُتَتَابِعًا (حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ) أَيْ: أَبَدًا، قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: الرِّوَايَةُ فِي نَقُولُ بِالنُّونِ وَقَدْ وُجِدَتْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالتَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ أَيْ: مَعْنَاهَا تَقُولُ أَنْتَ أَيُّهَا السَّامِعُ لَوْ أَبْصَرْتَهُ، (وَالرِّوَايَةَ) أَيْضًا بِنَصْبِ اللَّامِ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ فِي كَلَامِهِمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَفَعَ الْمُسْتَقْبَلَ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَيَجُوزُ بِيَاءِ الْغَائِبِ أَيْضًا أَيْ: يَقُولُ الْقَائِلُ اهـ. وَفِيهِ تَفْكِيكُ الضَّمِيرِ، وَاخْتُلِفَ فِي تَجْوِيزِهِ، وَالْأَظْهَرُ عَدَمُ جَوَازِهِ سِيَّمَا فِي جُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنَ الْكَلَامِ (وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ، «وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ» ) هَذَا بِمَنْزِلَةِ اسْتِثْنَاءٍ مِنَ الْكَلَامِ السَّابِقِ (إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ) ثَانِي مَفْعُولٍ رَأَيْتُ وَالضَّمِيرُ فِي (مِنْهُ) لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (صِيَامًا) تَمْيِيزٌ (فِي شَعْبَانَ) مُتَعَلِّقٌ بِصَامَ، وَالْمَعْنَى: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُومُ فِي شَعْبَانَ وَفِي غَيْرِهِ مِنَ الشُّهُورِ سِوَى رَمَضَانَ، وَكَانَ صِيَامُهُ فِي شَعْبَانَ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ فِيمَا سِوَاهُ كَذَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، وَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: قَوْلُهُ فِي شَهْرٍ يَعْنِي بِهِ غَيْرَ شَعْبَانَ، وَهُوَ حَالٌ مِنَ الْمُسْتَكِنَّ فِي أَكْثَرِ، وَفِي شَعْبَانَ حَالٌ مِنَ الْمَجْرُورِ فِي مِنْهُ الْعَائِدِ إِلَى الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ: مَا رَأَيْتُهُ كَائِنًا فِي غَيْرِ شَعْبَانَ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ كَائِنًا فِي شَعْبَانَ، مِثْلُ زَيْدٌ قَائِمًا أَحْسَنُ مِنْهُ قَاعِدًا، أَوْ كِلَاهُمَا ظَرْفٌ، الْأَكْثَرُ الْأَوَّلُ بِاعْتِبَارِ الزِّيَادَةِ، وَالثَّانِي بِاعْتِبَارِ أَصْلِ الْمَعْنَى، وَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِرُؤْيَتِهِ، وَإِلَّا يَلْزَمُ تَفْضِيلُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ بِاعْتِبَارِ حَالَةٍ وَاحِدَةٍ (وَفِي رِوَايَةٍ قَالَتْ: كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ) قِيلَ: أَيْ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ (كَانَ) وَفِي نُسْخَةٍ وَكَانَ (يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا) قَالَ النَّوَوِيُّ: الثَّانِي تَفْسِيرٌ لِلْأَوَّلِ، وَبَيَانُ قَوْلِهَا كُلَّهُ أَيْ غَالِبَهُ اهـ. وَهُوَ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ، حَمَلَهُ عَلَيْهِ قَوْلُهَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى " قَطُّ إِلَّا رَمَضَانَ " وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّهُ يَصُومَهُ كُلَّهُ فِي سَنَةٍ وَأَكْثَرَهُ فِي سَنَةٍ أُخْرَى فَالْمَعْنَى عَلَى الْعَطْفِ اهـ. وَهُوَ أَقْرَبُ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَقِيلَ: كَانَ يَصُومُ تَارَةً مِنْ أَوَّلِهِ وَتَارَةً مِنْ آخِرِهِ وَتَارَةً بَيْنَهُمَا، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَلَفَظُ (كُلَّهُ) تَأْكِيدٌ لِإِفَادَةِ الشُّمُولِ وَرَفْعُ التَّجَوُّزِ مِنَ احْتِمَالِ الْبَعْضِ، فَتَفْسِيرُهُ بِالْبَعْضِ مُنَافٍ لَهُ، وَلَوْ جُعِلَ كَانَ الثَّانِي وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ اسْتِئْنَافًا لِيَكُونَ بَيَانًا لِلْحَالَتَيْنِ حَالَةِ الْإِتْمَامِ وَحَالَةِ غَيْرِهِ، لَكَانَ أَحْسَنَ وَأَعْذَبَ، فَلَوْ عَكَفَ بِالْوَاوِ لَمْ يَحْمِلْ هَذَا التَّأْوِيلَ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 4  صفحه : 1409
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست